الوقت - على الرغم من أن الولايات المتحدة والکيان الصهيوني يحاولان منع تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية وقواسمها الثقافية المشتركة مع الدول الثورية الأخرى لأكثر من أربعة عقود، إلا أن كل هذه الجهود قد فشلت، وتوغلت إيران ثقافيًا وعسكريًا حتى بالقرب من الولايات المتحدة.
بدأت إيران التي رفعت راية محاربة الغطرسة العالمية، مبادرةً جديدةً لنقل تجاربها ونجاحاتها إلى دول أخرى. وفي هذا الصدد، تم الكشف عن كتاب مذكرات نضال المرشد الأعلی الإيراني بعنوان "الخلية رقم 14"، خلال حفل أقيم في كراكاس عاصمة فنزويلا، إلى جانب معرض ثقافة الصداقة الإيرانية الفنزويلية، بجهود الناشطين الثقافيين الفنزويليين والمتحدثين بالإسبانية، وبحضور شخصيات ثقافية إيرانية وفنزويلية.
هذا العمل هو ترجمة لكتاب "إنّ مع الصبر نصراً" بالعربية، الذي أتيحت نسخته الفارسية للجمهور الإيراني تحت اسم "خون دلی که لعل شد"(دم القلب الذي تحول إلی لعل).
في هذا الکتاب، وصف الزعيم الإيراني كل شيء بالتفصيل، من أيام طفولته ودراسته إلى بداية نشاطه كمناضل ضد نظام الطاغوت ومن ثم النزاعات والاعتقالات.
وقد ذكر في هذا الكتاب المصاعب والعذاب الذي تعرض له في منفاه، وصوّر الاستبداد والغطرسة بشكل جيد للغاية، حتى يدرك الآخرون جيداً ماذا فعلت الغطرسة بالدول الثورية والمضطهدة للحفاظ على أسسها في العالم.
وحسب المحللين في مجال الثقافة والأدب، فإن كتاب "الخلية رقم 14" يتناول على وجه التحديد ذكريات مقاومة ونضالات المرشد الأعلی الإيراني السيد خامنئي في طريق تحرير الأمم والشعوب وهو قيّم للغاية، لأن هذا الكتاب مذكراته الشخصية ويعتبر بيانًا نضاليًا مثمرًا وفعالًا.
بالتزامن مع الكشف عن النسخة الإسبانية من هذا الكتاب، كتب قائد الثورة في إيران في رسالة: "بسم الله الرحمن الرحیم. سأكون سعيدًا جدًا لو تمكنت من التواصل معكم أنتم المتحدثون باللغة الإسبانية من خلال هذا الكتاب. هذا هو جزء قصير من سيرة حياتي. سيكون من الجيد أن نتعرف نحن وأنتم وجميع الدول الساعية إلى العدالة على بعضنا البعض أكثر ونتآزر أكثر. أتمنى لكم السعادة من الله تعالی. السيد علي خامنئي".
وكان المرشد الأعلى في إيران قد نشر في وقت سابق رسائل باللغة الإنجليزية موجهةً إلى الشباب الغربي، لإظهار الطبيعة الشريرة للغطرسة العالمية لشعوب هذه الدول، وفي ذلك الوقت کانت الرسائل موضع ترحيب شباب أوروبا وأمريكا الشمالية، ومن المتوقع أن يترك هذا الكتاب المکتوب باللغة الإسبانية أثراً كبيراً في دول أمريكا اللاتينية.
التآزر الثقافي لشعوب أمريكا اللاتينية مع إيران
على الرغم من أن بعض الناس يحاولون إظهار أنه في عهد محمد رضا بهلوي، کانت الحرية والديمقراطية في ذروتها ولم يكن المعارضون تحت الضغط، إلا أن روايات هذا الكتاب يمكن أن تكون فعالةً في تنوير الرأي العام للدول الناطقة بالإسبانية.
يمكن دراسة هذا الكتاب، الذي يخاطب بشکل رئيسي سكان أمريكا اللاتينية، من عدة نواح. شعوب هذه القارة تحت سيطرة الولايات المتحدة لعدة عقود، والعقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة على هذه البلدان تسببت في أن يعيش معظم الناس في فقر.
يوجد حاليًا حوالي 500 مليون ناطق باللغة الإسبانية في العالم، يعيش معظمهم في أمريكا اللاتينية. وبسبب النضالات الثورية التي خاضها قادة بعض هذه الدول مع الغطرسة العالمية في العقود الماضية، فإن لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع إيران من وجهة النظر هذه.
لذلك، فإن نشر هذا الكتاب الذي يتحدث عن منفى المرشد الأعلی الإيراني، والذي يظهر جرائم الحكومة الاستبدادية المدعومة من الولايات المتحدة، يمكن أن يخبر شعوب هذه المناطق بحقيقة الاستكبار والحكومات العميلة للغرب في العالم.
إن زيادة وعي الناطقين بالإسبانية تجاه الغطرسة العالمية، سيجعلهم يتعاونون فكرياً مع الشعب الإيراني ليحاربوا بشكل مشترك الغطرسة. وتعتبر دول أمريكا اللاتينية، مثل إيران، من بين الدول المحبة للحرية في العالم التي تحارب السياسات الأمريكية.
تعتبر واشنطن أمريكا اللاتينية حديقتها الخلفية، وتماشياً مع هذه الاستراتيجية، حاولت في العقود الماضية إخضاع هذه القارة من خلال تنفيذ انقلابات، وفرض عقوبات واسعة، ومحاولة اغتيال قادة ثوار.
كما تم استخدام هذه السياسات ضد إيران أيضًا، ومن وجهة النظر هذه، هناك قاسم مشترك بين شعوب هذه الدول وإيران مفاده بأنه إذا تم تشكيل تحالف، فيمكنهم هزيمة الغطرسة العالمية.
وفي هذا السياق، قال دانييل أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، مؤخرًا في اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني: "إذا أقامت إيران وأمريكا اللاتينية علاقاتهما وعززتاها، فستصبح شعوبهما بالتأكيد لا تُقهر".
تصريحات أورتيغا هذه حقيقة لا تضاهى، وهي أن الدول المحبة للحرية والمناهضة للإمبريالية يجب أن تضع الوحدة والتواصل كخطوة أولى في الكفاح ضد الغطرسة العالمية.
مرشد الكفاح ضد الغطرسة العالمية
إن نشر كتاب زعيم إيران يمكن أن يوضح ويعلم البلدان الناطقة بالإسبانية طريقة محاربة الاستعمار والسياسات الاستعمارية، حتى لا ييأسوا من التحرك نحو الاستقلال.
لقد انتصر شعب إيران في الثورة الإسلامية بأيدٍ فارغة ضد نظام بهلوي المدعوم من الغرب، ويمكن لشعوب أمريكا اللاتينية أن تأمل في مستقبل مشرق والخلاص من الغطرسة باستخدام تجارب الجمهورية الإسلامية. لأن كتاب المرشد الأعلی الإيراني السيد خامنئي هو دليل ومفتاح لمحاربة الغطرسة في المواقف الصعبة، ويمكن أن يكون مثالًا جيدًا للثوريين في البلدان الأخرى.
من ناحية أخرى، يمكن لهذا الكتاب أن يعطي أفكارًا بناءةً لمناهضة الغطرسة في العالم، بسبب اقتدار إيران في الأربعين عامًا الماضية بعد التخلص من الغطرسة والاستبداد.
في العقود الأربعة الماضية، أثبتت إيران أن الضغوط الشاملة للغرب لم تفشل فقط في إضعاف هذا البلد، بل ازدادت قوة الجمهورية الإسلامية على المستويين العسكري والاقتصادي، الأمر الذي أثار قلق الغربيين والأمريكيين والصهاينة.
لقد تحقق الكثير من هذه التطورات واقتدار إيران واعتزازها بقيادة المرشد الأعلی السيد خامنئي، الذي قاد دون خوف من تحذيرات الجبهة العبرية الغربية السفينة الإيرانية المضطربة، التي تم تحريرها للتو من أيدي الطاغوت وأمريكا، إلى شاطئ الأمان.
منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية، كانت إيران تحت أشد العقوبات قسوةً من الغرب، لكن بذكاء المرشد الأعلی تمكنت من تجاوز هذه الأزمات. واليوم، يعترف الغربيون بأنهم لم يتمكنوا من إضعاف إيران بضغط العقوبات، وعليهم الخضوع لإيران النووية والقوية.
روعة الكتاب والتعرف علی قائد الثورة
يمكن أن تكون مذكرات نضالات الزعيم الإيراني من حقبة المنفى، التي كتبها زعيم كاريزمي وثوري، جذابةً للغاية للناطقين بالإسبانية الذين يرغبون في اختيار استراتيجية نضالية جديدة للنجاح في مواجهة الغطرسة العالمية.
وعلى الرغم من أن أمريكا اللاتينية شهدت شخصيات ثورية عظيمة مثل سيمون بوليفار وفيدل كاسترو وإرنستو شيغوارا وهوجو شافيز، الذين وقفوا شامخين في مواجهة الغطرسة العالمية، لكن سرد ذكريات زعيم ثوري في ركن آخر من العالم عانى من المنفى والتعذيب، من أجل تحقيق مثله العليا واستطاع كسر قيود الاستبداد والغطرسة دون أن يتعب من القتال وبالصبر والإيمان إلى جانب إخوته الثوريين الآخرين، يمكن أن يكون فعالًا لأبناء أمريكا اللاتينية الذين عانوا من ألم مماثل.
كما أن ترجمة هذا الكتاب يمكن أن تظهر شخصية المرشد الأعلی الإيراني للناطقين باللغة الإسبانية، وبالنسبة لأولئك الذين سعوا للتعرف على حياته وشخصيته، يمكن لهذا الكتاب أن يلبي احتياجاتهم.
ويمكن لمحتوى هذا الكتاب أيضًا أن يروي طبيعة الحكومات الموالية للغرب في أمريكا اللاتينية لشعوب هذه البلدان، حتى يتمكنوا من فهم عمق الكوارث التي تجلبها الغطرسة العالمية.