الوقت- الحرب الإسرائيلية على غزة امتدت إلى البحر الأحمر، وحدث انتشار هذه الحرب بالطبع مع استمرار قصف اليمن، وبينما كانت القوات اليمنية قد أعلنت استعدادها لوقف عملياتها البحرية في البحر الأحمر بشرط توقف الحرب في غزة، لكن واصل الصهاينة قصفهم لغزة، كما زاد التوتر في البحر الأحمر بسبب الحرب المستمرة في غزة.
الجانب الثالث من التوتر في البحر الأحمر هو تحالف الولايات المتحدة وإنجلترا، الذي دخل حملة البحر الأحمر ضد اليمن دعماً ل"إسرائيل"، وقصف أجزاء من اليمن في الأيام القليلة الماضية، لكن لا يبدو أن هذا الأمر قد حدث، وتمكن القصف من ضرب الأهداف الأمريكية في البحر الأحمر، ورداً على قصف الطائرات الحربية الأمريكية والبريطانية لليمن، يواصل اليمنيون استخدام قوتهم لمواجهة السفن المتجهة إلى "إسرائيل"، وتوقفت التوقعات الأمريكية بتوقف اليمن في البحر الأحمر.
إلا أن القصف والحرب الأمريكية على اليمن لم تبدأ مؤخراً، بل ظل اليمنيون يقاومون القصف الصاروخي الأمريكي منذ سنوات، وكانت الحرب التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ضد اليمن عام 2015 مدعومة من الولايات المتحدة ودول غربية، وكانت معظم الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب أسلحة أمريكية، وفي حالة الجولة الجديدة من قصف التحالف الأمريكي لليمن، فهي عدوان واسع النطاق تشنه الدول الغربية على الشعب اليمني منذ سنوات، وفي العقود الثلاثة الماضية، شهد اليمن تسعة حروب، وفي هذه الحروب، كانت أمريكا بمثابة قدم ثابتة ضد الشعب اليمني.
كثفت أمريكا حربها على اليمن
قتل ما لا يقل عن 10 آلاف مدني يمني منذ بدء حرب التحالف العربي ضد اليمن عام 2015، رغم أن العدد أعلى بكثير من الإحصاء الرسمي، كما نزح نحو ثلاثة ملايين شخص وغادر مئات الآلاف البلاد، وقبل الحرب، كان اليمن أفقر دولة في الشرق الأوسط وكان يعتمد على الواردات في الغذاء، لكن الحرب المدعومة من الولايات المتحدة ضد اليمن حاصرت البلاد لأكثر من سبع سنوات ونصف السنة وجعلتها تواجه مجاعة، وأصيب أكثر من مليون شخص بالكوليرا نتيجة للحرب، ومات آلاف الأشخاص بسبب هذا المرض.
ووصفت منظمة اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية الوضع في اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، وقد حدثت هذه الأزمة في ظل حرب تدعمها الولايات المتحدة، لولا المساعدات الخارجية من الغرب والولايات المتحدة، لكانت الحرب في اليمن صعبة للغاية بالنسبة للسعوديين، وطوال فترة الحرب، كان الدعم الأمريكي هو الذي أبقى النار مشتعلة حتى وقف إطلاق النار العام الماضي، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، في الوقت نفسه الذي بدأت فيه الحرب ضد اليمن، وافقت إدارة أوباما على بيع أسلحة ضخمة للسعودية بقيمة 1.29 مليار دولار، وبحلول نهاية رئاسة أوباما، كانت الولايات المتحدة قد منحت أكثر من 150 مليار دولار من الأسلحة للسعودية، وهو أكبر مبلغ خلال رئاسة أي رئيس أمريكي، وكانت السفن الحربية وأنظمة الدفاع الجوي والدبابات من بين الأسلحة الأمريكية التي وصلت إلى السعودية واستخدمت في الحرب على اليمن.
طوفان الأسلحة الأمريكية في حرب اليمن
استمرت مساعدات الأسلحة الأمريكية للسعودية خلال رئاسة ترامب وحتى بايدن، وفي عام 2021، في ذروة حرب اليمن، أفاد موقع CNN الإخباري نقلاً عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام المعروف باسم SIPRI، بأنه بسبب حجم الأسلحة تبادل الأسلحة العسكرية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في السنوات الخمس الماضية، كانت الرياض أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية، وحسب هذا التقرير، بين عامي 2016 و2017، كانت أمريكا المصدر الأول للأسلحة إلى السعودية بنسبة 79%، تليها إنجلترا بنسبة 9.3%، وفرنسا بنسبة 4%.
وذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريره أنه بين عامي 2016 و2020، كانت السعودية المستورد الرئيسي للأسلحة الأمريكية، حيث اشترت 24% من الأسلحة الأمريكية، وكل هذه الأوقات كانت في ذروة قصف اليمن، وفي عهد إدارة بايدن، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها وافقت على طلب الرياض شراء صواريخ جو-جو والمعدات ذات الصلة بقيمة 650 مليون دولار، على الرغم من وعد حملة جو بايدن الانتخابية بمنع تصدير الأسلحة العسكرية إلى السعودية.
أمريكا والغرب مسؤولون عن المجازر في اليمن
كما أن هناك تقارير مؤكدة تؤكد دور أمريكا في حرب اليمن، على سبيل المثال، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد أقل من عام من بدء الحرب في اليمن، حذرت هيومن رايتس ووتش من أن الولايات المتحدة قد تكون مسؤولة عن انتهاك قوانين الحرب في اليمن، وتضيف هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير أنه رغم نفي الولايات المتحدة، فإننا نعتبر الولايات المتحدة أحد أطراف النزاع بسبب الدور المباشر للقوات الأمريكية في العمليات العسكرية في اليمن.
هيومن رايتس ووتش ليست المنظمة الوحيدة التي أثارت مخاوف بشأن مسؤولية الولايات المتحدة المحتملة عن جرائم الحرب في اليمن، وفي سبتمبر/أيلول 2016، جادل رايان جودمان، المحامي السابق بوزارة الدفاع والأستاذ بجامعة نيويورك، في منشور على مدونة حول المسؤولية القانونية للموظفين الأمريكيين في حرب اليمن، وعلى الرغم من أنه لم يتخذ أي موقف، فقد خلص إلى أن الدولة التي تساعد دولة أخرى في الحرب تتعرض لخطر التواطؤ في جرائم الحرب بموجب القانون الدولي.
كما أنه في العام الماضي عند انتهاء الحرب في اليمن وقبل أشهر قليلة من وقف إطلاق النار، وحسب إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، وافقت وزارة خارجية هذا البلد على عقد محتمل لتقديم برامج تدريب عسكري للسعودية بسعر يقدر بمليار دولار، كما دعمت الحكومة البريطانية هذا التحالف المعتدي من خلال بيع أسلحة بمليارات الجنيهات الاسترلينية، كما أكدت المجموعات المناهضة لتجارة الأسلحة في جميع أنحاء أوروبا على دور عدد من الدول الأوروبية الأخرى في استمرار الحرب في اليمن، لكن أكثر من نصف الطائرات الحربية التي يستخدمها التحالف السعودي في قصف اليمن تأتي من بريطانيا.