الوقت- في خضم وقف إطلاق النار اللبناني، أمضى سكان منطقة البقاع في لبنان أمس وهم يستمعون إلى صوت طلق ناري غريب، وبعد ساعات، أُعلن عن اغتيال المسؤول في حزب الله الشيخ محمد حمادي واستشهاده أمام منزله في بلدة مشغرة في منطقة "البقاع الغربي".
وذكرت قناة الجزيرة أن مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين مدنيتين ودراجة نارية أطلقوا النار على حمادي، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، وأضافت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: "بعد تنفيذ عملية الاغتيال هذه، فرّ المسلحون إلى جهة مجهولة، وتم نقل حمادي إلى إحدى مستشفيات المنطقة لإنقاذه، إلا أنه فارق الحياة متأثراً بجراحه الخطيرة".
بصمة "إسرائيل" في هذا العمل الإرهابي
هناك نقطتان مهمتان في قضية اغتيال هذا المسؤول في حزب الله، يمكن من خلالهما تحديد بصمات "إسرائيل" في هذه الحادثة:
عملية تتماشى مع هدف تل أبيب: حسب مصادر لبنانية، كان حمادي مسؤولاً عن "قطاع مشغرة" لحزب الله اللبناني في البقاع الغربي، ولذلك فإن اغتياله قد يكون أحد الأهداف المرجوة بالنسبة للصهاينة، الذين وضعوا اغتيال مسؤولي حزب الله على أجندتهم خلال العام الماضي، بالتزامن مع الحرب في غزة، وبناء على ذلك، فإن عملية اغتيال هذا المسؤول في حزب الله تندرج في إطار الأهداف التي تسعى "إسرائيل" إلى تحقيقها.
طريقة الاغتيال: كما أفادت مصادر لبنانية بأن ملثمين أقدموا على اغتيال المسؤول في حزب الله بأربع رصاصات على الأقل في صدره، ثم فروا من المكان، وتعتبر طريقة الاغتيال باستخدام مسدس ثم الفرار من مكان الحادث، والتي تتم غالباً على دراجة نارية، من الطرق المعروفة التي يستخدمها عملاء الموساد، وفي هذا السياق تتجه أصابع الاتهام أيضاً إلى الصهاينة.
ماذا يستفيدون من الإرهاب؟
ونظراً للبصمة الصهيونية الواضحة في عملية اغتيال مسؤول حزب الله اللبناني مؤخراً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي الفائدة التي تعود على تل أبيب من هذه العملية الإرهابية:
خلق حالة من انعدام الأمن: إن نشر حالة انعدام الأمن من خلال الاغتيال هو أحد الأهداف الأولية والأكثر جوهرية التي يمكن أن تحققها عملية اغتيال مسؤول في حزب الله بالنسبة لـ"إسرائيل"، في الواقع، يبدو أنه في حين فشل الصهاينة في تحقيق أهدافهم المرجوة في لبنان لإضعاف حزب الله من خلال الحرب والاحتلال، فقد تبنوا الآن سياسة انعدام الأمن والإرهاب في لبنان من أجل جعل المجتمع اللبناني يبدو وكأنه مجتمع غير آمن، ومن المؤكد أن أعداء لبنان والصهاينة لن يكتفوا بعملية الاغتيال الأخيرة، بل سيلجؤون في المستقبل القريب إلى أعمال تخريبية أخرى لزعزعة الاستقرار وخلق حالة من انعدام الأمن في لبنان، وفي هذه الحالة فإن اليقظة مطلوبة، حيث إن موقف الحكومة اللبنانية والسلطات الأمنية والعسكرية سيكون حاسماً للغاية، وهو أمر حيوي.
تفاقم الانقسامات الداخلية: إن العمليات الإرهابية في أي مجتمع من شأنها أن تخلق الانقسامات والسخرية بين المجموعات الداخلية المختلفة، ولا شك أن اغتيال مسؤول في حزب الله اللبناني من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى السخرية والشك بين حزب الله ومجموعات المعارضة الأخرى.
إن خلق الانقسام في المجتمع اللبناني يعد من أهم أهداف الكيان الصهيوني، وفي الواقع، تدرك تل أبيب جيداً أن الأهداف المرجوة لن تتحقق في حالة توحد كل المجموعات السياسية، بل عندما تواجه مجموعات لبنانية مختلفة بعضها بعضاً، واغتيال مسؤول في حزب الله أيضاً جزء من هدف تل أبيب، من شأنه أن يؤدي إلى إحداث شرخ في البلاد، ويعتبر من أهم مكونات المجتمع السياسي والديني في لبنان.
استعراض للقوة في وجه الخصوم: إن اغتيال مسؤول في حزب الله اللبناني يحمل أيضاً رسالة مهمة إلى خصوم "إسرائيل" في لبنان، وتعلم تل أبيب أنها بتنفيذها هذا الاغتيال ستخلق أجواء من الخوف والرعب في الأجواء السياسية اللبنانية، وأن ثمن معارضة تل أبيب في لبنان سيكون باهظاً.
ومن ناحية أخرى، تتم عمليات الاغتيال في لبنان على يد قوات تابعة للصهاينة وعملائهم، وفي لبنان، فإن المجموعة السياسية الأقرب إلى الصهاينة هي حزب القوات اللبنانية، أو المعروف رسميًا باسم حزب الكتائب، المعروف سابقًا باسم حزب الكتائب اللبناني، وهو حزب يميني متطرف يترأسه حاليًا سمير جعجع، السياسي المثير للجدل والمقرب من تل أبيب.
خلال الحرب الأهلية اللبنانية، خاض حزب الكتائب معارك شوارع ضد منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، ويعتبر حليفًا سياسيًا لـ"إسرائيل"، في عام 1982 مهد أرييل شارون الطريق أمام الكتائب للوصول إلى السلطة من خلال محاصرة بيروت، ومنذ ذلك الحين يوصف حزب الكتائب والقوات اللبنانية دائماً بأنهما عميلان مقربان من تل أبيب ومتحالفان معها.
ويعتبر حزب الكتائب اللبناني الآن أحد المتهمين في اغتيال المسؤول في حزب الله، وليس من المستبعد أن يكون عملاء الكتائب، باعتبارهم منفذين لأهداف "إسرائيل" في لبنان، هم من نفذوا عملية اغتيال المسؤول في حزب الله، إن هذه العملية الاغتيالية تحقق أهداف الكتائب وتتوافق مع أهداف الصهاينة، ومن هنا فإن التحالف بين الكتائب والصهاينة في اغتيال مسؤول حزب الله يبدو واضحاً جداً.