الوقت- بالأمس، أفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الإسرائيلية، بأن مصر نشرت عشرات الدبابات والعربات المدرعة بالقرب من معبر رفح على الحدود مع قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن عدد من الصور، أن “عشرات الآليات” تتمركز بالقرب من الحدود، مشيرة إلى أن نشر المعدات الثقيلة عند المعبر يرجع إلى حقيقة أن مصر “تخشى تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين نتيجة الحرب على قطاع غزة”، وأشارت “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن مصر مقيدة بموجب معاهدة السلام التي أبرمتها مع "إسرائيل" عام 1979 فيما يتعلق بعدد القوات المسموح لها بالتمركز في شبه جزيرة سيناء، على الرغم من أن "إسرائيل" وافقت في الماضي على انتهاك مصر لهذه الأعداد لمحاربة الإرهاب في المنطقة.
تحرك مصريّ سريع
معبر رفح، هو المنفذ الحدودي الوحيد بين مصر وقطاع غزة، ومنذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر، تم وقف العمل في المعبر لحركة المسافرين، واقتصر عمله على إدخال بعض شاحنات المساعدات الإنسانية لغزة، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، إن عدد الشاحنات التي تقوم بإيصال المساعدات من الأراضي المصرية إلى غزة عبر معبر رفح وصل إلى 250 شاحنة.
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “أسوشيتد برس”، نقلا عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن السلطات الإسرائيلية اعترفت بوجود خطة استخباراتية لإعادة توطين 2.3 مليون من سكان قطاع غزة في مصر في شبه جزيرة سيناء، مع تصاعد الحديث عن خطط تهدف إلى توطين الفلسطينيين في مصر.
والجدير بالذكر أن هذه القصة قد تم تداولها سابقا في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2012، وأثارت منذ ذلك الحين الكثير من الجدل والقلق، الآن هناك قصة جديدة حول هذا المخطط، والتي تسببت في قلق البعض والاستياء بين آخرين.
وفي هذا السياق، إن محاولة نقل الفلسطينيين إلى مناطق في مصر، بما في ذلك شبه جزيرة سيناء، كانت خطة قديمة أخذها الإسرائيليون على محمل الجد، ولكن مصر رفضت في السابق مثل هذه الفكرة، وتثير المحادثة مخاوف وتساؤلات للكثيرين لأن تسوية الفلسطينيين في مصر قضية حساسة تتعلق بالهوية والسيادة الوطنية وتتطلب مناقشة شاملة ومستقبلية للتحديات المحتملة المتعلقة بهذا الموضوع.
ومع وصول رئيس الإخوان إلى السلطة، كانت هناك قصة جديدة حول هذا الموضوع، على الرغم من تاريخ هذه الخطة، تشعر مصر بقلق عميق إزاء الصراع المستمر بين الفلسطينيين وجيش "إسرائيل" وتدرك مصر جيدا خطورة هذه القضية.
ويذكر محللون أهمية توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز والمياه لسكان قطاع غزة، ويؤكدون من جديد خطر قطع هذه الخدمات، لأنها قد تؤدي إلى تدهور الحالة الإنسانية في قطاع غزة وممارسة ضغوط هائلة على الفلسطينيين، وإذ يلاحظ أن هذا الوضع قد تكرر في الماضي، فإنه يسأل عما تبقى للفلسطينيين للعيش والبقاء في ظل هذه الظروف الصعبة.
ويبرز الخطاب الحاجة إلى معالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وليس فقط المساعدات الإنسانية، ما يثير تساؤلات حول الحلول المستدامة وسبل التخفيف من معاناة الفلسطينيين.
ومصر تواجه إمكانية هذه الخطة ويجب أن تفكر بجدية في كيفية مواجهتها، إضافة إلى ذلك، لم يستبعد البعض أن "إسرائيل" تريد استخدام هذا المخطط بشكل غير قانوني لتحقيق أهدافها السياسية. وشدد على أن مصر لديها القدرة والقوة لمواجهة هذه الخطة، ليس استجابة لحاجة مصر إلى الاستعداد لتحمل عبء "إسرائيل" من حيث العداء الصريح للفلسطينيين، ولكن من حيث الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني.
وأشار محللون إلى أن مصر لديها خبرة طويلة في قبول ودعم اللاجئين، حيث إنها قبلت ملايين اللاجئين من مختلف البلدان، وهي ملتزمة بمساعدة الفلسطينيين ودعمهم إذا لزم الأمر، وهذا يعكس التاريخ الطويل للتضامن والتعاون بين الشعبين المصري والفلسطيني، وإن الفلسطينيين رفضوا هذه الخطة الهادفة إلى الاستقرار في مصر، انطلاقا من اعتزازهم بأرضهم وحقوقهم وإيمانهم بأن مصر تحترم هذه الحقوق وتقف إلى جانبهم في نزاع مشروع مع "إسرائيل".
وحول التدابير اللازمة، إن على مصر اتخاذ إجراءات دبلوماسية وسياسية للتواصل مع المجتمع الدولي وشركائه الإقليميين، وينبغي لمصر أن تقدم رؤية وطنية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن تسلط الضوء على الوضع الإنساني الصعب الذي يعيش فيه الفلسطينيون، إضافة إلى ذلك، يجب على مصر العمل على تعزيز التعاون مع دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية وتركيا، والسماح لهذه الدول بتقديم الدعم اللازم والضغط الدبلوماسي لحماية حقوق الفلسطينيين.
محاولة لاستبدال أبناء البلد
ويجب على مصر أن تستخدم نفوذها السياسي والدبلوماسي لدعم القضية الفلسطينية وتقديم مساهمة فعالة في الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للصراع الدائم في المنطقة، وطالما استمرت "إسرائيل" في ممارسة سياساتها الحالية وتنفيذها في المنطقة، سيستمر الدعم الأمريكي والغربي لـ"إسرائيل"، يأتي هذا الدعم بأشكال مختلفة، بما في ذلك الدعم السياسي والمالي والعسكري. لكنه سيستمر أيضا إلى أن يتم تحقيق إصلاحات شاملة وعادلة في العلاقة بين "إسرائيل" والفلسطينيين، وعند هذه النقطة يمكن أن تتضاءل ديناميكيات الدعم أو تتغير.
في غضون ذلك، أثار المحللون مسألة ما إذا كان بإمكانهم مقارنة الوضع الحالي في القدس والأقصى باندلاع بيرل هاربور، عندما هاجمت اليابان قاعدة بحرية أمريكية في هاواي عام 1941 وانغمست الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، ما أثار تساؤلات حول تصاعد التوترات في المنطقة واحتمال أن تؤدي الأحداث الجارية إلى تصعيد أكبر وصراعات جديدة في المستقبل. ليست هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه الزيادة في عدد الأشخاص المتضررين.
وأعرب عن قلقه من أن الأحداث الجارية يمكن أن تذكرنا بأحداث تاريخية مأساوية مثل حادثة بيرل هاربور، وهذا يدل على الخوف من تصاعد التوترات وتكثيف الصراع في المنطقة.
وإن" إسرائيل " ستستخدم التوترات الحالية لتكثيف هجماتها على قطاع غزة وإجلاء الفلسطينيين إلى سيناء لتسهيل تنفيذ مشاريع الدولة الفلسطينية في المنطقة، والسماح لـ"إسرائيل" بالسيطرة على فلسطين وجلب المزيد من اليهود هناك، كما أعربنا عن قلقنا إزاء إمكانية تحقيق ذلك، وتحافظ مصر على حرمة أراضيها وتؤكد حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين، كما أكدت مصر رفض خطة "إسرائيل" الهادفة إلى القضاء على قطاع غزة والمقاومة، وشدد على أنه طالما استمر الاحتلال، فإن مقاومة الاحتلال لها ما يبررها.
وأشار المصريون إلى أن هناك حاجة ملحة لعقد جلسة نقاش تجمع بين الخبراء لمناقشة التطورات الحالية والسيناريوهات والمخططات المحتملة للقضية الفلسطينية، وهم يعتقدون أن خطة إفراغ غزة وإطلاق مشروع دولة غزة الكبرى في سيناء يجب مناقشتها بالتفصيل، ويجب مناقشة مخاطر ذلك، ويجب التحضير لفهم أعمق للتحديات والاستراتيجيات الممكنة لمواجهة هذه المخاطر، ما يعني رفض الخطط الرامية إلى إفراغ غزة وإقامة دولة فلسطينية بديلة في منطقة سيناء.
النهاية، مصر قلقة من مخاطر تنفيذ ما تسمى "صفقة القرن"، بما في ذلك محاولات إفراغ قطاع غزة وتنفيذ خطط لإقامة دولة فلسطينية بديلة في منطقة سيناء، والعديد من الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، طردوا من الضفة الغربية منذ عام 1948 وأنه على الرغم من حقهم المشروع في العودة، إلا أن "إسرائيل" رفضت هذا الحق تماما، وبدلا من ذلك، طرحت "إسرائيل" فكرة إيجاد منزل بديل لهؤلاء الفلسطينيين في سيناء.
وإن تأمين الجيش المصري الحدود بين مصر وقطاع غزة، وخاصة مع استمرار النزاعات والتوترات التي تبثها تل أبيب في غزة والمنطقة، ويمكن فهمها بمحاولات توطين الفلسطينيين في مصر أو إقامة دولة فلسطينية بديلة في سيناء، وينبغي أن تتخذ هذه التدابير في سياق أمني وعسكري لمعالجة قضايا الحدود والأمن حسب الحاجة لضمان سلامة مواطنيها وأمن حدودها من خطط الإسرائيليين الهادفة لإبادة وتهجير الفلسطينيين.