الوقت - لقد بدأت عملية طوفان الأقصى بأهداف استراتيجية مخططة مسبقاً ضد الکيان الإسرائيلي، لكن في المقابل، يبدو أن تل أبيب ليس لديها خطة محددة في الحرب وقصف غزة، لأن "إسرائيل" لا تملك القدرة على حرب استنزاف.
وحسب عقيدة بن غوريون، تحتاج "إسرائيل" إلى حروب قصيرة الأمد وانتصارات كبيرة، لكن هذين الهدفين لم يتمكن الصهاينة من تحقيقهما في غزة حتى الآن.
مع العلم بذلك، فإن محور المقاومة يحاول إضفاء الطابع الاستنزافي علی الحرب منذ البداية، وقد لعب نتنياهو بشكل كامل في أرض المقاومة من أجل تحقيق هذا الهدف.
أيضاً، نظراً لأن الکيان الإسرائيلي غير قادر على خوض حرب استنزاف، فإن فتح جبهات جديدة جلب مخاطر إضافية للصهاينة، وتسبب في دخول الصهاينة في صراع ليس فقط على جبهة حرب غزة، بل أيضاً على الجبهة الشمالية للبنان، وفي الجنوب في ميناء إيلات مع اليمنيين أيضًا.
بشكل عام، يمكن رؤية افتقار الکيان الصهيوني إلى استراتيجية عسكرية من خلال هذه العناصر:
الفشل في تحقيق الأهداف الأساسية
الکيان الإسرائيلي محاصر، وادعاءات نتنياهو منذ اليوم الأول بتدمير حماس، وإطلاق سراح الأسرى دون وقف إطلاق النار، وأشياء أخرى لم تثمر حتى الآن.
أعلن الکيان الصهيوني أن أهدافه من غزو غزة، هو تدمير حماس وتحويل غزة إلى منطقة آمنة لـ"إسرائيل" وإطلاق سراح السجناء الإسرائيليين، وكذلك تهجير سكان غزة.
لکن على الرغم من أن الکيان الصهيوني قد دمّر غزة وقتل الفلسطينيين فيها، إلا أنه بعد مرور أكثر من 6 أشهر على هذا العدوان، فقد قبل بالفشل الفادح في تحقيق كل من هذه الأهداف، ولم يتمكن من كسر إرادة المقاومة، ولا تزال فصائل المقاومة تعمل في الميدان بشکل فعال.
افتقار الکيان الإسرائيلي إلى التخطيط في حرب المقاومة الهجينة
إن فشل القوات البرية في غزة، واتساع نطاق الهجمات الصاروخية من غزة، وكثافة الهجمات اليومية التي يشنها حزب الله، والحصار البحري الذي يفرضه اليمنيون، وغيرها من القضايا التي وجهت ضربات عسكرية وأمنية واقتصادية واجتماعية للکيان الإسرائيلي، قد وضعت "إسرائيل" في فخ استراتيجي.
عدم وجود خطة لفرض حصار كامل على قطاع غزة
إن افتقار الکيان الصهيوني إلى استراتيجية فيما يتعلق بقضية أخرى هو أمر ملموس تماماً، وهي معبر فيلادلفيا أو كرم أبو سالم.
حسب ادعاء الكيان الصهيوني، فإن هذا المحور هو الشريان الحيوي لحركة حماس، وطالما أنه من الممكن نقل الأسلحة والأموال والأشخاص من خلاله، فإن حماس ستبقى قويةً.
ويتحدث ناحوم برنيا، المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية، عن بطء عمليات الجيش الصهيوني في قطاع غزة؛ وهي قضية يشير إليها العديد من المحللين الصهاينة الآخرين بأنها وقوع الجيش الإسرائيلي في حصار غزة.
ويقول بارنيا: إن تل أبيب تحتاج إلى مساعدة مصر لبقاء هذا المحور مغلقاً، لكن مصر لم تتعاون بشكل كامل مع تل أبيب حتى الآن.
عدم وجود تخطيط للإفراج عن السجناء
بالإضافة إلى كل هذا، فإن الکيان الإسرائيلي أيضاً عالق في طريق مسدود بشأن قضية أسراه، لأنه لا يوجد سبب لإظهار أن الضغط العسكري سيخفف من مواقف يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة).
والحقيقة أن خطأ تل أبيب الاستراتيجي في عدم فهم قدرات السنوار والحركة التي تحت قيادته، كان سبباً في كارثة الـ7 من أكتوبر، ونفس حسابات تل أبيب الخاطئة تتكرر الآن في غزة في قضية الأسرى الصهاينة.
عدم وجود رؤية لنهاية الحرب
تعاني حكومة الکيان الإسرائيلي حالياً من عدم وجود رؤية وخطة عمل واضحة، وخاصةً في سياق الوضع في قطاع غزة بعد الحرب، أو الخروج من الحرب بوجه المنتصر، أو التظاهر بالانتصار في الحرب.
وتشير تصريحات وكتابات العديد من المحللين والمفكرين الصهاينة، إلى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس لديها رؤية لاستمرار الحرب، ولا تستطيع تحقيق أهدافها المعلنة.
وهکذا، فإن الحكومة المتطرفة للكيان الصهيوني على وشك الانهيار، ولا يمكنها أن تتفاعل بشكل جيد مع حقائق ساحة المعركة.
تحذير المسؤولين الأمريكيين من غياب الاستراتيجية في حرب غزة
قبل نحو أسبوعين، أعلن موقع "أكسيوس" الأمريكي أن وزير الخارجية الأمريكي أبلغ قادة الكيان الصهيوني، أنه يجب أن يكون لديهم "خطة متماسكة" في غزة، وإلا فإنهم سيواجهون كارثة.
وحسب هذا التقرير، فإن تحذير بلينكن لنتنياهو كان يتعلق بحقيقة أنه إذا لم تكن لديكم استراتيجية واضحة، فسوف تتعثرون في حرب غزة.
تحذير وسائل الإعلام الغربية من إطالة أمد الحرب لعدم وجود خطة لدی تل أبيب
في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أيضًا أن "إسرائيل"، بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة ومتماسكة في الحرب، قد تنجر إلى هاوية سلسلة من معارك العصابات طويلة الأمد من قبل حماس.
وحسب هذا التقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يقاتل في المناطق التي احتلها في السابق ثم انسحب منها، وكل هذا يدل على صعوبة موقف الکيان الإسرائيلي في الحرب ضد حماس، من أجل السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وتتابع صحيفة وول ستريت جورنال بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد تعرقلت بطريقة ما، لأنه لا توجد خطة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.