الوقت - تأسست المستشفيات لتكون مراكز للشفاء، ولكن حاليًا، تواجه ثلاث مستشفيات في شمال غزة حصارًا وهجمات من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ويستمر القصف في محيط هذه المنشآت بينما تشن "إسرائيل" هجومًا جديدًا ضد مقاتلي حماس، الذين تدعي أنهم تجمعوا بالقرب من المستشفيات.
في ظل هذه الأوضاع، يكافح الطاقم الطبي لتقديم الرعاية لعدد متزايد من المصابين، بينما تستمر أجواء الحرب في السيطرة على المكان.
شهدت هذه المستشفيات استهدافًا مكثفًا لم يُشاهد مثله في الحروب الحديثة، حيث تتعرض المرافق الطبية عادةً لهجمات خلال النزاعات، إلا أن المعتدين غالبًا ما يصفون تلك الحوادث بأنها عرضية بسبب الحماية الخاصة التي تتمتع بها المستشفيات وفقًا للقانون الدولي.
منذ بدء حملتها على غزة قبل عام، زادت "إسرائيل" من هجماتها على المستشفيات، حيث فرضت حصارًا ومداهمات على ما لا يقل عن عشرة مستشفيات في القطاع، وتعرضت العديد من المستشفيات الأخرى للقصف أيضًا.
وتقول "إسرائيل" إن هذا ضروري من الناحية العسكرية لتحقيق هدفها في القضاء على حماس بعد هجمات الـ7 من أكتوبر 2023، وتدعي أن حماس تستخدم المستشفيات كمراكز قيادة وتحكم للتخطيط للهجمات، وملاذات للمقاتلين، ومخابئ للرهائن، وتجادل بأن هذا يُبطل الحماية الممنوحة للمستشفيات.
وكان من أبرز تلك العمليات، اقتحام "إسرائيل" مرتين لمستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهي أكبر منشأة طبية في القطاع.
وكشفت وكالة أسوشيتد برس، الأحد، أن “إسرائيل” لم تقدم أدلة تذكر على وجود مقاتلي حركة حماس في المستشفيات المستهدفة بقطاع غزة”.
جاء ذلك في تحقيق أجرته الوكالة الأمريكية على مدار أشهر جمعت خلاله شهادات عن الغارات التي شنتها “إسرائيل” التي استهدفت مستشفيات العودة والإندونيسي وكمال عدوان بقطاع غزة، تخللها مقابلات مع أكثر من 30 مريضاً وشهوداً وعاملين في المجال الطبي والإنساني، فضلاً عن مسؤولين إسرائيليين.
وخلص التحقيق إلى أن الاحتلال لم يقدم أدلة تذكر على وجود مقاتلي حماس في تلك الحالات”.
وذكرت أسوشيتد برس أن مكتب المتحدث العسكري الإسرائيلي رفض التعليق على قائمة بحوادث مرتبطة بهجمات إسرائيلية على مستشفيات في قطاع غزة.
ونقلت الوكالة عن المكتب قوله إنه “لا يستطيع التعليق على أحداث محددة”.
أسوشيتد برس تفضح الاحتلال أنه يتعمد إحراق مستشفيات غزة، وتضمنت قائمة المستشفيات المستهدفة مجمع الشفاء الطبي والمعمداني والقدس والرنتيسي والإندونيسي والعودة وكمال عدوان، وهي المشافي الرئيسية في محافظتي غزة والشمال، إضافة إلى مستشفيات أخرى في جنوب القطاع ووسطه.
وأشار التحقيق إلى تقارير الأمم المتحدة التي تؤكد أن "إسرائيل" تتبع سياسة منهجية لتدمير النظام الصحي في غزة، حيث وصفت الأفعال الإسرائيلية بأنها "عقاب جماعي ضد الفلسطينيين".
وذكر تحقيق "اسوشيتد برس" أن هذا الوضع أدى إلى نشر الخوف بين المرضى، حيث باتت المستشفيات تُعتبر أماكن للموت بدلًا من الشفاء، ما يغير مفهوم الأمان الذي يجب أن تحظى به هذه المرافق.
أفاد مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، حسام أبو صفية، بأن الطابق المخصص لإيواء الأطفال تعرض لقصف شديد، ما أسفر عن إصابات خطيرة بين الأطفال.
وأضاف أبو صفية: "نتعرض لحرب إبادة جماعية داخل المستشفى".
وأشار إلى أن المستشفى يستضيف 120 جريحًا، بينهم 19 طفلًا و4 حديثي الولادة، موضحًا أن قسم العناية المركزة ممتلئ بالحالات الحرجة.
كما أوضح أن سطح المستشفى وخزانات المياه وساحته تعرضت للقصف بأكثر من أربع قذائف.
وأكد أبو صفية أن المستشفى تعرض لقصف إسرائيلي كثيف خلال زيارة وفد من منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، قائلًا: "هذا يدل على إمعان في إذلال المنظمات".
وأضاف: "كنا نطلب من منظمة الصحة حمايتنا، فإذا بوفدها يتعرض معنا للقصف"، مناشدًا العالم بالتدخل لحماية المستشفى من الاستهداف الإسرائيلي المتواصل.
وفي سياق متصل، أفاد مراسل الجزيرة بأن مدفعية الاحتلال استهدفت محيط مستشفى العودة في مخيم جباليا شمال القطاع، كما تعرض سور وبوابة مستشفى الإندونيسي شمال غزة لهجمات من مسيّرات الاحتلال.
يذكر أن الجيش الإسرائيلي قد انسحب من مستشفى كمال عدوان في الـ 26 من أكتوبر الماضي، مخلفًا وراءه شهداء ودمارًا واسعًا داخل المستشفى وخارجه، بعد اقتحامه لنحو 24 ساعة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ منذ الـ 5 من أكتوبر قصفًا غير مسبوق على مناطق شمال القطاع، مدعيًا أن الهدف هو "منع حركة حماس من استعادة قوتها"، بينما يرى الفلسطينيون أن "إسرائيل" تسعى لاحتلال المنطقة وتهجير سكانها.
وأدى الهجوم المتزامن مع حصار مشدد إلى خروج مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة، كما توقف عمل خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية وأخرجها عن الخدمة، ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الشهر الأخير، عدة مرات مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي واليمن السعيد في شمال قطاع غزة، في إطار حملة إبادة جماعية ينفذها بالمنطقة منذ 30 يوماً.
وفي الـ26 من أكتوبر الماضي، انسحب جيش الاحتلال من مستشفى كمال عدوان شمال غزة، بعد اقتحامها على مدار يومين، مخلفا شهداء وجرحى فلسطينيين ودمارا واسعا داخله وخارجه بعد اقتحامه الجمعة.
كما احتجز جيش الاحتلال خلال اقتحامه للمستشفى مئات المرضى والطواقم الطبية والنازحين بداخله، وأخضع مديره د. حسام أبو صفية للتحقيق.
وبدعم أمريكي، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، إبادة جماعية على غزة خلّفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ويواصل جيش الاحتلال مجازره متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
