الوقت- منذ الأيام الأولى للعدوان الصهيوني الهمجي على غزة و كيان الاحتلال يحاول ممارسة شتى أنواع الضغط على الأونروا سعياً لتفكيكها جاء آخرها مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على 3 مشاريع قوانين تقضي بإعلان الأونروا "منظمة إرهابية"، وحظر عملها داخل الكيان وسلب الحصانة الممنوحة لموظفيها، ما تسبب بموجة استنكار واسعة النطاق.
من الجدير بالذكر، أن الوكالة تعتبر العمود الفقري للعملية الإنسانية في تنسيق وتقديم المساعدة المنقذة للحياة، ولطالما دافعت عن التنمية البشرية في فلسطين للاجئين منذ عقود في جميع أنحاء المنطقة.
خسائر الوحشية الصهيونية
في ظل الوحشية الصهيونية والصمت الدولي أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، مقتل 200 من موظفيهم خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرا إلى أنها "أكبر خسارة" منذ تأسيس الأمم المتحدة في 1945، معبراً عن أن حجم المأساة التي تعيشها المنظمات الإنسانية في القطاع" ليست مجرد أرقام، بل إنهم زملاؤنا وأصدقاؤنا، منهم المعلم والطبيب والممرض والمهندس والتقني، ممن قضوا حياتهم في خدمة المجتمع"، و العديد من هؤلاء الموظفين كانوا قد قتلوا مع عائلاتهم كاملة ومنهم من قتل وهو يؤدي واجباته الإنسانية.
مقرات الأونروا ضمن قائمة الأهداف الإسرائيلية
على مدى الأشهر الطويلة للحرب ركز جيش الاحتلال الاسرائيلي على استهداف مقرات و مدارس و المراكز التابعة للأونروا و التي تؤوي النازحين، كما تعرضت الوكالة الأممية لانتقادات لاذعة من مسؤولين إسرائيليين واتهامات بمشاركة عدد من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مستوطنات محاذية لغزة، وهو ما ثبت بطلانه لاحقا.
و في إحصاءات صادرة عن الاونروا فإن نحو 70% من مدارسها في قطاع غزة استهدفتها "إسرائيل" منذ بدء الحرب، وأكثر من 95% من هذه المدارس استُخدمت ملاجئ حين استهدفتها القوات الإسرائيلية، و رغم تقديم إحداثيات هذه المقار للجيش الإسرائيلي على أنها مراكز للأونروا يحتمي فيها نازحون.
جزء من عملية التطهير العرقي
تنطوي المحاولات الدؤوبة للكيان الصهيوني في تفكيك الأونروا و إحلالها كجزء من عملية التطهير العرقي و الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني بهدف إنهاء فكرة حق العودة ومواصلة خطة التطهير العرقي التي تنفذها حكومة الاحتلال وجيشه في قطاع غزة، وتحويل أنظار العالم عن قرارات محكمة العدل الدولية التي أدانت ارتكاب كيان الاحتلال جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
لماذا تستهدف " إسرائيل " الأونروا
تمثل إقامة الأونروا واستمرارية عملياتها بتقديم خدماتها لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي اقيمت في القدس وجنين وطولكرم والخليل ورام الله ونابلس وقطاع غزة وغيرها من المدن الفلسطينية وفي عدد من المدن في الأردن وسورية ولبنان كارثة على الكيان الاستعماري الإسرائيلي المصطنع لأسباب وعوامل عديدة منها :
أولا : الدليل و الشاهد الرئيسي على أن "إسرائيل" كيان غير طبيعي ومصطنع قام على هذه الأرض عنوة
ثانيا : الشاهد والدليل على مفرزات حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي مارستها وتمارسها قوات المستعمر البريطاني والعصابات اليهودية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في عموم ارض فلسطين التاريخية بعد عدوان حزيران عام 1967 .
ثالثا : تقويض للسردية الصهيونية والاستعمارية التي تقوم على أن فلسطين أرض بل شعب أعطيت لشعب بلا أرض بإنكار لوجود الشعب الفلسطيني الأصيل في وطنه بمختلف مدنه و قراه.
رابعا : إبقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عنوان الصراع، وعنوان دائم بضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بواجباته بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بتمكين اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 .
خامسا : الشاهد على نفي شرعية قبول "إسرائيل" عضوا بالامم المتحدة باشتراط تنفيذها قراري الجمعية العامة رقم 181 و194 أي إقامة الدولة الفلسطينية على مساحة 45 % من مساحة فلسطين وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة لوطنهم التاريخي .
سادسا : عقبة أمام شرعية وإدامة احتلالهم الاستعماري لفلسطين التاريخية .
سابعا : الفشل في تذويب الهوية الفلسطينية وتقويض ونسف لمقولة مجرم الحرب بن غوريون وغيره من قادة الكيان بان الكبار يموتون والصغار ينسون .
بناء على ما تقدم حرص الكيان الاستعماري الاحتلالي الإسرائيلي وداعميه منذ صناعته على استهداف الاونروا ووجودها كمؤسسة دولية تعنى بشكل خاص ومحدد باللاجئين الفلسطينيين لما تمثله من عنوان ورمز لجذور الصراع العربي "الإسرائيلي" بعنوانه الفلسطيني التي أدى عجز المجتمع الدولي بحكم الانحياز الأمريكي ومحوره إلى إدامة الصراع بعدم تنفيذ اي من القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ختام القول
التدمير الممنهج لمراكز الاونروا ومقراتها الرئيسية في غزة واستهداف التدمير للمخيمات في الضفة الغربية ومنع الأونروا تقديم خدماتها في القدس رسالة تحد للمجتمع الإنساني كاملاً تتطلب المبادرة للتصدي لهذه الهجمات عبر فرض مختلف اشكال العقوبات على الكيان الغاصب من سياسية واقتصادية وديبلوماسية وبرلمانية وحقوقية حيث يرتبط وجود واستمرار عمل الوكالة، المعنية برعاية ومتابعة اللاجئين الفلسطينيين وحماية حقوقهم، ليس بالسلام وحل الدولتين فقط، بل بجوهر القضية الفلسطينية ووجودها، لأن استمرارية وعمل المنظمة الدولية، اقترنا بإيجاد حل عادل وشامل للقضية التي تمثل عودة اللاجئين، وضمان حقوقهم أحد جوانبها الرئيسة، وكذلك أحد ملفات الحل النهائي التي لا تزال عالقة على طاولة مفاوضات السلام المجمدة منذ سنوات بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
لطالما أدرك الكيان خطورة الوكالة، واستمرارية عملها ونهجها وتعاطيها ورؤيتها للسلام مع الفلسطينيين، إذ تُذكر الأونروا دائما بقضية اللاجئين، وضرورة حلها في سياق عملية السلام في مختلف المحافل الدولية، وهي حاضرة ضمن الجهود المبذولة الدولية والإقليمية الساعية لإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية، فالحملة التي يشنها الكيان حاليا، هي جزء من محاولات سابقة لتحجيم نظام عمل المنظمة وأنشطتها ومجالاتها.
