الوقت- لطالما سمعنا شعارات غربية طنانة عن حرية التعبير ومحاربة الديكتاتورية في الدول التي لا تحبو حبو الإدارات الغربية والأمريكية المتصهينة لكن ما إن طالت حرية التعبير هذه الحكومات تكشفت الحقائق وظهر الخداع الغربي بأبهى صوره والذي تجلى فيما حصل مع أفضل طالبة في جامعة كاليفورنيا حيث مُنعت من إلقاء خطاب التخرج بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية.
وجاء منع جامعة جنوب كاليفورنيا الطالبة أسنا تبسّم، التي حصلت على جائزة “الطالبة المتفوقة” من إلقاء خطاب التخرج بسبب منشورات تضامنية مع القضية الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي ما أثار الكثير من الجدل حول مسرحية حرية التعبير في الجامعات الأمريكية، وجاء قرار رئيس الجامعة بمنع الطالبة من إلقاء خطاب التخرج بعد هجمات من الجماعات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وعبرت الطالبة تبسّم عن الموضوع على أنه استسلام من الجامعة للخوف ومكافأة للكراهية، واعتبر مجلس العلاقات الإسلامية- الأمريكية القرار بأنه “خطوة جبانة” فيما وصفت النائبة التقدمية إلهان عمر القرار بأنه “خطوة مخزية”.
غوغل والشراكة الإسرائيلية
ولم تكن قضية الطالبة المتفوقة القضية الوحيدة التي أثارت مؤخراً المخاوف من تصاعد حرية الرأي والتعبير ودعم القضية الفلسطينية حيث جاء اعتقال موظفي "غوغل" من قبل السلطات الأمريكية عقب احتجاجهم على علاقاتها مع كيان الاحتلال الإسرائيلي ليفضخ الضغوطات الأمريكية على كل من يخالفها، كما جرت اعتقالات أيضا بين صفوف موظفي عملاق التكنولوجيا في مكتب نيويورك عقب الاحتجاج الذي يعد جزءًا من مبادرة "يوم العمل ضد الإبادة الجماعية"، التي نظمها موظفو "غوغل" في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وتشمل مطالب المحتجين، وفق بيان، أن تقوم "غوغل" بإسقاط مشروع "نيمبوس"، وهو صفقة حوسبة سحابية/ذكاء اصطناعي بقيمة 1.2 مليار دولار يشارك فيها كل من "غوغل" و"أمازون" ووزارة الدفاع الإسرائيلية، كما طالب المحتجون بأن تتوقف "أمازون" و"غوغل" عن التعامل مع الفصل العنصري الإسرائيلي ودعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.
ووفق البيان الذي ألقاه أحد المتظاهرين طالب المحتجون الشركة بـ"وقف المضايقة والترهيب والبلطجة والإسكات والرقابة لموظفي غوغل الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ووفقًا لمتحدث باسم المتظاهرين، تم القبض على 9 موظفين في مكاتب الشركة في نيويورك وكاليفورنيا حيث طلبت "غوغل" من الشرطة اعتقال المتظاهرين الذين رفضوا المغادرة طواعية.
من الجدير بالذكر أنه في مارس/آذار 2024، طردت "غوغل" موظفا اعترض علنا على عمل الشركة لمصلحة جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث وقف مهندس "غوغل" السابق وصرخ قائلا "أنا أرفض بناء تكنولوجيا تدعم الإبادة الجماعية أو المراقبة".
سيف مسلط على رقاب أساتذة الجامعات الأمريكية
منظمة خريجون من أجل العدالة في الحرم الجامعي (Alums for Campus Fairness) تلك المنظمة التي تشكل "بعبعا" مزعجا وسيفا مسلطا على رقاب أساتذة الجامعات الأمريكية، والتي لا تلبث أن تتهمهم بمعاداة السامية لمجرد انتقاد كيان الاحتلال الإسرائيلي!
هذه المنظمة التي تُعرف اختصارا بـ"أي سي إف" (ACF)، تأسست عام 2015 بهدف توجيه الخريجين من اليهود وتعبئتهم لمحاسبة المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة، لمواجهة ما تعتبره معاداة للسامية وشيطنة لـ"إسرائيل" داخل الحرم الجامعي، وتضمّ في الوقت الحالي ما يزيد على 41 ألف خريج موزعين في 60 شعبة جامعية تنتشر في 66 كلية وجامعة أمريكية.
تعتمد هذه المنظمة عدة طرق لتحقيق مسعاها، سواء من خلال المسح الذي تجريه للمقالات المنشورة في الصحف الجامعية، أو الاستطلاع الذي تجريه بين الطلاب اليهود، لرصد وردع أي مظاهر معادية للسامية وناقدة لكيان الاحتلال الصهيوني وسلوكه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب تقديم توصيات محددة للخطوات التي يمكن للخريجين اتخاذها لمكافحة ما تعتبره المنظمة صورا لكراهية اليهود.
مطاردات على مواقع التواصل الاجتماعي
مع استمرار محاولات الغرب إخفاء التاريخ والجذور الحقيقية لفلسطين وأهلها، يُطْلَق العنان للرواية الإسرائيلية بما في ذلك التحريض العنيف الذي يصل إلى حد التهديد بالقتل واستخدام عبارات مليئة بالكراهية والعنصرية.
وتظهر أرقام صادرة عن مراكز متخصصة ملايين خطابات التحريض والكراهية باللغة العبرية تحديدا، في مقابل التشديد على المحتوى الفلسطيني وملاحقة وحذف وتقليص الوصول للحسابات الداعمة لفلسطين.
من جهته كشف مدير مركز "صدى سوشيال" للحقوق الرقمية إياد الرفاعي عن أكثر من 17 ألف انتهاك بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني بعد الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول، وأكثر من 30 ألف محتوى تحريضي، 55% منها بحق الصحفيين، وقال إن "20% من الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات جاءت من عرب ومناصرين للقضية الفلسطينية حول العالم"، وأضاف إن التضييق والرقابة على المحتوى المناصر لفلسطين شهد توسعا وقد وصلتنا بلاغات عن حذف صفحات باللغة الإنجليزية، ومنها حساب الناشط الأمريكي "شون كينغ" الذي يتابعه أكثر من 6 ملايين متابع على إنستغرام، وحذف صفحات باللغات التركية والإسبانية والإندونيسية داعمة للقضية الفلسطينية.
وفي المقابل، منذ السابع من أكتوبر تم رصد التوسع الكبير والحرية في نشر المحتوى التحريضي الذي دعا إلى القتل والإبادة وحرق الأطفال، وتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بلغات عبرية وأجنبية، وصادرة عن المستويات الإسرائيلية، والإعلامية، والشعبية الإسرائيلية.
وسائل التواصل الاجتماعي رهن أمر الصهاينة
على الرغم من أن شركة "ميتا" تحديدا، ونتيجة ضغط دولي، كانت قد وعدت قبل الحرب على غزة بمراجعة سياساتها تجاه المضامين العربية والعبرية وطريقة إدارة اللغتين، في حين أظهر فحص خارجي وجود تمييز ضد المضمون العربي وبالأخص فلسطين، بعكس المضمون العبري.
وكانت الشركة قد وعدت بتغييرات مختلفة لتكون إدارة المضمون أكثر عدلا تجاه اللغتين، لكن الوعود لم تتبخر فحسب، إنما قررت إداراتها أن المشكلة هي عند الطرف الفلسطيني، وحملته مسؤولية الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، لا بل تلقت الشركة توجيهات صريحة من المديرين الكبار في "ميتا" لمحاربة المضمون الفلسطيني وإسكات صوته واعتباره تحريضا، وفق وثائق ومراسلات داخلية مسربة نشرتها وول ستريت جورنال نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
فمنذ الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أعلنت شركة ميتا عن حذف 795 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية، معظمها مؤيد للقضية الفلسطينية، حسب نشطاء.
كما أغلقت أو أوقفت ميتا حسابات إنستغرام للكثير من المؤيدين للقضية الفلسطينية، واشتكى مصورون وناشطون من غزة أيضا من الإغلاق المتكرر لحساباتهم، ومن أشهر هذه الحسابات حساب "عين على فلسطين" الذي كان يتابعه أكثر من 6 ملايين متابع، ويسلط الضوء على الأحداث اليومية التي تجري في غزة منذ بدء العدوان على القطاع.