الوقت - الزيارة الثانية التي قام بها عاموس هوكشتاين، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون أمن الطاقة، إلى لبنان، سلطت الضوء على التساؤلات حول دور الولايات المتحدة في التوتر بين لبنان والکيان الإسرائيلي.
وكتبت صحيفة الأخبار العربية عن ذلك، أن هوكشتاين عاد إلى بيروت في محاولة جديدة للتوصل إلى إطار دبلوماسي، يحول دون تصعيد التوتر بين لبنان وکيان الاحتلال، فهل حقاً هدف أمريكا تخفيف حدة التوتر في لبنان؟
إن تخفيف التوتر في لبنان كهدف لزيارة موفد بايدن إلى بيروت، هو الهدف الذي طرحته معظم وسائل الإعلام القريبة من الغرب وواشنطن، لكن نظرةً فاحصةً تظهر أن هناك أهدافاً أكبر وراء اللعبة الأمريكية في التطورات في لبنان تزامناً مع حرب غزة.
السقوط الحتمي لبايدن في حال نشوب حرب جديدة
يخشى العديد من المراقبين أن يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، الذين تعرضوا لانتقادات محلية ودولية بسبب الحرب في غزة، فرصة الحرب في لبنان للابتعاد عن مشاكلهم وأزماتهم الداخلية، وأزمة عدم شعبيتهم في الداخل.
إن إشعال حرب في لبنان، سيؤدي إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً سيكون لها عواقب مروعة، وأصبح الخطاب داخل تل أبيب أكثر عدائيةً في الأسابيع الأخيرة، حيث هدّد نتنياهو وكبار مسؤوليه حزب الله مراراً وتكراراً، لكن حرباً إقليميةً أوسع نطاقاً ليست ما تريده واشنطن، لأن الولايات المتحدة على وشك إجراء انتخابات رئاسية.
في الوضع الحالي، لا تحتمل واشنطن الدخول في حرب إقليمية جديدة، ولذلك، فإن هدف أمريكا الحالي في المنطقة، يتحقق من خلال منع اتساع نطاق الحرب الحالية في غزة، ويبدو أن شرارة أي حرب جديدة في المنطقة، هي التي ستحدد سقوط بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
حرب أمريكا الخفية في لبنان
في الوقت نفسه، على الرغم من أن الولايات المتحدة تدعي أنها تحاول منع حرب واسعة النطاق على الحدود بين لبنان والکيان الإسرائيلي، فإن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة منخرطة في حرب ضد حزب الله في لبنان منذ سنين، هذا في حين أن حزب الله اللبناني يعدّ جزءًا من الهيكل السياسي للبلاد، ويلعب دورًا كحزب في لبنان.
وكتبت مجلة ناشيونال إنترست في تقرير لها، إن الولايات المتحدة ضخت مليارات الدولارات من المساعدات الأمنية إلى لبنان على مدى العقود الماضية، للعمل ضد حزب الله في شكل جهود مكافحة الإرهاب.
کما أدرجت الولايات المتحدة حزب الله في قائمة الجماعات الإرهابية، ولم تدخر جهداً لإضعاف هذا الحزب، کذلك، أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "القوات المقاتلة" في لبنان، في رسالة وجّهها إلى الكونغرس الصيف الماضي، وقال إن نحو 89 عسكريًا أمريكيًا ينتشرون في لبنان، لاستهداف وتقويض القدرات والعمليات ضد حزب الله في لبنان.
كما أكدت "كاثرين يون إيبرايت" مستشارة برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان للأبحاث، الحرب السرية التي تخوضها الولايات المتحدة في لبنان ضد حزب الله، وتعتبر هذه القضية في غاية الأهمية، وتقول: "يتم تنفيذ هذه الحرب السرية تحت إشراف الكونغرس".
تدخلات واشنطن التاريخية في بيروت
للجيش الأمريكي تاريخ طويل في الصراعات الداخلية في لبنان، بما في ذلك تدخل مشاة البحرية الأمريكية عام 1958 لمنع التمرد في لبنان، ما جعل وجود هؤلاء الجنود نقطة صراع في لبنان لسنوات عديدة، وفي عام 1983، رافق ذلك تفجير السفارة الأمريكية ومقر مشاة البحرية الأمريكية في بيروت، وهي حادثة خلّفت 300 قتيل أمريكي على الأقل.
أيضاً، منذ العام 1970، تم تدريب أكثر من 6000 عنصر من الجيش اللبناني في الولايات المتحدة، وانضم بعض العناصر المدربين في الجيش اللبناني إلى الميليشيات المسلحة، التي كانت تنشط ضد حزب الله بعد عودتهم من أمريكا.
كما حاولت أمريكا بشتى الطرق في السنوات الماضية منع تشكيل حكومات قريبة من حزب الله في بيروت، من خلال التدخل المباشر في المشهد السياسي اللبناني، رغم أن هذه الجهود لم تثمر حتى الآن.
وفي كانون الثاني/يناير 2018، أظهر لقاء بعض المسؤولين الأمريكيين مع المسؤولين اللبنانيين، والكشف عن رسائل بريد إلكتروني مشبوهة حول لبنان، أن الأمريكيين متورطون بشكل كبير في الشأن اللبناني، ويعتزمون منع وجود قوى المقاومة في الحكومة المقبلة.
في ذلك الوقت، ذكرت مصادر وزارية لبنانية في حديث لشبكة الميادين، أن "ديفيد هيل" نائب وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال لقائه مع بعض الشخصيات اللبنانية، وضع على جدول الأعمال التدخل في الشؤون السياسية لهذا البلد، ومنع الوجود النشط للجماعات المتحالفة مع المقاومة، إلا أن هدف واشنطن لم يتحقق آنذاك.
ولا تزال هذه التدخلات مستمرةً حتى يومنا هذا، وهذه المرة دخل الموفد الأمريكي إلى لبنان تحت غطاء إحلال السلام، لكن حرب أمريكا السرية مع لبنان مستمرة منذ سنوات.