الوقت- مع استمرار عملية تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني على مدى أربع جولات في المرحلة الأولى، ظهر جلياً الفارق بين الحالة الجسدية والنفسية للأسرى الصهاينة والأسرى الفلسطينيين.
وفي الجولة الرابعة من عمليات تبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي، أطلق الأخير سراح 183 أسيراً فلسطينياً مقابل ثلاثة أسرى إسرائيليين.
معاملة المقاومة الإنسانية للأسرى الإسرائيليين في مواجهة الوحشية الصهيونية
ومن النقاط البارزة في قضية تبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي، والتي جذبت انتباه العديد من وسائل الإعلام العالمية، أن الأسرى الإسرائيليين كانوا بصحة جيدة تمامًا عند إطلاق سراحهم، على الرغم من احتجازهم لمدة 15 شهرًا في قطاع غزة المدمر والمحاصر، بكامل ملابسهم وكانوا في حالة بدنية وعقلية جيدة جدًا.
لكن في المقابل فإن مظهر الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال يظهر بوضوح الظروف المروعة التي يواجهونها في هذه السجون، وفي مقابلات مختصرة مع بعض الصحفيين، قال الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم إن الصهاينة لم يترددوا في استخدام أي وسيلة إجرامية لتعذيبهم جسدياً ونفسياً، وإن آثار هذا التعذيب ظاهرة بشكل واضح على أجساد هؤلاء الأسرى، وأن جميعهم يعانون من أمراض نفسية، وكان من الضروري نقلهم بسرعة إلى المستشفى بعد خروجهم.
في الصور الملتقطة قبل وبعد أسر هؤلاء الأسرى الفلسطينيين، يظهر بوضوح مقدار الوزن الذي فقدوه، ومدى تقدمهم في السن مع مرور السنين.
كما يتضح من الصور والمقاطع المنشورة في وسائل الإعلام والمقابلات التي أجراها الصحفيون مع أسرى فلسطينيين محررين، أن بعض هؤلاء الأسرى يعانون من صعوبة كبيرة حتى في المشي، وقد تم نقل العديد منهم مباشرة إلى المستشفى بعد الإفراج عنهم.
"عبد الرحمن حسن وشاح" هو أحد الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم في الجولة الثانية من المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، وقال الأسير الفلسطيني إنه دخل سجون العدو ووزنه 115 كيلوغراماً، ونتيجة التعذيب الشديد والتجويع انخفض وزنه إلى 55 كيلوغراماً.
وقال الأسير المحرر بهاء عويسات من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية أيضاً: "كنا نتعرض يومياً، وحتى الساعات الأخيرة قبل إطلاق سراحنا، للجوع والمرض وأبشع وأذل المعاملة".
هذا في حين أن الصور المنشورة للأسرى الإسرائيليين بعد الإفراج عنهم، والذين ظلوا محتجزين لمدة 15 شهراً في خضم الحرب المدمرة في قطاع غزة، تظهر أنهم يتمتعون بصحة جيدة مع المعاملة الإنسانية التي أظهرها لهم المقاومون.
وقال الأسرى الصهاينة المحررون في مقابلات صحفية: إن الشيء الوحيد الذي كان يخيفهم أثناء أسرهم في غزة هو الهجمات والقصف الإسرائيلي، وإنهم كانوا يخافون من القتل في هجمات الجيش الإسرائيلي.
ادعت صفحات تابعة لمجلس الوزراء والجيش الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الأسيرات الإسرائيليات الأربع المفرج عنهن في الجولة الثانية من المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، أعطين منشطات ومخدرات لجعلهن يظهرن سعيدات في الأسر قبل إطلاق سراحهن، لكن أطباء جيش الاحتلال الإسرائيلي أكدوا بعد الفحص بطلان هذا الادعاء، كما أكدت الأسيرات الإسرائيليات أنفسهن أنهن لم يتلقين أي منشطات أو أدوية طوال فترة أسرهن.
ونشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم صورا لأسرى فلسطينيين وصهاينة، وقارنوا بين أوضاعهم، مؤكدين أن الفارق بين الأخلاق الإنسانية للمقاومة وسلوك الإسرائيليين الوحشي في تعاملهم مع الأسرى واضح تماما.
كما أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن غضبها إزاء معاملة الكيان الإسرائيلي للأسرى الفلسطينيين أثناء الإفراج عنهم يوم السبت، لأن هؤلاء السجناء تم إطلاق سراحهم وهم مقيدين وفي حالة مؤلمة للغاية.
الصليب الأحمر غاضب من المعاملة الوحشية التي يتلقاها الأسرى الفلسطينيون من قبل الصهاينة
وذكرت صحيفة هآرتس العبرية نقلا عن مصدر أمني صهيوني لم تكشف هويته: "الصليب الأحمر غاضب للغاية من طريقة تعامل مصلحة السجون الإسرائيلية مع الأسرى الفلسطينيين أثناء إطلاق سراحهم من سجن كاتسيوت، وما أثار غضب الصليب الأحمر أكثر من أي شيء آخر هو أن السجناء الفلسطينيين تم إخراجهم من السجن وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
وأكدت صحيفة هآرتس نقلا عن المصدر الأمني ذاته: أن الصليب الأحمر تقدم بشكوى إلى مصلحة السجون الإسرائيلية، متسائلا عن سبب إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجن وأيديهم مقيدة فوق رؤوسهم وبمثل هذا السلوك المهين واللاإنساني.
وذكر التقرير أن مصلحة السجون الإسرائيلية هددت الأسرى الفلسطينيين عند إطلاق سراحهم، وكان مكتوب على الأساور التي تم توزيعها عليهم: "سنلاحق أعداءنا ونستعيدهم"، تعبر هذه العبارة عن نية إسرائيل اغتيال أو إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين.
وقال زيفون فريدمان، المتحدث باسم إدارة السجون الإسرائيلية: إن حراس السجون الإسرائيليين يتعاملون مع أسوأ أعداء "إسرائيل"، رداً على شكوى الصليب الأحمر بشأن معاملة السجناء الفلسطينيين.
ووصف المتحدث باسم إدارة سجون الاحتلال الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم بـ"الإرهابيين الخطيرين"، وأن حراس السجن تعاملوا معهم على هذا الأساس حتى اللحظة الأخيرة.
كما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأورومتوسطية في بيان لها بهذا الشأن: "أن الوضع المزري الذي يعيشه الأسرى الفلسطينيون بعد إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية ضمن صفقة تبادل الأسرى يعكس الظروف الصعبة التي عاشها هؤلاء الأسرى أثناء اعتقالهم، بما في ذلك "التعذيب المروع والأمراض المختلفة".
وأفادت المنظمة بأن الأوضاع في سجون الاحتلال للأسرى الفلسطينيين تدهورت بشكل ملحوظ بعد الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتعرض الأسرى للتعذيب الشديد والتجويع المتعمد والحجز في الحبس الانفرادي لفترات طويلة وجميع أنواع سوء المعاملة؛ دون أي مبرر لذلك، هؤلاء الأسرى الذين تم الإفراج عنهم ضمن اتفاق تبادل الأسرى تعرضوا للتعذيب والضرب حتى اللحظة الأخيرة وتم الإفراج عنهم وسط الشتائم والإهانة.
وحسب التقرير، فإن الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم قالوا إن الظروف التي واجهوها في السجون الإسرائيلية كانت مروعة للغاية، بل إن السجون الإسرائيلية كانت في الواقع مقابر حية، وهذا الوضع تجسيد واضح للسياسات الإسرائيلية الوحشية الممنهجة التي تهدف إلى إلحاق أقصى درجات الألم والمعاناة بالأسرى الفلسطينيين، وهو ما يشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي.