الوقت- فشلت عدة مفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة قبل شهر رمضان المبارك، فيما تتواصل مناورات الولايات المتحدة ومساعيها للالتفاف على طبيعة المحادثات التي ينبغي أن تكون مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة، وتشير المعلومات الواردة من مفاوضات القاهرة إلى أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني حاولا إجبار حماس على القبول باتفاق لا علاقة له بوقف إطلاق النار ويحقق فقط هدف "إسرائيل" المتمثل في تحرير أسراها بمواقفها الخادعة، لكن المقاومة صمدت ولم توافق على تلك الضغوطات.
لم يتم تقديم ضمانات لوقف الحرب في محادثات القاهرة
وحسب المعلومات التي قدمتها مصادر مطلعة على أجواء المفاوضات، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فإن أطراف الوساطة تتحرك أيضاً بشكل أساسي في اتجاه الهدف الرئيسي لـ"إسرائيل"، وهو تبادل الأسرى والإفراج عن الأسرى الصهاينة من غزة، ولكن ليس هناك ضمان لوقف الحرب بعد عدم إبرام هذه الصفقة، والحقيقة أن كل الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة خلال المفاوضات، وخاصة الجولات الثلاث الأخيرة من مفاوضات القاهرة، مرتبط بالوعود التي قدمها الأمريكيون والوسطاء العرب، وفي هذه الأثناء، وعلى عكس ما يقولون، لم يطلب الأمريكيون من الكيان الصهيوني تقديم أي تنازلات حقيقية وفي هذه المفاوضات التي عقدت بهدف التوصل إلى اتفاق معقول، لم يتعرض الصهاينة لأي ضغوط.
الخداع الأمريكي والإسرائيلي بالتعاون مع مصر
وفي الجولات الثلاث الأخيرة من المحادثات التي عقدت في القاهرة، تولى الجانب المصري، الذي يلعب دور الوسيط، مهمة إقناع حماس بقبول الحل "التدريجي"، لكن بعد هذه المفاوضات اتضح أن مصر تحاول بالفعل فرض نفس مطالب أمريكا و"إسرائيل" على المقاومة الفلسطينية؛ بحيث يتم تبادل الأسرى ودخول المساعدات إلى غزة مقابل وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع في غزة.
لكن بعد التدقيق في التفاصيل، تبين أن الجانب الأمريكي قدم غطاء لطلب "إسرائيل" بمنع الحديث عن طريقة انتشار القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، كما تبين أن الأمريكيين يريدون دخول المساعدات إلى غزة دون إشراف حكومة غزة والقوى السياسية في هذه المنطقة، أي إن حماس والفصائل الفلسطينية لا تستطيع الدخول في ملف إدخال المساعدات وتوزيعها، بالإضافة إلى ذلك، أرادت "إسرائيل" اختيار الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل تبادل الأسرى.
وفي ظل هذه المواقف الأحادية للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، أبلغت حركة حماس الوسطاء القطريين والمصريين أنه من دون تغيير المواقف التي اعتمدها الطرف الآخر في المفاوضات، فإن هذه الحركة غير مستعدة للدخول في المفاوضات المقبلة، وشرط عودة حماس إلى المفاوضات هو أن تضمن الولايات المتحدة خطة واضحة لإنهاء الحرب وطريقة مختلفة لتوزيع المساعدات.
لكن بعد أن لم يجب الوسطاء حماس لفترة طويلة، عاد الجانب المصري قبل يومين للحديث عن أفكار جديدة، لكن اتضح أن المصريين ما زالوا في إطار مطالب أمريكا و"إسرائيل"، لذلك، وفي مواجهة معارضة حماس لمواقف القاهرة، اعتبرت السلطات المصرية كلام إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس مطلع شهر رمضان، أنه يعني "موت المفاوضات".
وقال هنية في كلمته في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، إننا منذ بداية عملية التفاوض أرسينا عدة مبادئ للوصول إلى أي اتفاق، أهمها الوقف الكامل للحرب والقضاء على كل أشكال العنف، والمخططات والمؤامرات ضد غزة، وفي عملية المفاوضات بإشراف مصر وقطر، أظهرت حركة حماس مسؤولية ممتازة وإيجابية ومرونة كبيرة، وأكد إسماعيل هنية أنه كان على اتصال مع الجهات الوسيطة قبل هذا الخطاب ولم يتلق أي التزام من الكيان الصهيوني بوقف الحرب على غزة، كما أن العدو لم يقدم أي التزام بإعادة اللاجئين إلى المناطق التي خرجوا منها، فالعدو يتجنب إعطاء نقاط منطقية في مسألة تبادل الأسرى.
تجدر الإشارة إلى أن مصر أرادت بقاء هنية في القاهرة لفترة أطول للحصول على موافقته على القضايا المطروحة في المفاوضات، إلا أن حماس وهنية رفضا هذا الطلب واستمرا في عملية المفاوضات التي انتهت نتيجتها إلى لمصلحة العدو الصهيوني، وظنوا أن ذلك ذهب سدى.
المناورة الجديدة للأمريكيين في المفاوضات
حسب المعلومات التي حصلت عليها مصادر مطلعة، فإن الجانب الأمريكي عاد الآن ليتولى ملف المفاوضات ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز الذي سافر سراً إلى القاهرة الجمعة الماضية، ليقدم حلاً «خلاقاً»، وقد طلب موعدا نهائيا للتوصل إلى المفاوضات، وفي هذه الأثناء يريد الأمريكيون التظاهر بأنهم يبحثون عن حل يرضي الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.
وبناء على ذلك، يحاول الأمريكيون القول إن إرسال المساعدات إلى غزة عن طريق البحر (فكرة بناء ميناء على ساحل غزة) هو دون تنسيق مع "إسرائيل" ولا يتماشى مع مصالح هذا الكيان، هذا في حين أن إنشاء المعبر البحري بالشكل الذي اعتبرته واشنطن هو في الواقع ورقة ضغط يمكن لـ"إسرائيل" استخدامها للضغط على المقاومة وأهل غزة، ولا يهدف بأي حال من الأحوال إلى مساعدة هؤلاء الأشخاص، وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال الكيان الصهيوني يرفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مناطقهم في شمال غزة.
ليس هناك شك في تبادل الأسرى قبل نهاية الحرب
وأفادت مصادر مطلعة بأن حماس أبلغت الوسطاء أن الأولوية اليوم هي معالجة آثار عدوان العدو على غزة، وبعد ذلك سيتم طرح مسألة تبادل الأسرى، كما نفت مصادر حماس ما تردد عن دعوة جديدة من هذه الحركة للسفر إلى مصر، ووجود مقترحات جديدة بشأن وقف إطلاق النار، وأكدت أنه لا علم لنا بوجود مقترحات جديدة مطروحة على الطاولة، وفي هذه الأثناء تواصل وسائل الإعلام الصهيونية، التي سعت إلى بدء حرب نفسية في المفاوضات منذ البداية، وتبين أن معظم الأخبار التي نشرتها في هذا الشأن كاذبة، وكذلك الحديث عن وجود فرصة وتفاؤل بالوصول إلى اتفاق، ويزعمون أن موقف حماس سيتغير من تلقاء نفسه.
وقبل يومين أعلنت إحدى قيادات المقاومة الفلسطينية، التي تخوض هذه المفاوضات، في مقابلة مع صحيفة الأخبار أنه صحيح أنه ينبغي التمييز بين الأطراف المختلفة، لكن الحقيقة هي أن لا أحد من الوسطاء يقوم بأي شيء لمصلحتنا وكل ما يفعلونه هو أنهم يضغطون علينا ويتحركون نحو مطالب العدو الصهيوني، جميع فصائل المقاومة داخل غزة وخارجها تريد التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف الحرب، ولكن الجميع متفقون على أن أي مفاوضات لا تؤدي إلى وقف دائم للحرب هي في مصلحة العدو.