الوقت- وُلد أبو إبراهيم في عام 1962 في مخيم للاجئين في خان يونس، بعد عدة سنوات من تهجير عائلته خلال تأسيس الكيان الصهيوني في عام 1948، وكان اسمه الحقيقي "يحيى السنوار"، الذي أصبح في السنوات اللاحقة رمزًا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية.
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي السنوار قبل عدة أيام، بعد عام من الحرب غير المتكافئة، وعلى الرغم من القصف المكثف الذي تعرضت له غزة.
خلال فترة مراهقته وشبابه، قضى السنوار 23 عامًا في السجون الإسرائيلية بسبب جهوده في سبيل تحرير فلسطين، وقد اعتبرت المصادر الصهيونية أنه كان مبتكر عملية ال 7 من أكتوبر 2023 المعروفة بعملية "طوفان الأقصى"، وقد أدت هذه العملية إلى انهيار الهيمنة المعلوماتية والأمنية للکيان الإسرائيلي في أقل من ساعات، ما دفع العالم مجددًا لفتح عينيه على فلسطين، وحق الفلسطينيين في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
تولى يحيى السنوار قيادة حركة حماس منذ شهرين، بعد استشهاد إسماعيل هنية، ويُطرح الآن تساؤلٌ ملحٌ حول الاتجاه الذي ستسلكه حماس بعد استشهاد السنوار.
هل سيكون هناك تراجع؟
كانت أولى ردود الفعل على استشهاد يحيى السنوار من قبل القادة الغربيين، تتمحور حول تصور إمكانية تحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
وفي هذا السياق، ادعى جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، أن آفاق وقف إطلاق النار أصبحت أقرب من أي وقت مضى، في حين تحدثت صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلاً عن بعض الأوساط العبرية، عن ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار بعد استشهاد السنوار.
ومع ذلك، فإن حركة حماس، تحت قيادة السنوار، أكدت في عدة مناسبات على قبولها وقف إطلاق النار، مشروطا بخروج كامل للاحتلال من غزة، وبعد استشهاد السنوار، أعلنت قيادات حماس في بيانٍ لها أن الحركة لن تتراجع عن شروطها، وستظل متمسكةً بخروج كامل لقوات الاحتلال من غزة قبل أي اتفاق لوقف إطلاق النار.
وبناءً عليه، فإن أي تراجع من حماس عن مواقفها بعد استشهاد السنوار يبدو غير ممكن، حيث تواصل حماس التأكيد على أن خروج الاحتلال من غزة، هو الشرط الأساسي لوقف إطلاق النار.
وبالتالي، لا يُتوقع حدوث أي تغيير في مواقف حماس بعد السنوار، بالإضافة إلى أن خيارات قيادة حماس بعد السنوار، بما في ذلك شقيقه محمد السنوار في غزة، أو خليل الحية من كبار المسؤولين في حماس في قطر، لا تزال تؤكد على المقاومة ضد الاحتلال.
السنوار أم نتنياهو: من کان العقبة أمام وقف إطلاق النار؟
من جهة أخرى، يُعتبر الكيان الصهيوني أكبر عقبة أمام تحقيق وقف إطلاق النار في غزة حتى الآن، فقد رفض نتنياهو حتى اللحظة أي قبول لوقف إطلاق النار، مستمرًا في عمليات القتل في غزة، وهذا يتعارض مع السرد الغربي ومزاعم الجماعات الصهيونية، التي سعت من خلال الحرب النفسية إلى تصوير يحيى السنوار كعائق أمام وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، وبعد أيام قليلة من استشهاد السنوار، وعلى الرغم من الادعاءات المتكررة من الكيان الصهيوني بأن "يحيى السنوار"، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، هو من يمنع وقف إطلاق النار، فقد نفى دبلوماسيون مطلعون هذه الادعاءات.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" نقلاً عن هؤلاء الدبلوماسيين أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، هو من يعوق أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وليس السنوار.
وقد أفاد الدبلوماسيون المشاركون في المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة، للصحيفة، بأن "نتنياهو قد عرقل اتفاق وقف إطلاق النار مرارًا وتكرارًا منذ يونيو من خلال طرح مطالب جديدة"، وأشارت "واشنطن بوست" في تقريرها إلى أن "المفاوضات حول وقف إطلاق النار قد توقفت في الأسابيع الأخيرة، وقبل أن يطرح نتنياهو مطالب جديدة، كانت حماس قد أيدت الاقتراح الذي قدمه بايدن".
حماس باقية لن تنكسر
يعتبر الكيان الصهيوني أن من أهدافه الرئيسية في اغتيال قادة المقاومة، ومن بينهم يحيى السنوار، هو إضعاف وإنهاء هذه الجماعات، ولكن، هل أسفرت عمليات اغتيال قادة المقاومة حتى اليوم عن القضاء على أي من هذه الجماعات؟
إن السنوار ليس القائد الأول الذي يُستشهد على يد الصهاينة؛ فقد سبقته شخصيات بارزة مثل السيد حسن نصر الله، قائد "حزب الله" اللبناني، الذي استشهد خلال غارات جوية مكثفة على بيروت، ورغم ذلك، لا يزال حزب الله يوجّه ضربات مؤلمة ضد الأهداف الصهيونية في الأراضي المحتلة.
لقد فقدت حركة حماس أيضًا قادةً عظماء مثل الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وإسماعيل هنية، جراء العمليات الإرهابية التي نفذها الكيان الصهيوني، ومع ذلك، لم تتوقف أنشطة هذه الحركة أو أهدافها في سعيها نحو تحرير القدس، لذا، فإن استشهاد يحيى السنوار لن يُشكّل عائقًا أمام مسيرة حماس نحو تحقيق حلمها في تحرير القدس.
وفي سياق حديثه مع قناة الجزيرة، أكد أستاذ جامعي أمريكي أن حماس تمثّل فكرًا ورؤيةً عميقةً، وأن الأفكار لا تندثر بموت الأفراد، بل تنتقل من جيل إلى جيل، مُشددًا على أن روح المقاومة ستظل حيةً ومستمرةً.