الوقت - أنشطة أمريكية مشبوهة في خانة التنصل ونكث الإتفاق ليس بالأمر المستغرب والبعيد، فقد أصدر الكونجرس الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين قراراً يقضي بتشديد شروط الدخول إلى أراضيها بالنسبة إلى بعض رعايا 38 دولة أعضاء في برنامج الإعفاء من التأشيرات منها 30 بلداً أوروبياً إضافة إلى اليابان وأستراليا، وفي حال كان قد زار ايران منذ آذار لعام 2011 فيتعين عليه أيضاً الذهاب إلى القنصلية الأمريكية لإجراء مقابلة يتم خلالها معاينة البصمة والصورة، هذا القرار يأتي مخالفاً للإتفاق النووي الأخير، كما أن جملة اجراءات وقرارات قد سبقتها تصب في خانة التنصل من الإتفاق، في هذا المقال سنشير إلى جملة من هذه القرارات وسنعرض مجموعة من النقاط التي تؤدي إلى خلاصة مفادها التنصل ونكث الإتفاق.
شواهد في بضعة أشهر
منذ أن اعلن عن الإتفاق وحتى اليوم سجل أكثر من توجه وقرار أمريكي يخالف مضمون الإتفاق، فقد تم الموافقة على قرار فرض عقوبات على 11 شركة وشخص بحجة ارتباطهم ببرنامج الصواريخ الدفاعية الإيرانية، ومن الأمثلة على هذه الشركات التي سيضمها القرار، شركة مبروكة والتي تتواجد في دبي وحسين بور نقش بند، والتهمة الموجهة إلى الشركة أنها تعمل على تهيئة مادة الفايبر كاربون المستخدمة في صناعة الصواريخ، كما وشمل القرار شركة انهوي لاند كروب لارتباطها بادارة بور نقش بند نفسه، كما وشمل القرار فرض العقوبات على 5 من العاملين في وزارة الدفاع الإيرانية.
نقاط يمكن تسجيلها
أولاً: من النقاط المهمة التي شملها الإتفاق النووي هو فتح اجواء اقتصادية جديدة وازالة عقبات الحظر، وعليه فأن تلجأ السياسة الأمريكية إلى القول بأن الحظر النووي سيرفع لكنه سيفرض لدواع أخرى هي قضية تخالف أصل الإتفاق، كما أن فرض قیود على منح تأشیرات الدخول الى امریکا لمن زاروا الجمهورية الإسلامية الإیرانية هو ما يصب في دائرة الخطوات الأمريكية المشبوهة، فهو قد يسهل لأمريكا التطاول على الأصول المصرفیة الإیرانیة. وبالتالي فمثل هكذا خطوات فيها ضرر واضح بمصالح إيران الإقتصادية والسياحية والعلمية والثقافية ومتناقض للإتفاق.
ثانياً: إذا كان الهدف من القرار الأخير بفرض قیود على منح تاشیرات الدخول الى امریکا لمن زاروا الجمهورية الإیرانية الإسلامیة هو تضمين ايران، فإن الإيرانيين ولا أي شخص زار ايران لم تکن لهم علاقة بالمآسي التي وقعت في باريس وسان برناردينو أو في أي مكان آخر، بل ما صار واضحاً لدى الدوائر المخابراتية والأمنية من أن أحداث باريس الأخيرة ما هي الا ضمن سلسلة الرسائل بين الأنظمة والدوائر السياسية الداعمة لجماعات التكفير تجاه فرنسا والتي تعد أمريكا فيها رأس حربة، وبالتالي فإن ضم ايران إلا هذا القرار فاقد للمبرر. هذا الجو هو ما كان قد حذر منه مراراً وتكرراً من أن تلجأ أمريكا مستقبلاً إلى مخالفة الإتفاق أو التلاعب فيه، وهذا الجو سيعكس بلا شك حالة من انعدام الثقة الإيرانية حيال صانعي القرار الأمريكي.
ثالثاً: لا شك من أن القرار وجملة التوجهات السابقة يقف خلفه اللوبي الصهيوني وتيارات أخرى تعارض الإتفاق بشأن البرنامج النووي، وهي عامل مساهم ومساعد في الدفع نحو الإخلال بإلتزامات امريكا حيال ايران ومجموعة الدول الخمس. وعليه فإنه من الضروري على الجهاز الدبلوماسي الإيراني التحلي باليقظة ازاء هذه الممارسات لإن الإتفاق ليس قضية يجب تنفيذها من قبل طرف واحد فحسب، بل شرطه الأساس في ضمان استمراره التزام الأطراف مجتمعة في الإلتزامات التي قدمتها. في هذا الإطار قام البرلمان الإيراني ومنذ يومين برفع رسالة للرئيس روحاني يطالبون فيها بضرورة التحرك السياسي المتناسب مع هذه الإنتهاكات.
في هذا السياق فقد بعث بروجردي برسالة إلى نظرائه في البرلمان الأوروبي والجمعيات الوطنية البرلمانية في كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين . كما وقد انتقد رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه خلال زيارته طهران السياسة الأمريكية الجديدة لفرض تأشيرات على الأوروبيين الذين زاروا إيران، معتبراً أنها توجه رسالة سيئة، وقال لارشيه الأكيد أن ذلك سيعتبر هنا في طهران دليلاً على انعدام الثقة وبالنسبة إلينا هذا بالتأكيد ليس مبادرة تندرج في ثقافة بناء الثقة مع إيران . كما واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه لارشيه أن هذا القانون قبل كل شيء ضد استقلال أوروبا، مضيفاً أنه على الأوروبيين أن يظهروا استقلالهم حيال هذه الإجراءات التمييزية.