الوقت- آخر صورة للدكتور حسام أبو صفية، رئيس مستشفى كمال عدوان، قبل أسره على يد الاحتلال الإسرائيلي، وهو يسير بين أنقاض مستشفاه باتجاه دبابات العدو، تجسد حال غزة بأكملها: رجل أعزل في مواجهة جيش مدجج بالسلاح، طبيب غزة الصامد.. قتلت "إسرائيل" النازية ابنه وأحرقت مشفاه واعتقلته صامدا، الطبيب الذي واصل قيادة فريقه الطبي رغم قصف عنيف شهده المستشفى على مدار 3 شهور من توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي لمحافظة شمال غزة.
الدكتور حسام أبو صفية، المدير الشجاع لمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، كان هدفًا دائمًا للهجمات البرية والجوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب الإبادية على القطاع قبل ثلاثة أشهر. وفي ظل الحصار الجائر، اعتُقل يوم الجمعة مع عدد من المرضى وأفراد الطاقم الطبي إثر هجوم وحشي غير مسبوق شنه الاحتلال على المستشفى.
وقد دفع أبو صفية ثمنا شخصيا باهظا عندما فقد نجله إبراهيم في اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى في الـ26 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وعلى الرغم من الحزن الذي اعتصر قلبه، أصرّ على أداء صلاة الجنازة على نجله وسط زملائه في المستشفى، متحاملا على جراحه النفسية والجسدية، بينما استمرت أصوات القصف والانفجارات من حوله، و لم يتوقف أبو صفية عن مناشدة العالم لإنقاذ مستشفى كمال عدوان من الانهيار والتدمير، في ظل مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف محيطه بالقصف والتفجيرات ليلا ونهارا.
وفي الـ 24 من نوفمبر/تشرين الثاني، تعرض الدكتور أبو صفية لإصابة نتيجة قصف استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى، ورغم حاجته للرعاية الطبية، أصرّ على التنقل بين المصابين، مطمئنا على أوضاعهم وممارسا عمله.
الدكتور البطل: رمز للمقاومة التاريخية في وجه الظلم
في آخر صورة انتشرت قبل اعتقاله، ظهر الدكتور أبو صفية مرتديًا زيه الطبي الأبيض، يسير وسط أنقاض المستشفى متوجهًا نحو دبابات الاحتلال، وسط الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الاحتلال في شمال غزة، وخاصة في مستشفى كمال عدوان، برز اسمه رمزًا للمقاومة، ورغم الظروف الكارثية، وفقدانه ابنه في هجمات الاحتلال، واصل أداء واجبه الإنساني حتى لحظة اعتقاله.
بالنسبة للكيان الإسرائيلي، لا يشفع الرداء الأبيض لتجنيب الطبيب مرارة الاعتقال مثله مثل أي مجرم خطير، والتهمة أنه طبيب، فلا تهمة أخرى تلفّق لمن رفض التخلي عن إنسانيته مع أهل غزة.
وفي مشهد مؤلم، خرج أبو صفية بردائه الأبيض، محاطا بجنود إسرائيليين مدججين بالسلاح، ليتم اعتقاله تحت تهديد السلاح.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة تظهر أبو صفية مرتديا زي الطب، يمشي وسط ركام المستشفى والمنازل، محاطا بآليات عسكرية، في لحظة تختزل مأساة غزة وصموده في وجه الإبادة لإنقاذ حياة المصابين والمرضى.
تعليقا على اعتقال أبو صفية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، في بيان: "نودّع العام بصورة رجل ما هزّته دولة نووية، ولا أخافته دبابات فولاذية، يضطر للذهاب لمصيره بقدميه الحافيتين، وكل حبة تراب تحتها تقبل ملامسه".
وأضاف واصفا الصورة التي وثّقت الاعتقال المخزي لجيش "إسرائيل" بحق طبيب سلاحه أدوات إنقاذ حياة الآخرين: "صورة خذلان ملياري مسلم، صورة هوان 450 مليون عربي، صورة تآمر كوكب كامل على بقعة صغيرة اسمها غزة".
وتابع القدرة: "ننهي عاما من الحزن، ونفتتح عاما من القهر، هذا لسان حال طبيب الإنسانية حسام أبو صفية".
وداع مشرف لمستشفى كمال عدوان
على الرغم من الهجمات الممنهجة التي تعرض لها المستشفى برًا وجوًا طوال الأشهر الثلاثة الماضية، وإصابته شخصيًا عدة مرات، واصل الدكتور أبو صفية مع زملائه في الطاقم الطبي تقديم الرعاية الإنسانية خلال واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ غزة.
تحذيرات متجاهَلة وكارثة متوقعة
قبل أيام من الاعتقال، حذر الدكتور أبو صفية من وضع الاحتلال متفجرات عند بوابات المستشفى، ما قد يتسبب في كارثة غير قابلة للإصلاح، لكن العالم لم يتحرك لإنقاذ المرضى والمصابين، حتى وقع الهجوم يوم الجمعة، حيث أحرق الاحتلال المستشفى واعتقل المرضى والطاقم الطبي، واقتاد الدكتور أبو صفية إلى جهة مجهولة.
مشهد خيانة 2 مليار مسلم و450 مليون عربي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الاحتلال أجبر الدكتور أبو صفية على خلع زيه الطبي بعد اعتقاله، وتعرض لتعذيب شديد قبل نقله إلى جهة غير معلومة، وصف الناطق باسم الوزارة، أشرف القدرة، الصورة الأخيرة لأبو صفية بأنها رمز لإنسان واجه دبابات العدو بقدميه الحافيتين، معبرًا عن خذلان العالم لغزة.
"وحيد كغزة"
وصف المغردون الصورة الأخيرة للدكتور أبو صفية بأنها تلخص حال غزة: رجل وحيد بلا سلاح يواجه جيشًا مدججًا، أُطلق عليه لقب "أبو المرضى"، نظرًا لتفانيه في خدمة الجرحى رغم استهدافه المتكرر وفقدانه لابنه وتدمير المستشفى، الصورة التُقطت بواسطة المصور الفلسطيني مهند المقيد، الذي وصفها بأنها "رجل في مواجهة جيش كامل."
دعوات لإنقاذ الدكتور أبو صفية
طالب النشطاء بإطلاق حملة لدعم الدكتور أبو صفية والطاقم الطبي المعتقل، ودعوا لاتخاذ خطوات قانونية وإعلامية لضمان حمايته والإفراج عنه، أكدوا أن حياته في خطر حقيقي، وأن العالم يتحمل مسؤولية التحرك لإنقاذه.
ختام القول
عندما قتلت قوات الاحتلال الاسرائيلي البطل الشجاع السنوار خرج الاحتلال محتفلاً ظناً منه أنه قضى على المقاومة لكن الدكتور أبو صفية أثبت للكيان الصهيوني ولداعميه أن كل فلسطيني هو سنوار في مجال عمله، فكل زيتونة ستنجب طفلا ومحال أن ينتهي الزيتون!!