الوقت- أعلن كيان الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً، رفضه إمكانية تأسيس مقر دبلوماسي في القدس لأول سفير سعودي لدى فلسطين، وأكد الفلسطينيون أن تعيين السفير السعودي يعتبر تأييدًا لهدفهم في إقامة دولتهم بعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لوكالة الأبناء الفلسطينية "وفا"، قدم السفير السعودي في الأردن نسخة من أوراق اعتماده السبت الماضي، حيث تم تعيينه سفيرًا مفوضًا وفوق العادة للرياض لدى دولة فلسطين وقنصلًا عامًا للمملكة في القدس، عاصمة دولة فلسطين، وفي منشور نشرته السفارة السعودية في عمان على وسائل التواصل الاجتماعي، أشارت إلى أن السديري سيكون "قنصلاً عامًا في القدس"، وتأتي هذه الخطوة بعدما أعلنت الولايات المتحدة عن تحقيق تقدم محدود في جهودها للوساطة في إقامة علاقات رسمية بين "إسرائيل" والسعودية، وكانت السعودية قد استبعدت في السابق التوصل إلى اتفاق مثل هذا قبل حل قضية إقامة دولة فلسطينية.
توافق إسرائيليّ - سعوديّ معدوم
في إشارة إلى إحساسهم بالتهميش، ونتيجة للمحادثات غير المباشرة المكثفة، أعرب الفلسطينيون هذا الشهر عن أملهم في أن تأخذ الرياض مخاوفهم في الاعتبار وتتعاون معهم، وزاد تفاؤل الفلسطينيين بعد تعيين السديري، حيث وصف بسام الأغا، السفير الفلسطيني لدى الرياض، تعيين السديري بأنه إشارة من السعودية للدولة الفلسطينية، وقال: "هذا الموقف يرفض ما أعلنه سابقًا الرئيس السابق للولايات المتحدة، الرئيس ترامب، واعتراف الولايات المتحدة في عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل"، وفي مقابلة مع إذاعة صوت فلسطين، أعرب السديري بشأن تعيينه قنصلاً عاماً في القدس قائلاً: "هذا يعني استمرارًا لمواقف المملكة".
وتسعى السلطة الفلسطينية لإقامة دولة على الأراضي التي احتلتها "إسرائيل" في حرب عام 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمتها، وتوقفت المفاوضات مع "إسرائيل"، والتي كانت تحت رعاية الولايات المتحدة، عن تحقيق هذا الهدف منذ أكثر من عشر سنوات، ومن بين العقبات التي تعترض تحقيق هذا الهدف هي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والانقسام بين السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويشكل اعتبار الكيان الإسرائيلي القدس عاصمتها غير قابلة للتقسيم نقطة مثيرة للجدل، حيث إن هذا الوضع لا يحظى بالاعتراف الدولي الواسع النطاق، وتقوم السلطات الإسرائيلية بمنع النشاط الدبلوماسي الفلسطيني في المدينة.
وقدم السديري أوراق اعتماده للبعثة الفلسطينية في عمّان، وهذا يشير إلى أن العاصمة الأردنية ستظل مقرًا له، وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لمحطة إذاعية في تل أبيب اليوم قائلاً: "ربما يكون (السديري) مبعوثًا سيجتمع مع ممثلين من السلطة الفلسطينية، وهذا يشير إلى أن السديري قد يقوم بمهمة دبلوماسية تتعلق بالتواصل والتنسيق مع ممثلين فلسطينيين، على الرغم من عدم وجود مقر دبلوماسي رسمي له في القدس.
ويعبِّر هذا النص عن توقعات الوزير الإسرائيلي للخارجية إيلي كوهين بعدم وجود مسؤول فعلي متمركز في القدس وعدم تقديم أي تنازلات كبيرة للفلسطينيين في إطار اتفاق للتطبيع مع السعودية، وتشير حكومة "إسرائيل" اليمينية المتشددة إلى عدم إمكانية تقسيم القدس وتقليل الوضع الراهن الذي تعتبر فيه القدس عاصمة غير قابلة للتجزئة، ويقول كوهين إن التعيين الجديد للسفير السعودي يهدف في الأساس إلى إيصال رسالة إلى الفلسطينيين بأن السعودية لم تنسَهم، وذلك في سياق المحادثات الأمريكية السعودية الإسرائيلية والتقدم الذي تم فيها، وهذه التصريحات تعكس المواقف المتباينة والتوترات السياسية المحيطة بالعملية السلمية في المنطقة والصعوبات التي تواجهها لتحقيق التوافق بين الأطراف المعنية.
إصرار الرياض على مطالبها
تشير المعلومات، إلى أنّ الرياض تُصر على مطالبها فيما يخص التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وتعكس توقعات وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، بشأن عدم وجود مسؤول فعلي في القدس وعدم تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين في إطار اتفاق للتطبيع مع السعودية، وتشير الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة إلى عدم إمكانية تقسيم القدس وتقليل وضعها الحالي، حيث تعتبر القدس عاصمة غير قابلة للتجزئة، ويقول كوهين إن التعيين الجديد للسفير السعودي يهدف بشكل أساسي إلى إيصال رسالة للفلسطينيين بأن السعودية لم تنسَهم، وذلك في سياق المحادثات الأمريكية السعودية الإسرائيلية والتقدم الذي تم فيها، وتعكس هذه التصريحات التوترات السياسية والمواقف المتباينة المحيطة بعملية السلام في المنطقة والصعوبات التي تواجهها في تحقيق التوافق بين الأطراف المعنية.
وفيما يتعلق بفكرة تعزيز العلاقات الرسمية بين "إسرائيل" والسعودية، تم طرح هذه الفكرة للنقاش منذ الحصول على الموافقة الضمنية من السعودية على تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين في عام 2020، ووفقًا لتصريح وزير الخارجية الإسرائيلي، فإن الكيان أقرب الآن من أي وقت مضى لتحقيق اتفاق "سلام" مع السعودية، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هذا الاتفاق بحلول شهر مارس آذار المقبل، قبل الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني 2024، ومع ذلك، تعارضت وجهات النظر داخل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة بشأن تقديم أي تنازلات للفلسطينيين في إطار اتفاق تطبيع العلاقات مع السعودية، وأعرب بعضهم عن رفضهم القاطع لأي تنازلات وتجميد المستوطنات في الضفة الغربية، وأكدوا أنهم لن يوافقوا على أي شيء من هذا القبيل، وهذه الأوجه المتباينة للآراء تعكس التحديات والصعوبات في تحقيق التوافق بين الأطراف المعنية في عملية تعزيز السلام في فلسطين والعلاقات مع الاحتلال في المنطقة.
وإن التغيرات هذه أثارت جدلاً كبيرًا، حيث لم تتضح مواقف الأحزاب الصهيونية الدينية وحزب "القوة اليهودية" المتطرف تجاه هذه القضية، وهذه المواقف إذا كانت مخالفة قد تشكل عقبة سياسية أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر تطبيع العلاقات مع السعودية هدفًا رئيسيًا في سياسة الكيان الخارجية، وخاصة أن الفلسطينيين يسعون لإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهذه المناطق تمتلك أهمية كبيرة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فيما تحتل القوات العسكرية للكيان هذه المناطق منذ حرب عام 1967، وتتمثل المفاوضات والجهود الدولية في تحقيق تسوية سلمية تمكن الفلسطينيين من تأسيس دولتهم المستقلة، ويجب ملاحظة أن الآراء والمواقف السياسية في الكيان قد تختلف وتتنوع بشكل واسع، وهذا يعكس الاختلاف السياسي والاجتماعي، وقد يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحديات سياسية في التوافق على تطبيع العلاقات مع السعودية نظرًا للانقسامات والاختلافات الداخلية في الحكومة والمشهد السياسي الإسرائيلي.
ولا ننسى تصريحات وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير التي تحدث فيها عن إمكانية التوصل إلى اتفاقات دبلوماسية مع الدول العربية، ولكن بشرط عدم تضمنها تنازلات لصالح السلطة الفلسطينية أو تسليحها أو منح السلطة لمن وصفهم بـ"الإرهابيين"، قد أثارت جدلاً وانتقادات، وهذا التصريح تعكس وجهة نظر معينة تتعلق بالمخاوف الأمنية للاحتلال وتأثير أي اتفاق على الوضع الأمني المتزعزع للكيان في المنطقة، ومن المهم أيضًا أن نفهم أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني معقد ويتطلب حلًا شاملاً يلبي مطالب وحقوق الفلسطينيين، وإن التوصل إلى اتفاقات دبلوماسية يتطلب تفاوضًا وتنازلاً من المحتلين للأرض العربية، وهذا يشمل النظر في قضايا الحدود والأمن والقضية الفلسطينية بشكل عام.
النهاية، من الصعب أن تتم المناقشات والمفاوضات بشكل مستدام وشفاف مع كيان مثل "إسرائيل"، وأن يتم النظر في مصالح الفلسطينيين واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، وإن الحوار البناء والحلول الشاملة مع تجذر الاحتلال في فلسطين هو الشيء الذي الوحيد الذي يؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وإن الشروط التي تضعها السعودية للتطبيع مع الكيان تؤدي برأيها إلى تسوية سلمية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا ننسى أن "إسرائيل" لديها تأثير ودور في تحديد شروط التوصل إلى اتفاقات ومن الصعب أن تتنازل في مثل هكذا قضايا، لأن احتلالها قائم على ذلك، وعلاقتها مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لها تأثير على العملية السياسية في المنطقة، ومع ذلك، يجب أن يشمل أي اتفاق مستقبلي حقوق ومصالح جميع الفلسطينيين، بما في ذلك الأسرى واللاجئين الفلسطينيين، لأن تحقيق السلام والعدالة في الشرق الأوسط يكون من خلال استرجاع الأراضي والحقوق وليس التفريط بها.