الوقت- مؤخراً، كشفت معلومات عبرية عن تعليمات صدرت لفريق التفاوض الإسرائيلي في قطر تفيد بعدم الموافقة على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يكشف عن محادثات مهمة بشأن وقف العنف الذي يواجه معارضة قوية من جانب الكيان الإسرائيلي، حيث قد تلقى الفريق المفاوض الإسرائيلي توجيهات واضحة بعدم الموافقة على أي سيناريو لإنهاء الحرب في غزة، وذلك بعد عودة رئيس الموساد ديفيد بارنيا إلى الأراضي المحتلة، كما أن "وقف الأعمال العدائية" هو المسألة الحساسة التي تجذب الانتباه في المفاوضات الحالية، في ظل الإرهاب الإسرائيليّ الأعمى الذي مارسته قوات الاحتلال ضد غزة.
الكيان يعرقل المفاوضات
وفقاً للمعلومات، فإن العرض الذي قدمته حركة حماس كان مشروطاً بوقف النزاع في قطاع غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى، وهو ما رفضه كيان الاحتلال الإسرائيلي بشدة، معتبرا أن "هذه المطالب لا تمت للواقع بأي صلة"، ووصل وفد إسرائيلي، برئاسة رئيس الموساد، إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الاثنين، للمشاركة في جهود التفاوض مع وسطاء حول اتفاق محتمل مع حركة حماس.
قطر من جهتها، تحدثت أن الوفد الإسرائيلي برئاسة بارنيا غادر الدوحة بعد يوم من المفاوضات دون تحقيق أي تقدم ملموس، ومع ذلك، عبر الوسطاء عن تفاؤلهم بإمكانية استئناف المفاوضات بعد فترة من التوقف بسبب الجمود، وإن رحيل بارنيا لا يعني نهاية المفاوضات، إذ لا تزال الفرق الفنية تتفاوض بشأن معايير العرض المكون من ثلاث مراحل لفترة راحة تمتد لستة أسابيع، وأوضح ماجد الأنصاري أن الخطوة التالية هي إرسال عرض مضاد لحماس.
وتتركز هذه المفاوضات حالياً على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، وتشير التكهنات إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد، وإن حماس طالبت بالإفراج عن نحو 950 سجينًا، بينهم 100 شخص شاركوا في عمليات ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، ويشملون أشخاص ستتعرف عليهم حماس بطريقة خاصة، ويتضمن الاقتراح الحالي إقامة هدنة لمدة 6 أسابيع مقابل إطلاق سراح نحو 40 أسيرًا إسرائيليًا.
وفي حين يستمر سقوط ضحايا في صفوف الجيش في قطاع غزة، ويشهد الاقتصاد تراجعاً ملحوظاً وضغوطاً متزايدة من المحتجين داخل "إسرائيل"، مع تزايد حدة الخلافات داخل حكومة الحرب، وفي خطوة غير متوقعة تماماً، قام بيني غانتس بتجاهل البروتوكولات المعتادة ووجه تحدياً صريحاً لبنيامين نتنياهو، من خلال إعلان نيته الاجتماع والتشاور مع مسؤولي البيت الأبيض حول الأوضاع في غزة، ما أثار غضباً في صفوف الحلفاء السياسيين.
تل أبيب وتشويه الحقائق
في ظل محاولات السلطات الصهيونية لتشويه الحقائق وادعائها أن مطالب حركة حماس مبالغ فيها، يظهر الواقع أن هذه المطالب ليست سوى مطالب ضرورية ومشروعة، وفي الوقت ذاته، تهدد تل أبيب بتوسيع نطاق الحرب إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهي تهديدات فارغة تكشف عن فشلها في إعادة أسراه من غزة، ما يعكس عمق الأزمة التي يعيشها هذا النظام وتناقض تصريحاته.
وقبل ذلك ولأكثر من مرة، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء نظام الاحتلال، بشكل علني أنه سيهاجم غزة بكل الأحوال، حتى لو تمت صفقة تبادل الأسرى، ما يرجع إلى سياسة الوحشية والقتل والإبادة الجماعية التي اتبعها المحتلون منذ بداية غزو غزة، حيث يستمر استهداف المدنيين بما في ذلك الموجودين في باقي التراب الفلسطيني بشكل يومي، وفيما يتعلق بالموقف النهائي لحركة حماس من مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فإن هذه المفاوضات تُجرى بناءً على مصالح الشعب الفلسطيني ولا تتأثر بالتصريحات والتهديدات، فرغبات حماس وأهدافها واضحة ومتفق عليها وطنيًا، وتشمل الوقف الكامل لعدوان العدو والوصول الفوري للمساعدات اللازمة إلى قطاع غزة ورفع الحصار عنها وإعادة إعمارها كشروط أساسية.
وباختصار، لم يتم اتخاذ أي قرارات إسرائيلية حاسمة خلال الأشهر الماضية، حيث تسير الحرب وفقًا لإنجازات تكتيكية لحركة حماس، دون تحركات كبيرة من جانب الكيان لتحقيق إنجازات استراتيجية، وينبغي على مجلس الحرب اتخاذ قرارات مهمة، بما في ذلك العمل على تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى وخاصة بعد قرب انتهاء شهر رمضان المقبل، واتخاذ إجراءات لمنع تصعيد الوضع في الضفة الغربية خلال هذه الفترة الحساسة.
وبناءً على المعطيات المذكورة، الكيان لا يرغب بالسلام، ولحماس الحق في وقف إطلاق النار، وعدم تعرضها لضغوط تضعف مطالبها الشرعية، ويتعين على العالم محاسبة "إسرائيل" على جرائمها، ويمكن الاستنتاج أن حماس تمكنت من المقاومة، ليس فقط للإجراءات العسكرية الثقيلة، ولكن أيضًا للحيل السياسية المحاولة لتحقيق مصالحها، وإذا كانت قادرة على مواجهة كل هذه التحديات، فبالتأكيد ستكون قادرة على التصدي للحيل الخادعة في المجال السياسي لتحقيق غاياتها بشكل مستقل وفعّال.