الوقت- يبدو جليا أن الوضع داخل الحكومة والكنيست في كيان الاحتلال الإسرائيلي، ليس عاديا، وسط وجود حالة من التخبط والغليان، فهناك خلافات كبيرة وواضحة للعلن في السياسات والقرارات والإجراءات المتخذة وخاصة بعد عملية طوفان الأقصى التي عرت الكيان الإسرائيلي وأظهرته على وضعه الحقيقي حيث لم تظهر قوته وبأسه إلا على أطفال ونساء وشيوخ غزة العزل.
ويبدو أن الحكومات في كيان الاحتلال، سواء كانت الكبيرة والمصغرة والطوارئ"، ليس لديها ما تقوله لـ"الاسرائيليين"، الذين ينتظرون منذ مدة طويلة امتدت لأشهر، خبرا، يجعلهم يشعرون بـ"الأمان"، أو أن "جيشهم الذي لا يقهر"!! حقق انتصارا ولو استعراضيا في غزة، فلا أسير واحداً تم "تحريره"، ولا حماس تم "تدميرها"، ولا حتى أرض غزة تمت السيطرة عليها.
حيث كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت" أن نتنياهو الذي يخشى أن يطاح به من قبل حزبه، بعد أن راكم الفشل فوق الفشل، في عدوانه على غزة، عمل بنصيحة المقربين منه، لمواجهة تمرد حزبه، بإعادة الوزراء في الحكومة إلى الكنيست، بعد تقديم استقالاتهم، بحجة إغلاق الوزارات غير الضرورية، وذلك في إطار معركة احتواء تمرد حزبه في حال وقوعه.
ووفق محللين فإن مجرد طرح فكرة استبعاد وزير الحرب يؤاف غالانت؛ والإتيان بأفيغدور ليبرمان مكانه، يعكس حجم الإرباك والخيبة التي تعصف بالحكومة في كيان الاحتلال، فالمعروف أن غالانت من أكثر الشخصيات في كيان الاحتلال تشددا وعنفا وقسوة وإجراما في التعامل مع غزة، وهو الذي وصف أهلها بأنهم "حيوانات لا يستحقون حتى مدهم بالغذاء والدواء والماء والكهرباء"، ترى ما الذي يمكن أن يفعله ليبرمان في غزة، لم يفعله غالانت؟، لا شيء سوى ان نتنياهو يتلاعب بالجميع، من أجل إلقاء مسؤولية فشله على الآخرين.
فما قاله رئيس "الموساد" السابق، أفرايم هاليفي، في تصريحات لصحيفة "التايمز" البريطانية، تكفي للكشف عن المصير الأسود الذي ينتظر نتنياهو وحكومته بل حتى عدوانه على غزة، حيث أعلن ومن دون مواربة: "أن نتنياهو فشل في إخضاع حماس وينبغي أن يرحل الآن، وأن يحيى السنوار ومقاتلي حماس لم يفقدوا إرادة القتال ولهذا يرفضون التفاوض".
كما أن ما قاله هاليفي كرره كبير محللي صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، ناحوم بارنياع، ولكن بطريقة أخرى، عندما كتب يقول :"منذ 3 أشهر ونحن نسمع أخبارا عن تدمير وهزيمة حماس والقضاء عليها، لكن لسوء الحظ، فهي لا تعكس الواقع.. هناك بون ساشع بين ما تم تحقيقه في قطاع غزة والقضاء على حماس.. إن نتنياهو وضع توقعات لا توجد طريقة لتحقيقها".
ومن أجل التهرب من مسؤولية هذا الفشل المدوي، دب الخلاف داخل الحكومة والكنيست في كيان الاحتلال، وهو خلاف كشف مدى عجز وضعف جيش الاحتلال رغم كل الدعم الأمريكي والغربي، ورغم القصف العنيف والوحشي لغزة، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 23300 شهيد ثلثهم من الأطفال والنساء، وتدمير أغلب المناطق السكنية في غزة، وهو عجز وضعف دفع أعضاء في حزب الليكود، كما كشفت وسائل إعلام في الكيان، لترتيب انقلاب على نتنياهو، من أجل ألا ينسحب فشله على الحزب ويخرج من المشهد السياسي.
هذا وظهرت بوادر تمرد داخل حزب الليكود الحاكم الذي يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعلت أصوات عبرت عن استيائها من تعامل نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين مع خطة التغييرات في المنظومة القضائية، بما فيها تقليص حجة المعقولية، وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن ثمانية وزراء ونواب في الليكود يرفضون طريقة نتنياهو وليفين، في إشارة إلى أن قائمة رافضي مواصلة سن التشريعات القضائية دون توافق، تكبر، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، انضم إلى وزيري الدفاع يوآف غالانت، والزراعة آفي ديختر، وزراء آخرون ونواب يرفضون المضي في خطة الحكومة التي قسمت "إسرائيل"، وقالت مصادر في حكومة الاحتلال إن وزراء العلوم أوفير أكونيس، والمخابرات جيلا جملئيل، والتعليم يوآف كيش، والنواب، ديفيد بيتان، يولي إدلشتاين، وإيلي دلال، اعترضوا على مواصلة سن التشريعات.
وأعلن رئيس لجنة الأمن والخارجية في الكنيست، يولي إدلشتاين، أنه غير ملتزم بتأييد تشريعات قوانين مستقبلية، وأضاف في مقابلة على القناة 12 الإسرائيلية: «قلت لكل المعنيين، إنه في المرة القادمة سيكون عليهم التنسيق والحديث معي بشكل مفصل حول القوانين، حول كل شيء، حيثيات وصيغة وموعد طرحها». وأكد إدلشتاين أن صوته لن يكون في الحسبان إذا كان الحديث عن تشريعات مثل التي حصلت (إلغاء حجة المعقولية)، كما أكد عضو الكنيست عن «الليكود»، إيلي دلال، دعمه للتشريعات فقط في حال جرى التوصل إلى «اتفاق واسع»، وأشار دلال إلى أنه اتخذ خطوته من أجل تدارك الشرخ الذي لحق بالشعب الإسرائيلي في مواجهة الكثير من التحديات.
قبل ذلك، كان صرح وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر منتقدا «البلطجية الذين يروجون للتشريعات المتطرفة»، وانضم إليه وزير العلوم أوفير أكونيس، وقال في برنامج إذاعي الجمعة إن استمرار التشريع يجب أن يكون ضمن اتفاقات واسعة فقط. والمعارضة التي تتوسع داخل الليكود، جاءت في وقت يسعى فيه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (ليكود) من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في الكيان المحتل ينضم إليها كل من زعيم المعارضة يائير لبيد، ورئيس «معسكر الدولة» بيني غانتس، وتستبعد وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وجاء تحرك غالانت في مواجهة الوضع المعقد الذي نشأ في النظام الأمني، والنظام الصحي، ونظام العدالة، والعلاقات مع الحكومة الأمريكية، وفي المدن والشوارع.