الوقت- إن نقل السلطة في الجمهوريات التي انبثقت عن الاتحاد السوفييتي في آسيا الوسطى كان دائمًا يمثل مشكلة صعبة، وهو ما يتأثر بشكل أساسي بهيكل السلطة المنغلق والاستبدادي إلى حد ما في هذه البلدان والذي يتميز بخصائص مثل انخفاض مستويات التنمية الاقتصادية ولا شك أن هذه الحكومات الجديدة تعاني من الانقسامات العرقية، والثقافة التقليدية، والمجتمعات المدنية الضعيفة، والدور القيادي الذي تلعبه التسميات القديمة، وفي الوقت نفسه، فإن طاجيكستان دولة تنتظر منذ فترة طويلة انتقال السلطة لسنوات عديدة، ما يجعل هذه القضية صعبة للغاية وغامضة، وبطبيعة الحال، فإن المفاوضات حول خطة الخلافة مستمرة منذ نحو عقد من الزمن، وهناك مخاوف بشأن الجهة التي يمكن أن يسلمها إمام علي رحمان شؤون البلاد، بالنظر إلى تاريخ الحرب الأهلية في هذا البلد.
تحدي عائلة رحمان
في مقال حديث لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي حول مسألة الخلافة في طاجيكستان، ترى المحللة غاليا إبراجيموفا عقبات كبيرة في طريق إمام علي وابنه رستم إمام علي، وكتبت إبراجيموفا: "ليس كل فرد في عائلة رحمان الكبيرة يريد رؤية رستم كخليفة"، وأضافت، "كثيرون من المقربين من الرئيس والذين يشغلون مناصب عليا في الحكومة وعالم الأعمال يخشون خسارة كل شيء بعد تغيير السلطة، حتى لو كان التغيير من الأب إلى الابن".
عائلة امام علي كبيرة جدا، ومع ذلك، يبدو أن مهمة الخلافة قد تم تحديدها إلى حد كبير، ويقول هذا التقرير عن انتقال السلطة في الثقافة الطاجيكية: "هناك تقليد شائع في طاجيكستان يسمح للابن باختيار الاسم الأول لوالده كلقب له.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح رستم إمام علي أحد الأسس المستقرة لحكومة والده ودائماً ما يقف إلى جانبه في افتتاح المصانع والمدارس الجديدة، ويلتقي برجال الأعمال والرياضيين الناجحين، وتنتشر أخبار أنشطته الخيرية على نطاق واسع، حتى أنه يتم إرساله في بعثات دبلوماسية ورحلات إلى بلدان أخرى، ولسنوات، وفي نمط يذكرنا بالانتقال من الأب إلى الابن في تركمانستان، حيث سلم قربان قولي باردي محمدوف الرئاسة إلى سردار باردي محمدوف في عام 2022، كان رحمان يحاول توفير الارضية المناسبة لرستم إمام علي للوصول إلى السلطة، ولقد حاول تقديم ابنه إلى بلدان أخرى كشخصية سياسية مهمة من خلال تكليفه بالعديد من المسؤوليات في مؤسسات مختلفة في البلاد.
وكتبت وسائل إعلام طاجيكية في تقرير لها أن الصين وقعت في 29 يناير الماضي اتفاقية يتم بموجبها تقديم هدية بقيمة مليوني دولار إلى طاجيكستان لتمويل بناء قاعة مؤتمرات في مبنى حكومي، وهذه ليست أموالاً كثيرة، لكن أهميتها الحقيقية تكمن في مكان آخر، وبعد نشر هذا الخبر أكدت الحكومة في بيان صحفي رسمي أن هذه الأموال كانت في الأصل نتيجة رحلة رئيس مجلس الشيوخ البالغ من العمر 36 عامًا رستم امام علي نجل الرئيس امام علي لبكين.
وفي الواقع يمكن القول إن رستم إمام علي أصبح الوجه الوحيد لبلاده على الساحة الدولية، وسافر إلى أذربيجان وكازاخستان وعقد اجتماعات مع الرؤساء، والتقى إمام علي برؤساء أو نواب رؤساء الحكومات في قيرغيزستان وروسيا وتركمانستان وأوزبكستان، وجاء رحمان إلى طهران في يونيو 2022 وأجرى محادثة مع إبراهيم رئيسي، وكان قد سافر إلى إيران لتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون بقيمة 120 مليون دولار، ما أظهر أهمية هذه المهمة، ويقال إن زيارته للصين قد ولدت استثمارات جديدة بقيمة 400 مليون دولار في طاجيكستان.
قضايا كبيرة تواجه خليفة رحمان
وقد واجهت طاجيكستان، باعتبارها أفقر دولة خرجت من الاتحاد السوفييتي السابق، العديد من الصدمات غير المتوقعة في السنوات الأخيرة، والتي ربما كانت مزعجة للغاية بالنسبة لدوشانبي في غياب شخصية ذات خبرة مثل الإمام علي، والواقع أن وجوده في السلطة لفترة طويلة جعله وحيداً في حل جميع أزمات البلاد الداخلية، الاقتصادية والأمنية، فضلاً عن مشاكل العلاقات مع الجيران.
وعلى سبيل المثال، في عام 2020، وبسبب انتشار وباء كورونا في العالم وآثاره الاقتصادية السلبية، فإن استمرار هذه الظروف جعل الوضع صعباً على العمال المهاجرين الطاجيك، الذين يعملون في روسيا ويلعبون دوراً كبيراً في نصيب الفرد داخل الأسر الطاجيكية، ومع وصول طالبان إلى السلطة واستيلائها على السلطة في أفغانستان، لم تتمكن طاجيكستان من السيطرة على الحدود الطويلة مع هذا البلد والتي يبلغ طولها 1357 كيلومترًا، وفي العام التالي، تعامل الرحمان مع أزمة أمنية داخلية خلقتها الجماعات المسلحة المعروفة باسم "القيادة غير الرسمية" لمنطقة غورنو بادخشان المتمتعة بالحكم الذاتي في منطقة البامير، وكان إمام علي قد حذر في وقت سابق من الإجراءات الأمنية المناهضة للحكومة، وهناك مشكلة خارجية أخرى لطاجيكستان تتعلق بالصراعات الحدودية مع قيرغيزستان في عامي 2021 و2022.
ولذلك رأى إمام علي رحمان أمام خليفته قضايا صعبة قد لا يتمكن القائد الشاب من حلها، ومع ذلك، والآن بعد أن مرت العديد من الأزمات، بما في ذلك بعد حل قضايا الحدود مع قيرغيزستان، إذا لم يتم تحدي القضايا السياسية الداخلية في المستقبل القريب، فسيتم الإعلان عن انتخابات مبكرة، وقال الرئيس القيرغيزي سدير جباروف إنه يعتقد أن قضية الحدود بين قيرغيزستان وطاجيكستان يمكن حلها هذا الربيع.
النتائج الإيجابية والسلبية للتغيرات السياسية
أصبحت مسألة خلافة إمام علي رحمان في الآونة الأخيرة تحديا جديدا استقطب الكثير من المؤيدين والمعارضين في طاجيكستان، وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه حتى الآن لم يكن لدى طاجيكستان مجموعة معارضة سياسية حقيقية وقابلة للحياة.
ورغم تأييد بعض قيادات الأحزاب في طاجيكستان لتغيير الحكام لتحسين الوضع السياسي ومراجعة العلاقات مع الدول الأخرى، إلا أنه ينبغي الأخذ في الاعتبار أن انتقال السلطة أمر معقد للغاية وغير ممكن بين عشية وضحاها، وقد تستمر العواقب السلبية مثل عدم التوازن السياسي لسنوات ويرتبط عدم الاستقرار السياسي بعواقب اقتصادية واجتماعية سلبية.
على سبيل المثال، قال محيي الدين كبيري، رئيس حزب الحركة الإسلامية في طاجيكستان وأحد زعماء المعارضة، في مقابلة مع صحيفة أوراسيا ديلي إنه حتى مع انتقال السلطة من أحد أفراد الأسرة إلى آخر، فإن أشياء كثيرة ستتغير، لأن الزعيم الجديد وآراءه ليس لديه سياسات القائد قبل ذلك، فجيل المستقبل يريد إدارة البلد الذي يريد الجيل الجديد أن يبنيه، بينما تريد الحكومة الحالية الحفاظ على الاستقرار والوئام الداخلي الحالي وبهذا المعنى فإن أي نوع من التغيير في آسيا الوسطى سيؤدي إلى تحسن الاوضاع في تلك المناطق.