الوقت - أصدر المجلس المحلي في مدينة الباب بريف حلب الشمالي قرارا بفتح معبر رسمي بين مناطق سيطرة المعارضة والحكومة السورية في نقطة "أبو الزندين" شمال شرق مدينة الباب.
وذكر أنه سيتم اعتماده معبرا تجاريا، وأن هذا القرار جاء لتحسين الظروف المعيشية لأهالي المنطقة، ولتعزيز النشاط الاقتصادي وإعادة تأهيل البنية التحتية للمدينة.
وحسب متابعين للشأن السوري- التركي من المتوقع أن يكون نشاط معبر أبو زندين أول خطوة عملية لتركيا في اتجاه تغيير العلاقات مع سوريا.
وفي هذا الصدد، زعمت وسائل إعلام في تقرير لها، أنه تم تفعيل طريق «M4» الواصل بين حلب واللاذقية، وحتى فتح طريق العبور بين الشمال والجنوب (الحدود الأردنية) لعبور البضائع التركية إلى سوريا، والأردن ومنها إلى السعودية ودول الخليج الأخرى هي من بين المراحل المقبلة للاتفاقات بين أنقرة ودمشق بوساطة موسكو.
حركة الشاحنات والمقطورات في معبر “أبو زندين” وفي شرق حلب وفي منطقة ريف الباب، بعد 12 عاماً، يعتبر تطوراً استراتيجياً في حالة الأزمة السورية.
ومع إغلاق هذا المعبر مطلع عام 2019، انقطعت الاتصالات الجغرافية بين مختلف أنحاء سوريا، ورافقت حركة تنقل المواطنين السوريين بين المدن العديد من المشاكل.
افتتاح المعبر في البداية كان خطوة أولى تذهب باتجاه عبور الشاحنات المحملة بالبضائع من وإلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وسادت توقعات بأن يتم الانتقال في مرحلة لاحقة إلى فتحه أمام عبور المدنيين، كما حصل في عام 2019.
افتتاح معبر “أبو الزندين”، حسب الخبراء، سيؤدي إلى التخلص مِن إجبارية مرور الأشخاص والبضائع مِن وإلى مناطق سيطرة الدولة السورية عبر “التايهة” في مدينة منبج التي تخضع لسيطرة “الإدارة الذاتية” الكردية، إضافة إلى ما سبق، يختصر المعبر المسافة الكبيرة والشاقّة التي كان يقطعها المدنيون للذهاب إلى مركز مدينة حلب.
يبدو أن الاقتصاد سيكون وفق المؤشرات الأولية بوابة لتطبيع البلدين لعلاقاتهما الثنائية، أو لنقل القطاع الذي سوف يشهد الترجمة الفعلية الأولى لنجاح الوساطات العربية والأجنبية في فتح قنوات حوار وتواصل بين السوريين والأتراك.
فمثلاً الخطوة الأخيرة المتعلقة بفتح معبر أبو الزندين بريف حلب، والفاصل بين مناطق سيطرة الدولة والمناطق المسيطر عليها من قبل المسلحين المدعومين من أنقرة، يمثّل معطى شديد الوضوح حيال المرحلة التي قطعتها المفاوضات السورية ـــــ التركية لاستئناف علاقاتهما، كذلك الأمر بالنسبة للصور الواردة من القامشلي، والمتضمّنة قيام العناصر الحكومية بإعادة تأهيل معبر نصيبين مع تركيا.
والمصلحة الاقتصادية للطرفين هنا تبدو كبيرة، فدمشق التي تعاني حصارا اقتصادياً كبيراً بفعل تركة الحرب الثقيلة والعقوبات يمكن لإعادة تشغيل بعض المعابر الحدودية مع تركيا تأمين احتياجات السوق المحلية بتكاليف ووقت أقل، والاستفادة من رسوم عبور الشاحنات المحمّلة بالبضائع التركية المتجهة نحو الأردن ودول الخليج أو بالعكس كمان كان سائداً قبل الحرب.
وحسب البيانات الرسمية للتجارة الخارجية السورية فإن مستوردات سوريا من تركيا قبل سنوات الحرب وصلت إلى حجم زادت فيه على مستوردات دمشق من دول أخرى كثيرة، كالسعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والصين، والهند وغيرها.
ووفقاً لتلك البيانات، فإنّ قيمة المستوردات السورية من تركيا بلغت عام 2010 نحو 1.6 مليار دولار، في حين لم تتجاوز قيمة الصادرات السورية إلى تركيا 625 مليون دولار، والمخطط آنذاك كان وصول قيمة المبادلات التجارية بين البلدين إلى نحو 5 مليارات دولار مع نهاية العام 2011.
ومن أهم ميزات افتتاح المعبر تخفيض تكاليف التصدير والاستيراد بالنسبة لتركيا مع التوجّه تدريجياً إلى نقل جزء من الصادرات والمستوردات عبر الطريق البري المار بالأراضي السورية، وهذا الأمر لن يكتسب بداية الأمر زخماً كبيراً، وذلك بانتظار معالجة وضع المناطق التي هي خارج السيطرة وتمكّن الدولة السورية من الدخول إليها وإدارتها.
استفادة دمشق من إيرادات عبور الشاحنات المحمّلة بالبضائع والسلع المتجهة من تركيا إلى الأردن ودول الخليج أو بالعكس، ولا سيما في هذه المرحلة التي تعاني فيها من تراجع وارداتها من القطع الأجنبي وارتفاع نفقاتها.
تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مناطق سيطرة الحكومة السورية والتخفيف من وطأة عقوبات قيصر والاستفادة من الإعفاءات الأمريكية التي تتمتع بها مناطق شمال سورية لتأمين احتياجاته من الاستيراد.
تصدير المواد الغذائية والطبية والمواد الخام إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، واستيراد المواد التجارية من تركيا عبر مناطق المعارضة السورية، فضلاً عن استفادته من طرق الترانزيت وتحقيق أرباح مالية كبيرة عبر مرور القوافل التجارية من تركيا إلى الخليج الفارسي.
سيكون فتح المعابر الداخلية بمثابة كرت بيد الحكومة السورية لوقف إدخال المساعدات الدولية عبر الحدود واعتماد دمشق كمركز لتوزيع المساعدات الإنسانية عبر المعابر الداخلية.
أما تركيا التي وصل حجم تبادلها التجاري مع دول الخليج وفق البيانات الرسمية التركية إلى نحو 23 مليار دولار في العام 2023، ومع الأردن إلى ما يقرب من مليار دولار، فإن توقّف طريق الشحن البري المار بالأراضي السورية منذ العام 2012 سبّب زيادة في تكاليف نقل الصادرات والمستوردات التركية إلى ومن الدول المذكورة من جراء الاضطرار إلى الاعتماد على النقل الجوي المعروف بتكاليفه العالية وكمياته القليلة رغم سرعته الزمنية، أو على النقل البحري الذي قد تكون تكاليفه المالية وكمياته المنقولة.
وقبل خمس سنوات شهد المعبر عبور البضائع والمدنيين أيضا، وأجرت فصائل المعارضة والحكومة السورية من خلاله عدة صفقات تبادل، برعاية الدول الراعية لمسار "أستانة".
لكنه أغلق بعد تفشي جائحة "كورونا" في البلاد عام 2019 وبقي موصدا إلى أن تم افتتاحه قبل أسبوع.