الوقت- في حرب جديدة على الفلسطينيين ومقدساتهم، أعلنت هيئة البث الرسمية في كيان الاحتلال الإسرائيلي أن وزير الأمن القومي، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، قد أدرج "تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى" كهدف رسمي ضمن خطة عمل الوزارة السنوية، وهذه الخطوة تمثل سابقة مثيرة للجدل، حيث يهدف التغيير إلى تغيير الوضع الحالي في المسجد الأقصى، بما يتضمن السيطرة على المسجد والسماح للمصلين اليهود بأداء الصلوات فيه، الوضع القائم الذي يشار إليه هو الوضع الذي كان سائداً قبل احتلال الكيان لمدينة القدس الشرقية في عام 1967، حيث كانت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، مسؤولة عن إدارة شؤون المسجد.
في عام 2003، قررت السلطات الإسرائيلية تغيير هذا الوضع من خلال السماح للمستوطنين بالدخول إلى المسجد الأقصى دون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية، الأمر الذي أثار اعتراضها ومطالبتها بوقف هذه الاقتحامات، ومن بين المهام المحددة في خطة عمل وزارة الأمن القومي لعام 2024، توسيع العنصر التكنولوجي المساند للشرطة وتعزيز تشكيلاتها في المنطقة المحيطة بالحرم القدسي، بالإضافة إلى تنفيذ تدابير تكنولوجية شرطية في المنطقة المحيطة به.
وهذا القرار أثار في الماضي اعتراضات قوية من قبل الأوقاف والمسؤولين الأردنيين، وأدى إلى حدوث احتجاجات وصدامات فلسطينية ضد الشرطة الإسرائيلية التي حاولت تثبيت بوابات إلكترونية عند مداخل الحرم القدسي في عام 2017، وتهدف خطة العمل الحالية إلى تعزيز الحكم في الحرم القدسي ومنع التمييز فيه، حيث يشير التمييز هنا إلى التحديات التي تواجه اليهود في ممارسة حقهم في حرية العبادة في المسجد الأقصى، والتي يعتبرونها مقيدة بالنسبة لهم، وفقًا لما ذكرته الهيئة.
ولا شك أن مواقف وزير الأمن القومي بن غفير تجاه الحرم القدسي كانت معروفة منذ سنوات، إلا أنها أشارت إلى أنه بطريقة غير مألوفة تحولت هذه المواقف إلى هدف رسمي لوزارته، وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية تؤكد رسمياً حق المسلمين في الصلاة في المسجد الأقصى وحق غير المسلمين في زيارته، إلا أن بن غفير اعتبر ذلك "تمييزاً" ضد اليهود، مؤكدًا على حقوقهم في الوصول إلى المكان وممارسة طقوس دينية هناك، ومنذ توليه منصبه في ديسمبر/كانون الأول 2022، شهدنا مزيدًا من الانتقادات العالمية بعدما اقتحم إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية"، المسجد الأقصى عدة مرات، ما أثار موجة جديدة من الانتقادات والتنديدات.
وتشير الأصوات الفلسطينية إلى أن تل أبيب تسعى جاهدة لتهويد مدينة القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، ومحاولةً طمس هويتها العربية والإسلامية، فيما يصر الفلسطينيون على أن القدس هي عاصمة لدولتهم المحتلة، استنادًا إلى القرارات الدولية الشرعية التي تنص على عدم اعترافها بحكم كيان الاحتلال للمدينة بعد الاحتلال عام 1967، ورفضها ضمها لـ"إسرائيل" في عام 1981.
وفي الوقت الذي تستمر فيه قوات الاحتلال في استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، في محاولة مستمرة من قبل العدو وأنصاره للسيطرة على مقدرات فلسطين، بما في ذلك الأراضي والتركيبة السكانية، لمصلحة الإسرائيليين اليهود، طالبت فلسطينيين بضرورة ممارسة ضغط دولي على الاحتلال لوقف حربه على القدس، لأن ما يحدث دليل على جزء من منظومة الاحتلال، وتؤكد أن هذا المشروع جزء من حملات تهويد القدس وتشويه هويتها الحضارية، ومحاولة لتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديموغرافي.
وهذا القرار يفضح ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين بالحفاظ على وضع القدس وبلدتها القديمة ومقدساتها دون تغيير، ويظهر بوضوح تضليلهم ومخططاتهم الاستعمارية التهويدية، والتحليلات الإعلامية الإسرائيلية تشير إلى أن الأحداث الراهنة تحدد وتبرز معالم "عاصمة إسرائيل" وكيانها بأكمله، حيث يتم الاعتراف بالتحديات التي تواجهها منذ عقود، وتشهد القدس استيقاظًا لعشرات آلاف الفلسطينيين المقدسيين على واقع يتمثل في خطر تهديم بيوتهم أو طردهم منها، وخطر على حياتهم، ما يدفع المدينة نحو اليأس والعنف.
وبالتالي، إن إقامة الأحياء اليهودية وجهود تهويد الأحياء الفلسطينية تجعل كل مساعي التسوية السياسية "غير ممكنة"، حيث تغيب سياسة الكيان الصهيوني القاتلة عن احترام القرارات الدولية، وتستخدم سياسة الأمر الواقع للاستيلاء على الأراضي واستباحة الحقوق الإنسانية، يتضمن ذلك أيضًا مخططات الضم وتوسعها على حساب الأراضي والحقوق الوطنية للفلسطينيين، وهو محاولة واضحة لقتل الآمال في السلام، ويحذر كثيرون من خطورة مشاريع التهويد التي تشجع المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى، وهو تصعيد خطير من الانتهاكات والجرائم التي تستهدف الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في القدس.