الوقت - لطالما عُرف العدو الصهيوني بقتله وبطشه ورسم هويته بدم الشهداء الفلسطينيين مستخدما أقذر الوسائل والسبل وهو ما لا يستغربه أحد في العالم، ولكن لا يخطر ببال أحد أن يصل به حد القذارة وانعدام الأخلاق لاستخدام الذكاء الصناعي لاستهداف المدنيين وقتلهم.
حيث أثارت تقارير عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في حربه على قطاع غزة "قلقا" أمميا، من أن تصبح "قرارات الحياة والموت" مرتبطة "بحسابات تجريها الخوارزميات" على ما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، الجمعة.
فيما قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي في مقابلة مع أحد وسائل الإعلام: إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا إعلاميا يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة الأمر الذي نفاه جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويقول إنه"لا يستخدم أي نظام لتحديد المتطرفين والأهداف المشتبه بها".
ووفقا للتقرير فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي صنف عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي ودون مراجعة بشرية تذكر من خلال برنامج الذكاء الاصطناعي " لافندر".
اعتمد برنامج لافندر على معايير واسعة من أجل تحديد الأهداف المحتملة، واختار نحو 37 ألف شخص للاستهداف بالقصف الجوي المحتمل، وورد أن البرنامج استخدم التعلُّم الآلي لتحديد سمات المسلحين، وكان يمنح الناس درجةً من 1 إلى 100 حسب المصادر العسكرية، وذلك بناءً على عوامل تشمل العلاقة بمسلحين مشتبه بهم أو تغيير الهاتف باستمرار.
ويشير التقرير إلى أن البرنامج حدد أكثر من 37 ألف فلسطيني ومنازلهم ووضعهم على قائمة الأهداف، إذا أعطى الجيش موافقة شاملة للضباط الصهاينة لاعتماد "قوائم النقل الخاصة بلافندر، من دون الحاجة للتحقق بدقة من أسباب اختيارهم أو حتى فحص البيانات الأولية التي استند إليها" حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.
في حين استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية "القنابل الغبية" التي لا تكون موجهة بدقة على العديد من أهداف قائمة لافندر.
وقال جيش الاحتلال في بيان له "الجيش لا يستخدم أي نظام للذكاء الاصطناعي لتحديد هوية النشطاء الإرهابيين أو لمحاولة التنبؤ بما إذا كان الشخص إرهابيا من عدمه، ومنظومات المعلومات هي مجرد أدوات للمحللين في عملية تحديد الهدف".
وأضاف البيان: إن توجيهات الجيش تكلف المحللين بإجراء تدقيقات مستقلة يتحققون فيها من أن الأهداف المحددة تلبي المعايير ذات الصلة بما يتماشى مع القانون الدولي والمبادئ التوجيهية الإسرائيلية.
ولفت الجيش إلى أنه يمتلك "قاعدة بيانات الهدف منها الإسناد الترافقي لمصادر استخبارية... بشأن الناشطين العسكريين للمنظمات الإرهابية" ويستخدمها محللون أداة لهم.
وشدد الجيش على أنه "لا يشن غارات عندما تكون الأضرار الجانبية المتوقعة من الغارة مفرطة"، مستخدما مصطلحا يشمل الخسائر في صفوف المدنيين.
وفيما لا يزال الجناح العسكري لحركة حماس، يعلن بشكل دوري عن تفجير فتحات أنفاق ونصب كمائن للجنود الإسرائيليين، وتقول "إسرائيل" إن مقاتلي الحركة يتحصنون في الأنفاق، وفيها يحتفظون بالأسرى.
لجأ جيش الاحتلال إلى طائرات مسيرة تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإعداد خريطة لهذه الأنفاق التي تشير تقديرات غربية إلى أنها تمتد على مسافة أكثر من 500 كلم.
ومن هذه التقنيات استخدام مسيرات قادرة على رصد البشر والعمل تحت الأرض، ويوضح مسؤول العسكري أن المسيرة "تدخل الأنفاق وتسمح لك بأن ترى بقدر ما يسمح الاتصال معها".
فيما ورد في تقرير بالغارديان البريطانية "كانت هناك أوقات تشهد استخدام تعريفٍ أوسع نطاقاً لتحديد عناصر حماس، وبعدها بدأت الآلة في اقتراح مختلف أنواع عناصر الدفاع المدني وضباط الشرطة الذين كان من المخزي إهدار القنابل عليهم، وكان هؤلاء الأشخاص يساعدون حكومة حماس، لكنهم لا يشكلون تهديداً فعلياً على الجنود"،
لكن هذه التقنيات تثير قلقاً أممياً ومنظمات حقوقية، وخصوصاً في ظل الحصيلة المرتفعة للقتلى في صفوف المدنيين الذين يشكلون غالبية ضحايا الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأيدت أكثر من 150 دولة في كانون الأول الماضي، قرارا للأمم المتحدة يتحدث عن "تحديات ومخاوف جدية" في مجال التقنيات العسكرية الجديدة، بما يشمل الذكاء الاصطناعي وأنظمة السلاح ذاتية التشغيل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش: إنه يشعر "بقلق بالغ" بسبب تقارير استخدام الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي ستقصف في غزة، وذكر "يجب ألا يسند أي جزء من قرارات الحياة والموت التي تؤثر في أسر بأكملها إلى حسابات اللوغاريتمات بدم بارد".
وتابع "على مدى الأشهر الستة الماضية، تسببت حملة الجيش الإسرائيلي في موت ودمار بلا هوادة للفلسطينيين في غزة... احترام القانون الإنساني الدولي أصبح في حالة يرثى لها".
وأضاف غوتيرش "حذرت لسنوات عديدة من مخاطر تحويل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح والحد من الدور الأساسي الذي تؤديه الإرادة الإنسانية".
وقال أيضا "يجب استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة من قوى الخير التي تعود بالنفع على العالم، بدلا من المساهمة في شن حرب على نطاق هائل وطمس معالم المساءلة".
وعقب محللون على هذا الخبر بالاستنكار ورفض تبني ما يريد الاحتلال ترويجه فلقد تم ذكر أن «عملية القصف في غزة استخدمت قاعدة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لم يتم الكشف عنها سابقًا، وفقًا لمصادر استخباراتية مشاركة في الحرب»، وهو أمر يدعو للغضب في ظل أن وسائل الإعلام التي نشرت هذا الموضوع لم تتحدث عما احتوته قاعدة البيانات، ولا كيف دعمت بالذكاء الاصطناعي بالضبط، في ظل أن ليس كل من يقول إنه استخدم الذكاء الاصطناعي يعني ذكاء اصطناعيا، ومن يعمل في هذا المجال يدرك أن المطورين يقومون بتحويل «البحر إلى طحينة».