أيهما يفضله بوتين؟ أردوغان أم كليجدار أوغلو؟
الوقت- كل الأنظار في تركيا تتجه نحو انتخابات 14 مايو الرئاسية والبرلمانية. في غضون ذلك، إضافة إلى الجو الداخلي لتركيا، فإن دول المنطقة وربما العالم أيضًا تراقب بعناية التطورات الانتخابية في تركيا. من الدول التي أقامت علاقات وثيقة وحساسة مع تركيا في السنوات الأخيرة هي روسيا، ويتفاعل البلدان مع بعضهما البعض في حالات مختلفة، بما في ذلك سوريا وأوكرانيا وأزمة ناغورنو كاراباخ، ويُشار أن فلاديمير بوتين لديه تأييد علني لأردوغان.
يذكر في هذا المقال الذي كتبه "حسني موهالي"، وهو مواطن تركي من أصل سوري، أن افتتاح محطة "آغ كويو" للطاقة النووية في السابع من مايو الجاري، والذي تم بحضور فعلي لفلاديمير بوتين، كان مساعدة كبيرة لحملة أردوغان الانتخابية.
وأشاد الرئيس الروسي على وجه الخصوص بأردوغان وقال: "السيد الرئيس أردوغان قادر جيدًا على تحديد الأهداف والتحرك نحوها بشكل حاسم، وهذه هي الطريقة التي تدعمها روسيا حيث إن" الشراكة مع تركيا يجب أن تفيد الطرفين وتوفر مصالح البلدين ".
بل ذهب بوتين إلى أبعد من ذلك وأشاد بأردوغان على "الإجراءات التي يتخذها من أجل بلاده وفي اتجاه تطوير الخدمات لشعبه" وقال إنه مسرور جدًا بمستوى العلاقات بين موسكو وأنقرة وأن أردوغان نفسه لعب دورًا كبيرًا في هذا الأمر. وأضاف حسني مهالي: "إعلان فلاديمير بوتين دعم الرئيس التركي بهذه الصراحة رفع معنويات أردوغان وأنصاره".
من ناحية أخرى، انتشرت معلومات تظهر أن بوتين أمر بإيداع 30 مليار دولار في البنك المركزي التركي خلال الأيام المقبلة وقبل الانتخابات. قبل أشهر، أودعت روسيا 20 مليار دولار في البنك المركزي التركي من أجل التعامل مع انخفاض قيمة الليرة، حيث أصبحت قيمة الليرة الآن 20 دولارًا، ويتوقع الكثيرون انخفاض قيمة الليرة بشكل حاد وسيكون كل دولار بقيمة 30 إلى 35 ليرة بعد الانتخابات ".
وكتب هذا المحلل التركي: "بعض المعلومات تشير إلى احتمال تدخل فني روسي في عملية فرز الأصوات لصالح أردوغان، ومن ناحية أخرى، هناك مزاعم أخرى بشأن تدخل الولايات المتحدة لصالح منافس أردوغان"، لكن على أي حال، الجميع يعلم أن أردوغان حشد كل الصلاحيات الحكومية والدستورية والقانونية لضمان فوزه بأي ثمن.
وحسب مراقبين، فإن دعم روسيا لأردوغان مبرر منطقيا لفلاديمير بوتين، الذي نجح في إبقاء تركيا محايدة في الأزمة الأوكرانية، مقابل عدم ضغط موسكو على أنقرة بشأن سوريا رغم اتفاقي سوتشي وأستانا.
وحسب حسني محالي، يتذكر الجميع أنه في 24 آب / أغسطس 2016، أي في الذكرى الخمسمئة لمعركة مرج دابق (دخول السلطان سليم إلى سوريا)، أعطى بوتين الضوء الأخضر للجيش التركي لدخول سوريا والبقاء هناك، وهو تدخل عسكري جعل لتركيا اليد العليا في قضايا أخرى، منها ليبيا والعراق والصومال والقوقاز. لذلك، في السنوات السبع الماضية بعد الضوء الأخضر من موسكو، اتسعت العلاقة الشخصية بين أردوغان وبوتين يومًا بعد يوم وأثرت على العلاقات الروسية التركية في جميع المجالات، من الشراء المثير للجدل لنظام S-400 من روسيا إلى بناء مفاعل نووي مقابل 30 مليار دولار، حتى تزويد تركيا بنحو 45٪ من احتياجاتها من الغاز من روسيا.
كل هذا، إضافة إلى تفاصيل أخرى في العلاقات التركية الروسية، كان كافياً لإثارة حفيظة واشنطن وحلفائها الغربيين. وخاصة بعد أن رفضت تركيا الالتزام بالعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا. من ناحية أخرى، جاء دعم بوتين الصريح ومدحه لأردوغان في اليوم الذي أكد فيه "كمال كليجدار أوغلو" أيضًا على أهمية العلاقات مع روسيا في رسالة إلى مؤتمر المثقفين في موسكو والعلاقات مع هذا البلد في مختلف العصور، بما في ذلك العثمانية، في الاتحاد السوفيتي، وذُكرت العلاقات الحميمة بين لينين وأتاتورك.
وقال كمال كليجدار أوغلو في هذه الرسالة إن التعاون بين روسيا وتركيا سيتوسع إذا فاز في الانتخابات. تم إرسال رسالة كليجدار أوغلو إلى هذا المؤتمر والتأكيد على العلاقات مع روسيا بعد أن كتبت وسائل الإعلام المقربة من أردوغان أنه إذا خسر الانتخابات، فهناك احتمال بتوتر العلاقات بين أنقرة وموسكو، وأن بعض الأشخاص المقربين من كليجدار أوغلو، مثل داود أوغلو ومارال آكشنر وآخرون أعربوا صراحةً عن استيائهم من العلاقة الوثيقة بين أردوغان وبوتين.
هناك أيضًا معلومات أخرى حول وعود واشنطن وبعض العواصم الغربية بدعم المعارضة ضد أردوغان مقابل ابتعاد أنقرة عن موسكو بعد فوز كليجدار أوغلو في الانتخابات. في هذا الصدد، يمكن تعريف الدعم الأمريكي للدول الأوروبية لأحزاب اليسار والأحزاب الكردية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني في سوريا، بأنه يأتي على عكس إرادة أردوغان.
في غضون ذلك، هناك انتقادات كثيرة ضد كليجدار أوغلو بسبب عدم توضيحه لسياسته الخارجية، ومن أسباب ذلك عدم وحدة آراء أعضاء تحالف "الأمة"، والتي تعتبر خمسة أحزاب ذات ميول مختلفة. قضية أخرى هي أن آلية تحالف الأمة الذي تم تشكيله بحضور خمسة أحزاب تبين أن كليجدار أوغلو لن يكون قادرًا على تبني سياسات استراتيجية بمفرده إذا فاز، والتنسيق والاتفاق بين أعضاء التحالف الآخرين لا يمكن أن يتخذ قرارات استراتيجية، على الرغم من أن الدستور التركي يعتبر الرئيس وحده هو صاحب القرار في هذا الصدد.
في الوقت نفسه، يعلم الجميع أن كليجدار أوغلو يعارض بشدة سياسة أردوغان الخارجية، ولا سيما فيما يتعلق بغرب آسيا وشمال إفريقيا. في غضون ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه إذا كان كليجدار أوغلو يريد تعزيز سياسة أتاتورك الخارجية، فإن ذلك سيعني علاقة وثيقة مع روسيا، لأن أتاتورك كان يتمتع بعلاقات جيدة مع القادة السوفييت، ولولا مساعدة لينين، لما كان أتاتورك قادراً على القتال في الحرب لنيل الاستقلال ضد الدول المستعمرة، بما في ذلك فرنسا وإنجلترا وإيطاليا التي كانت تحظى بدعم مباشر من أمريكا واليونان. ربما لهذا السبب اعترفت الدول الغربية بسرعة باستقلال تركيا في معاهدة لوزان (1923) حتى لا يتجه هذا البلد نحو الاتحاد السوفيتي.