الوقت- دعت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية، في إشارة إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة إلى وقف فوري لإطلاق النار في هذه المنطقة واعتبرت ذلك ضرورة حيوية لإنقاذ الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف والعدوان الغاشم منذ أكثر من شهر من قبل كيان الاحتلال.
لا يوجد مكان آمن في غزة
وأعلنت كلير ماغون، مديرة منظمة أطباء بلا حدود، خلال مؤتمر صحفي في مقر المنظمة بباريس، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة كارثي في ظل الحرب الشاملة التي تشن على المنطقة، و أن هذه الحرب دخلت شهرها الثاني.
وأضاف إن سكان غزة ما زالوا يتعرضون للمذابح ولا يستطيع عمال الإغاثة مساعدتهم، وفي ظل هذا الوضع الكارثي، فإن وقف إطلاق النار يعد ضرورة حيوية وملحة.
وأدانت مديرة منظمة أطباء بلا حدود مماطلة الولايات المتحدة ونظام الاحتلال في التوصل إلى وقف إنساني لإطلاق النار في غزة.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد تمكنت من إخراج 22 من أعضائها غير الفلسطينيين من قطاع غزة في الأيام الأخيرة، لكن هناك نحو 300 عضو فلسطيني في المنظمة في غزة، وأفاد مسؤول الاتصال في منظمة أطباء بلا حدود، لويس بودفان لارمان، الذي غادر غزة قبل أيام، أن الوضع في غزة كان لا يطاق منذ البداية، وأنه لا يوجد مكان آمن في هذه المنطقة، لقد اندلعت حرب كبيرة وشاملة على غزة، ونحن نشهد هناك كارثة لن تنتهي.
وأكد أن القنابل تتساقط على كل مناطق غزة وأن عشرات الآلاف من النازحين يتجمعون في مخيمات الأمم المتحدة في ظروف بائسة للغاية، وفي منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث يوجد حوالي 45 ألف نازح، لا يوجد سوى 8 دورات مياه، ويتم توصيل المياه ساعتين فقط كل 12 ساعة.
3500 سرير لأكثر من 25 ألف جريح
بدورها، أشارت "ميشيل أوليفييه" مسؤولة برامج الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، إلى النظام الصحي المتهالك في غزة، وأعلنت أنه بينما وصل عدد المصابين إلى أكثر من 25 ألف مصاب، لا يوجد في المستشفيات سوى 3500 سرير فقط، قبل ذلك، كانت المستشفيات تُستخدم كملاجئ، لكن الآن لم يعد الأمر كذلك، وحتى المستشفيات ليست في مأمن من القصف.
وأوضح أنه خلال الشهر الماضي وفي ظل الوضع الرهيب والقصف المستمر على غزة، لم تدخل إلى هذه المنطقة سوى 500 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، بينما في وقت سابق في الأوقات العادية، تم إيصال هذه الكمية من المساعدات يوميا إلى أهالي غزة، غزة المحاصرة.. تم إرسالها، نريد معالجة هذا الوضع الحرج للغاية في غزة حتى نتمكن من إرسال المساعدات بشكل مستمر.
160 طفلاً يموتون في غزة كل يوم
من ناحية أخرى، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال هم أكبر ضحايا عدوان نظام الاحتلال على غزة، حيث إن 160 طفلا يموتون في قطاع غزة يوميا.
وأشار كريستيان لاندماير المتحدث الرسمي باسم منظمة الصحة العالمية في حديث لـ"الميادين" إلى النقص الشديد في المعدات الطبية والإسعافية في غزة، وأعلن أن قتل الأطفال في غزة مستمر بطريقة فظيعة والعديد من الجثث تحت الأنقاض.
وأضاف، حالياً لم يتبق سوى القليل من الوقود وأدوية التخدير غير متوافرة في العديد من المستشفيات، كما أن هناك القليل جدًا من معدات الطوارئ لعلاج الجروح الناجمة عن القصف والأمراض الخطيرة الأخرى مثل السرطان والسكري وضغط الدم، كما يواجه مرضى غسيل الكلى الذين يحتاجون إلى أجهزة تعمل بالكهرباء مشاكل خطيرة بسبب النقص الشديد في الوقود.
تعطل أجزاء حيوية في المستشفيات وظروف خطيرة للأمهات والأطفال
ولفت لاندماير إلى فشل العديد من الأجزاء الحيوية في المستشفيات بسبب نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، وقال لاندماير، إن أكثر من 180 ولادة تتم في غزة يوميًا، وهؤلاء الأمهات وأطفالهن بحاجة إلى مساحة آمنة، ويموت يومياً 160 طفلاً بسبب القصف، أي ما يعادل 0.5% من سكان غزة، كما أن تحلل الجثث التي بقيت تحت الأنقاض يتسبب في انتشار كل أنواع التلوث، وخاصة تلوث المياه الجوفية، ما يعرض حياة الناس للخطر.
كما صرح ينس لايركي، المتحدث باسم مكتب تنسيق المساعدات التابع للأمم المتحدة، في هذا السياق، أن "إسرائيل" تواصل منع دخول الوقود إلى غزة، ولا توجد أخبار إيجابية حول إمكانية إرسال الوقود إلى هذه المنطقة، إذا استمر عدوان "إسرائيل" وحصارها على غزة فإن العالم سيشهد مجزرة كبرى في غزة، بالطبع، ليس فقط بسبب القصف، ولكن أيضًا بسبب نقص الدواء والغذاء والمياه النظيفة.
المستشفيات غير قادرة على تقديم الخدمات للجرحى والمرضى
بدوره أشار "أحمد المنظري" المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إلى أن الوضع الصحي في غزة مؤلم وكارثي، والمستشفيات التي لا تزال عاملة في غزة لا تستطيع تقديم الخدمات الصحية والطبية كما أن خدمات العمليات القيصرية بعيدة المنال تمامًا وحياة الأمهات والأطفال في خطر شديد.
وأضاف إن التعدي المستمر على المستشفيات واستمرار إغلاق معبر رفح من أهم التحديات التي تمنعنا من تنفيذ برامجنا الصحية، إن عدد موظفي الأمم المتحدة الذين لقوا حتفهم في غزة خلال هذه الفترة هو أكثر من العدد الإجمالي لضحايا الأمم المتحدة في السنوات السابقة، ونحن نطالب بحماية العاملين في المجال الطبي والمستشفيات من الهجمات.
مجمع الشفاء الطبي تحت الحصار
قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور أشرف القدرة إن مجمع الشفاء الطبي خرج من الخدمة تماما، ولا يستطيع تقديم أي خدمة صحية للجرحى نتيجة العدوان الإسرائيلي أو حتى المرضى الموجودين داخل المجمع، كما أنه يتعرض لحصار من الداخل والخارج.
وأضاف القدرة إن المجمع الآن لا يزال تحت القصف المستمر، ويتعرض لحصار من الداخل والخارج، فالقصف الإسرائيلي يستهدف محيطه الخارجي وكل من يريد التجول داخل ساحاته أو الانتقال بين أبنيته المختلفة، أو حتى يريد الوصول إلى بوابة المجمع الطبي.
وأشار الناطق باسم الوزارة إلى أن الاحتلال طلب منهم إخلاء مجمع الشفاء الطبي، لكن الرد لمن تواصل معهم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر كان "أنه إذا أراد الاحتلال إخلاء المجمع فلا يمكن إلا بإخراج المرضى إلى مستشفيات جمهورية مصر العربية لأنه لا يمكن على الإطلاق إخلاء هؤلاء الجرحى أو المرضى إلى الشارع كما حدث مع المرضى والفرق الطبية الذين أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي مع النازحين على أن يخرجوا من مستشفيات عدة إلى الشارع".
وقال القدرة إن هناك عددا من الأطفال توفوا خلال هذا التحريك لأنه لا توجد أجهزة دعم حياة، وبالتالي لا نريد أن نكرر هذا الإجرام على 650 مريضا داخل مجمع الشفاء الطبي، بالإضافة إلى أنه "لا يمكن إخلاء المجمع من المرضى إلى مستشفيات جنوب قطاع غزة التي هي أيضا مكدسة بالحالات المرضية وستتوقف أيضا عن العمل خلال أقل من يومين بسبب عدم توافر الوقود في مولداتها".
وعن الإمكانات التي يقدمها مجمع الشفاء الطبي الآن لمرضاه، ذكر الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أن "المجمع خرج تماما من الخدمة"، و"لدينا وفيات في الحضانة بعد توقف أجهزة دعم الحياة داخل القسم الذي يضم 37 طفلا آخرين لربما يكونون على طريق الموت"، لأن أجهزة دعم الحياة والفرق الطبية غير قادرين على المحافظة على حياتهم عبر الأجهزة أو الإجراءات اليدوية والبدائية.
وأضاف إن هناك 5 وفيات من الجرحى الذين أصيبوا جراء العدوان الإسرائيلي، ولم تستطع الفرق الطبية إجراء عمليات جراحية لهم بسبب فقداننا الكهرباء نتيجة نفاد الوقود من آخر مولد كهربائي كان يعمل في المستشفى.
