الوقت - تحاول قوات الاحتلال جاهدة القضاء على كل أشكال الفعل المقاوم في كل مدن الضفة الغربية، ومن بينها مدينة طولكرم شمال الضفة، والتي تشكل معقل كتيبة طولكرم، إذ يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحام المدينة ومخيميها، وحصارها، وتدميرها.
الوضع المأساوي في طولكرم
فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي المقتحمة لطولكرم حصارا مشددا على المدينة ولا سيما مخيم نور شمس ونشرت قناصتها فوق أسطح البنايات ومنازل المواطنين في محيط المخيم وجبل النصر وجبل الصالحين، بعد اقتحامها وتكسير أبوابها وتخريب محتوياتها، واحتجاز أصحابها وإخضاعهم للاستجواب.
وذكر رئيس بلدية طولكرم رياض عوض أن الاحتلال في اجتياحه الأخير تعمد تدمير البنية التحتية في مخيمي طولكرم ونور شمس، ما تسبب بانقطاع التيار الكهربائي وشبكة المياه عنهما، نظرًا لضرب الاحتلال عددًا من الخطوط الرئيسة المغذية للمخيمين، فضلًا عن تجريف الشوارع وتدمير شبكة الصرف الصحي.
وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني أن عمليات التحقيق الميداني التي قام بها الجيش الإسرائيلي لسكان مخيم نور شمس قد طالت نحو 500 مواطن بينهم أطفال ونساء.
وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمها تعاملت مع 21 إصابة، وأن الجيش الإسرائيلي منع طواقم الإسعاف الفلسطينية من الوصول إلى المصابين رغم التنسيق المسبق عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكان النائب في المجلس التشريعي عن طولكرم فتحي القرعاوي قد تحدث في شهر نوفمبر الماضي عن الوضع في مدينة طولكرم قائلاً: إن الاحتلال يمارس حصارا مشددا على المحافظة، ويمعن في سياسة العقاب الجماعي بحق الأهالي، مطالبا وسائل الإعلام كافة بالتوجه للمدينة لكشف وفضح جرائم الاحتلال فيها.
وأشار القرعاوي إلى أن عمليات اقتحام مدينة طولكرم مستمرة منذ نحو شهر، وأن الاحتلال يغلق مداخلها ومخارجها، ويعطل حركة المرور فيها، وهو ما يتسبب بشلل تام للحياة فيها، فضلا عن الانتهاكات الواسعة المتمثلة بالاقتحام والاعتقال والترويع للأهالي في ساعات الليل المتأخرة، موضحا أن ما يقوم به الاحتلال هو سياسة عقاب جماعي بحق شعب أعزل، إذ دعا السلطة الفلسطينية لفضح تلك الجرائم ومحاسبة الاحتلال عليها دوليا.
الاجتياح المتواصل
كانت طولكرم على الدوام تحت وطأة الاجتياح المستمر والحصار الخانق الذي يفرضه كيان الاحتلال عليها، إذ تم اجتياح المدينة ومخيميها "مخيم طولكرم ومخيم نور شمس" مرات عديدة، ولا سيما بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.
فقبل عملية طوفان الأقصى، اجتاحت قوات الاحتلال في 5 أكتوبر 2023 مخيم طولكرم، وأدى هذا الاجتياح لإصابة 5 من جنود الاحتلال، وفي 19 أكتوبر أطلقت قوات الاحتلال عملية عسكرية واسعة لها على المدينة، استشهد خلالها 13 فلسطينيًا وأصُيب عددٌ آخر، وبالمقابل قتل ضابط إسرائيلي وأصيب تسعة من جنود الاحتلال.
وكان الاقتحام التالي في 1 نوفمبر، وأدى لاندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة، وفي 6 نوفمبر، نفذت قوات الاحتلال عملية خاصة لها في مدينة طولكرم اغتالت خلالها جهاد شحادة قائد كتيبة طولكرم - مجموعة الرد السريع، و "عز الدين رائد عواد" القيادي في كتيبة طولكرم/ مجموعة القسام، وعضويّ الكتيبة "مؤمن سائد بلعاوي" و"قاسم محمد رجب".
كما أطلقت قوات الاحتلال في 13 نوفمبر 2023 عملية عسكرية واسعة لاجتياح أحياء مدينة طولكرم بما فيها مخيم طولكرم، واستمر الاجتياح 16 ساعة متواصلة، استشهد خلاله 7 فلسطينيين وأصيب 12 آخرون.
وفي 21 و22 نوفمبر اجتاح الاحتلال أحياء مدينة طولكرم بما فيها مخيم طولكرم، وقد أسفر هذا الاجتياح عن استشهاد 6 فلسطينيين وإصابات عديدة، إذ قامت قوات الاحتلال بفرض حصارٍ شامل حول مستشفى ثابت ثابت ومستشفى الإسراء التخصصي في المدينة، كما اقتحمت قسم الطوارئ بمستشفى ثابت ثابت واعتقلت أحد المصابين من داخله، وفتشت قوات الاحتلال أيضًا سيارات الإسعاف التي تقل مصابين إلى مستشفيات المدينة.
وفي 30 نوفمبر قامت قوات الاحتلال مصحوبة بالجرافات العسكرية الثقيلة والمجنزرة باجتياح طولكرم وأحيائها بما فيها مخيم طولكرم بالمدينة، وخلال الاجتياح حاصرت مستشفى ثابت ثابت، واعترضت سيارات الإسعاف وفتشتها وأخضعت سائقيها للاستجواب، ونشرت قناصتها على أسطح المباني العالية بالمدينة، كما جرفت جرافاتها العسكرية عدة شوارع في الحي الشرقي بالمدينة بشكلٍ كامل ما أدى إلى دمارٍ في البنية التحتية وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات.
وعادت قوات الاحتلال بعد أيامٍ عدة في 6 ديسمبر لتجتاح أحياء المدينة ومخيميها ودفعت بتعزيزات عسكرية إضافية إلى المدينة، وجرى خلال الاجتياح تجريف شوارع في المدينة ومخيميها، ما تسبب بتدمير في البنية التحتية للشوارع المجرفة، وأثناء الاجتياح أعلنت كتيبة طولكرم - مجموعة الرد السريع عن إصابتها جنديين إسرائيليين في مخيم طولكرم خلال اشتباكات عنيفة مُتبادلة، وتصدت لقوات الاحتلال في جميع أرجاء المدينة، وفجرت عدة عبوات ناسفة في آليات الجيش الإسرائيلي.
واستمرت الاجتياحات والحصار والاستهدافات للمدينة، وصولا إلى الاجتياح الأخير في 3 و4 يناير إذ اجتاحت قوات الاحتلال مدينة طولكرم ومخيم طولكرم ومخيم نور شمس بعشرات الآليات العسكرية ترافقها الجرافات العسكرية المُجنزرة "D9" والمدولبة، في اجتياح هو الأكبر والأوسع والأطول والأكثر تدميرًا منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقد أدى هذا الاجتياح إلى دمارٍ هائل غير مسبوق في المخيمين، واستمر لحوالي 40 ساعة متواصلة، وقد أصيب خلال الاجتياح 21 فلسطينيًا، في حين أعلن كيان الاحتلال عن إصابة 3 من جنوده.
وقد وزعت قوات الاحتلال منشوراتٍ تعلن فيها "فرض حظر التجول حتى إشعارٍ آخر"، كما حاصرت بشكلٍ كامل كُلاً من مستشفى الإسراء التخصصي و مستشفى ثابت ثابت في المدينة، وفتشت سيارات الإسعاف الفلسطينية المتوجهة من وإلى المستشفيين، ودققت في هوية كل الداخلين والخارجين للمستشفيين.
وأطلقت مسيرة لقوات الاحتلال صاروخًا نحو مخيم طولكرم ما أدى إلى إصابة عددٍ من الفلسطينيين ، كما أطلقت قوات الاحتلال النار على تجمع للصحفيين مقابل مخيم نور شمس المحاصر بالمدينة.
وتسببت الجرافات العسكرية الإسرائيلية بدمار هائل غير مسبوق في مخيم طولكرم ومخيم نور شمس شمل الشوارع والبنية التحتية والمباني السكنية والمحال التجارية، ففي مخيم طولكرم دمرت قوات الاحتلال شوارع المخيم وبنيتها التحتية بصورة شبه كاملة، وكذلك الأمر في مخيم نور شمس.
وقالت كتيبة طولكرم إنها فجرت عبوات ناسفة بقوات الاحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى تفجيرها سيارة مفخخة عن بُعد على الشارع الرئيسي في مخيم نور شمس بصورة مباشرة بقوة إسرائيلية أدت إلى مقتل وإصابة جنود إسرائيليين، وفق بيان للكتيبة.
وأعلنت قوات الاحتلال عن إصابة 3 من جنوده جروح أحدهم خطيرة خلال الاجتياح، وتعرضت عدة آليات لقوات الاحتلال للإعطاب ما اضطرها لسحبها من طولكرم.