الوقت - أثار قرار تمديد ولاية فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، حتى عام 2028، موجة من الغضب في "إسرائيل" على المستويين الرسمي والإعلامي. ألبانيز، التي تشغل هذا المنصب منذ عام 2022، تم تعيينها مرة أخرى بعد تصويت من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يتألف من 47 دولة، ورغم الضغوط الكبيرة من المنظمات المؤيدة لـ"إسرائيل"، بما في ذلك محاولات من "إسرائيل"، المجر، والأرجنتين لعرقلة القرار، تمكنت ألبانيز من الاحتفاظ بمنصبها.
"إسرائيل" تهاجم بشدة تمديد الولاية
في رد فعل غاضب، وصف مندوب "إسرائيل" الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قرار تمديد ولاية ألبانيز بأنه "عار" و"بقعة أخلاقية سوداء على الأمم المتحدة"، وتكررت اتهامات دانون لها بـ "التحامل" و"معاداة السامية"، وهي تهمة أصبح يتم استخدامها بشكل روتيني من قبل "إسرائيل" ضد أي جهة أو شخصية تنتقد ممارساتها في الأراضي الفلسطينية، في منشور عبر منصة "إكس"، طالب دانون الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالتراجع عن قرار تمديد ولاية ألبانيز، زاعمًا أنها "تحمل آراء عنصرية" حسب تعبيره.
الهجوم الإعلامي الإسرائيلي
الصحافة الإسرائيلية كانت في صدارة الهجوم على ألبانيز، حيث وصفت صحيفة "معاريف" تمديد ولايتها بـ "اليوم الأسود لإسرائيل"، ووصفت المقررة الأممية بـ "الشيطانية"، كما أشارت الصحيفة إلى تصريحات سابقة لألبانيز، حيث اتهمت "إسرائيل" بالوقوف وراء هجوم باريس عام 2015، وشبّهت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ "أدولف هتلر"، ووصفت قطاع غزة بأنه "أكبر معسكر اعتقال في القرن الـ21".
أما صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد كتبت تقريرًا تحت عنوان "الأمم المتحدة تمدد للمبعوثة التي أنكرت جرائم حماس وشبّهت إسرائيل بالنازيين"، وركزت الصحيفة على تصريحات ألبانيز التي أكدت فيها "حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال"، واتهمت الولايات المتحدة بأنها "مستعبدة من قبل اللوبي الصهيوني".
من جهة أخرى، أشارت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إلى أحدث تقارير ألبانيز، الذي حمل عنوان "تشريح إبادة جماعية"، وخلص إلى أن "إسرائيل" تنفذ "عملية استعمار استيطاني تهدف إلى التطهير العرقي" في غزة، كما اعتبرت الصحيفة أن ألبانيز تمثل توجها أوسع داخل منظومة الأمم المتحدة، منحازًا ضد "إسرائيل".
دعم أممي لألبانيز: نبرة ثابتة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين
رغم الهجوم الإعلامي الإسرائيلي، تلقت ألبانيز دعمًا من بعض الأوساط الدولية، ففي تعليق لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، أعادت نشر تدوينة للكاتب والناشط الإيراني السويدي تريتا بانسي، الذي هنأها على أدائها الرائع، مشيدًا بثباتها في مواقفها رغم محاولات التشويه والتحريض ضدها، واعتبرت ألبانيز، في تصريحاتها، أن القرار يمثل استمرارًا لعملها الثابت في مجال حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذا الدعم من قبل الأمم المتحدة يساهم في تعزيز حقوق الفلسطينيين ويمنحها الزخم لمواصلة العمل في هذا الاتجاه.
تزايد الضغوط والانتقادات الإسرائيلية
منذ تولي ألبانيز منصبها، لم تتوقف محاولات "إسرائيل" وحلفائها من أجل عرقلة عملها، ليكس تاكنبرغ، المسؤول الأممي السابق الذي عمل مع ألبانيز، انتقد الحملة التي تقودها تل أبيب ضدها، مؤكدًا أن "إسرائيل" غالبًا ما ترد على أي انتقاد لسياساتها بمحاولات قمعها عبر أدوات سياسية وأيديولوجية، وأضاف تاكنبرغ إن المقررين الخاصين في الأمم المتحدة لا يخضعون لتأثيرات سياسية، ما يمنحهم الحرية الكاملة في التعبير عن الحقائق، وهو ما تفعله ألبانيز بشكل ثابت.
تحديات وأبعاد القرار
القرار الأممي بتمديد ولاية ألبانيز يتجاوز كونه مجرد تمديد لمنصب دبلوماسي، بل يشير إلى التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة في تحقيق العدالة لحقوق الفلسطينيين، وتشير بعض التقارير إلى أن "إسرائيل" ترى في مثل هذه القرارات تهديدًا لمصالحها السياسية والإستراتيجية، ما يعكس تصاعد التوترات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولا سيما تلك التي تدعم حقوق الفلسطينيين بشكل جاد.
كما أن استمرار ألبانيز في منصبها يعد إشارة قوية للمجتمع الدولي بأن المنظمات الأممية مستمرة في رصد ومتابعة الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، حتى في ظل الضغوط السياسية والإعلامية الموجهة ضدها.
في الختام يمكن القول إنه تمديد ولاية ألبانيز يشير إلى تمسك الأمم المتحدة بمواقفها المستقلة في مجال حقوق الإنسان، مهما كانت الضغوط، ويعكس في الوقت ذاته الاستمرار في التحقيق في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.