الوقت- مؤخرا، تناولت وسائل إعلام عبرية شهيرة الأزمات المعقدة التي يعاني منها الكيان الصهيوني والتي دفعت حكومته إلى حافة الانهيار، واتهمت نتنياهو بالكذب والإضرار بشكل خطير بأمن النظام الإسرائيلي من خلال الهزيمة في قطاع غزة والتسبب في صراعات مختلفة، وخاصة أنّ رئيس الوزراء نفسه يعرف أنه في الطريق إلى رفح، كما وعد، وقد ارتكب كل الأخطاء الممكنة والمحتملة، واليوم أصبح نتنياهو شخصية تبحث عن مكان يلجأ إليه، فهو يقع في أفخاخ ومعضلات مختلفة أحاطت به من كل جانب، فهو محاصر، ويتحدث بشكل غامض لدرجة أن أعضاء حكومته لا يعرفون ماذا يعني حقا بالنصر الكامل في المستقبل القريب، في حين أن الأزمات السياسية تهاجمه من كل جانب ما أوصله إلى هاوية الانهيار.
حاول الإعلام العبريّ تحديد أن بنيامين نتنياهو وحده هو سبب كل الإخفاقات الإسرائيلية في الأشهر القليلة الماضية، ومن الصعب تصديق أن بنيامين نتنياهو هو نفسه نتنياهو الذي نشأ من أعماق مشاكل المعارضة، ولقد وصل إلى السلطة، ولكن على عكس كل التوقعات، من المرجح أن يترك إرثا كارثيا، وبعد تناول مشاكل نتنياهو في الانقلاب القانوني، ناقش الإعلام الصهيوني التغيرات في بنية النظام القضائي في (الكيان الصهيوني) ثم انتقل إلى أحداث الـ7 من أكتوبر وكتب أنه رغم أنه يقال إنه يقود السيارة بكلتا يديه، ويبدو أن سفينة الكيان تغرق ونتنياهو ليس في كامل وعيه.
وفي أي مرحلة منذ تأسيس الكيان، لا يمكنك أن تجد مكاناً لا يكون فيه نتنياهو في ورطة ولا يكون فيه محاطاً بالمشاكل من جميع الجهات، وفي جزء آخر تم تناول الإخفاقات العسكرية للنظام الإسرائيلي، وعلى الصعيد العسكري، وضع نتنياهو نفسه في موقف صعب يمكن وصفه بأنه غير شرعي، فكل بضعة أيام نرى نتنياهو في وضع صعب، فهو في المؤتمر الصحفي أو في البيانات الافتتاحية لجلسة مجلس الوزراء، أو في تجمع العسكريين، أو في البيان الصحفي الذي يصدره مكتبه، يكرر الشعارات السابقة نفسها ويستخدم كلمة "النصر الكامل"، لكن هذه العبارة ليست صادقة بالنسبة لسكان "سديروت" الذين يتعرضون للصواريخ هذا الأسبوع، فما هو التفسير الذي يمكن أن يحمله ذلك بالنسبة لسكان سديروت البالغ عددهم 55 ألف نسمة والذين لم يعودوا إلى منازلهم منذ ستة أشهر؟ كيف يمكن تفسيره، بحيث يتم بعد ذلك إدراج الهجوم على رفح في أجندة نتنياهو الدعائية، وكل تصريحاته الفارغة التي اعتقدنا أنها ستختفي بعد الـ 7 من أكتوبر، تكررت مرارا وتكرارا خلال هذه الفترة لإثبات أن أفكار بعض الإسرائيليين الإيجابية عنه هي من كانت خطأ.
اليوم، لا أحد في الكيان، بما في ذلك أعضاء مجلس الوزراء، سواء كان مجلس الوزراء الحربي، أو مجلس الوزراء الأمني، أو حتى السياسيون، يعرفون حقًا ما يعنيه نتنياهو بالنصر الكامل، فقد توصلوا جميعًا إلى نتيجة مفادها بأن هذا ادعاء لا يمكن يمكن وصفها، لأن هذه العبارة لا يمكن إلا أن تكون أداة لدفع خطة نتنياهو، وكما يقول أحد كبار المسؤولين في حكومة الحرب عن ذلك، لنفترض أننا هاجمنا رفح ودمرنا ما تبقى من قوة عسكرية لحماس، فإن هذا الإجراء لا يعني انهيار حماس، تدمير حماس هو بديل للحكم الذي سيجعل فرصة حماس في الاستمرار في البقاء السياسي تتضاءل، بسبب الأوقات العصيبة، حتى الأمريكيون اضطروا إلى تفسير هذه الحقيقة في الاجتماع المتوتر لوزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع رئيس مجلس الأمن (الكيان الصهيوني) تاساهي هنغبي ومجلس الوزراء، الوزير رون دامير.
وإن أزمة نتنياهو المقبلة هي قضية اليوم التالي لانتهاء الحرب، ولا يزال نتنياهو عالقاً بين تيارين متعارضين، ومن جهة، كل المسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسات الأمنية، وكل وزراء الحرب السابقين، والأمريكيين، والدول العربية المعتدلة، يؤكدون على ضرورة استبدال فتح أو هياكلها بتشكيل منظمة حكم ذاتي، وعلى الجانب الآخر من نتنياهو وزيران في الحكومة، هما إيتمار بن غوير وبتسالئيل سموتريش، يزعمون أن حماس هي سيئة وأن منظمة الحكم الذاتي ليست أكثر من صيد.
ولم يتخذ نتنياهو قرارا في هذا الشأن، وقد أحدث فراغا كبيرا في هذا المأزق، حيث تداس إنجازات عمليات الجيش الإسرائيلي، التي ينبغي أن تسرع تحقيق أهداف الحرب، وتصبح أضعف وأكثر أهتراء يوما بعد يوم، لأن قضية اتفاق تبادل الأسرى وضعت نتنياهو أيضًا في مأزق، وفي الأسبوع الماضي، وقف نتنياهو وحيدًا تقريبًا في حكومة الحرب ضد منح المزيد من الصلاحيات لفريق التفاوض الإسرائيلي، لأن هذا الإجراء يعني أنه كان من الضروري الموافقة على المطالب التي تصر عليها حماس.
في الختام، وجد نتنياهو نفسه أمام معضلة أخرى، وهي كيفية إقناع بنجير وسموتريتش بأن هذا الاتفاق لا ينبغي اعتباره غير شرعي ويجب ألا يدفعهما إلى الخروج من الكيان، وحسب كثيرين من كبار المسؤولين في الحكومة، فإن نتنياهو سيختار بالتأكيد الخيار الثاني بين التوقيع على الاتفاق أو الاحتفاظ بحكومته، وهذه ليست كل مشاكل نتنياهو، لكن يجب على رئيس الوزراء أيضًا أن يتعامل مع مشكلة قانون الانشقاق الحريدي، وفي الوقت نفسه يتعامل مع مشكلة انهيار منصبه، وخاصة أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد رحيله، كما سنشهد استقالة عدد من كبار المسؤولين في مكتبه، فيما يؤكد بعض الخبراء أن مثل هذه الأحداث تشير إلى وجود مشاكل أعمق داخل الكيان الذي يدمر نفسه بنفسه.