الوقت- في حادثة لافتة، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي ضربة على مدينة الحديدة اليمنية مؤخرا، مستهدفة جماعة المقاومة "أنصار الله" في اليمن، وهذه الضربة تأتي بعد سلسلة من الهجمات التي نفذتها الجماعة على سفن تجارية داعمة للكيان في البحر الأحمر وخليج عدن، وتعتبر تطورًا نوعيًا في الصراع الإقليمي، الذي شهد مؤخرا اندلاع حرب إسرائيلية ضد أهالي غزة وحركة حماس، ومن المتوقع أن تزيد هذه الضربة من عزيمة الحوثيين للرد على الكيان وتمنحهم دعمًا سياسيًا ومجتمعيًا داخل اليمن.
تعزيز مشروعية الرد
لا شك أن الضربة الإسرائيلية تمنح الحوثيين "رصيدًا سياسيًا" كبيرًا، كما أنها تضفي مشروعية على قناعتهم بأنهم في حرب مع الاحتلال دفاعا عن فلسطين، وهذا يمكن أن يكون له تأثير كبير في سياق الحرب الدائرة في غزة، حيث يعزز من صورة الحوثيين كمدافعين عن القضايا العربية والإسلامية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتعتبر هذه الضربة مساهمة في تعزيز الدعم الشعبي للحوثيين، وتجذب مجندين جدد إلى صفوفهم، ومن جهة أخرى، يُعتقد أن الحوثيين سيستفيدون من هذا الحدث من خلال إظهار أنفسهم أكثر كجزء مهم من التحالف الإقليمي الذي يقف ضد "التحالف الأمريكي-الصهيوني".
ورغم الهجمات المتكررة من الولايات المتحدة وبريطانيا على الحوثيين منذ يناير، إلا أنهم أظهروا قدرة على الصمود، وهو ما يعكسه استمرارهم في السيطرة على مناطق واسعة في اليمن، وخاصة على سواحل البحر الأحمر، كما أن الضربات العسكرية لن تردع المقاومة اليمنية، التي تصر على الدفاع عن القضية الفلسطينية، وإن الضربة الإسرائيلية استهدفت خزانات للنفط في ميناء الحديدة، وهو ما سيؤدي إلى شح في الوقود يؤثر على الحياة اليومية لليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، كما أن تدمير محطة الكهرباء في الحديدة سيزيد من معاناة السكان، وخاصة في ظل الحر الشديد والصيف الحار.
ويأتي الهجوم الإسرائيلي على الحديدة كجزء من تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، وله تداعيات عميقة على الوضع الداخلي في اليمن، وهذا الهجوم يعزز من موقف الحوثيين محليًا وإقليميًا، كما يفاقم أيضًا من الأزمة الإنسانية في البلاد، ويبقى السؤال المفتوح حول كيفية تأثير هذه الضربة على الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين ومسار الصراع اليمني واستراتيجيات الأطراف المتنازعة في المستقبل.
عدم جهوزية الكيان لحرب طويلة الأمد
في تصعيد جديد للصراع في الشرق الأوسط، تحاول قوات الاحتلال إظهار أنها مستعدة لحرب طويلة الأمد مع جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وجاء هذا الاستعداد الظاهري بعد هجوم المقاتلات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، ما يشير إلى تحول نوعي في استراتيجية الاحتلال تجاه اليمن، وفي ظل الحديث عن أن الاحتلال يستعد لصراع طويل مع الحوثيين بعد استهداف ميناء الحديدة اليمني، لا يبدو أن حكومة نتنياهو التي فشلت في غزة مستعدة لإدخال أطراف جديدة تفضح فشلها أكثر.
ورغم أن هذا الإعلان يعكس تغيّرًا في نهج الاحتلال، إلا أن مسؤولاً رفيع المستوى في النظام الإسرائيلي أكد نقص المعلومات الكاملة عن قدرات الحوثيين، ما يشير إلى أن الاحتلال يواجه تحديات غير متوقعة في هذا الصراع الجديد، وخاصة أن الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة يعني حتمية استهداف منشآت استراتيجية وحيوية في كيان الاحتلال كرد فعل من المقاومة اليمنية، وهذا يعكس القلق الإسرائيلي من قدرة الحوثيين على تنفيذ هجمات انتقامية قد تستهدف البنية التحتية الحيوية في الكيان، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني للإسرائيليين.
ويواجه النظام الإسرائيلي تحديات كبيرة في حربه المحتملة مع الحوثيين، وإن نقص المعلومات الاستخباراتية حول قدرات الجماعة وأساليبها القتالية قد يشكل عقبة أمام تحقيق أهداف الكيان العسكرية، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي التصعيد العسكري إلى زيادة التوترات في المنطقة وإثارة ردود فعل غير متوقعة من قبل دول وجماعات مقاومة أُخرى تزيد من عزلة الكيان والضغوط عليه، لأن التداعيات الإنسانية للهجوم على ميناء الحديدة وخيمة، فالحديدة تعد نقطة دخول حيوية لواردات الوقود والمساعدات الإنسانية لليمن، واستهدافها قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد التي تعاني بالفعل من نقص حاد في المواد الأساسية.
ختاما، على الرغم من أن الكيان الصهيوني هاجم الحديدة بهدف تخفيف الضغط العسكري والنفسي الناتج عن هجمات مقاومي أنصار الله، إلا أنه أدخل نفسه في جبهة صراع جديدة قد لا تكون في مصلحته على كل المستويات، وهذه الخطوة قد تعزز من عزيمة الحوثيين وتجعلهم أكثر تصميمًا على الرد، ما يفتح جبهة جديدة لن تكون في مصلحة تل أبيب، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تل أبيب ستكون في مواجهة مباشرة مع محور المقاومة كما أن التداعيات الإنسانية الناجمة عن الهجوم على ميناء الحديدة قد تزيد من الانتقادات الدولية وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ما يضيف بعدًا أخلاقيًا للصراع، وفي المجمل، يمكن القول إن هذه الخطوة قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة، تجعل من الصعب على الكيان تحقيق أهدافه وتؤدي إلى تداعيات سلبية للعدو على المستويات الأمنية والسياسية والإنسانية.