الوقت – لم يذهب الإسرائيليون الذين حاولوا تقديم مساعدة الإنقاذ للمتضررين، إلى تركيا كفريق إنقاذ فحسب، بل ذهبوا مدججين بالسلاح، ورافقهم حراس أمن من وحدة النخبة المعروفة “شلداغ”، وكُل هذه الاستعدادات الأمنية فقط للانضمام إلى فرق الإنقاذ حول العالم التي هبت لإنقاذ المتضررين من زلزال تركيا، وسوريا، ما يطرح تساؤلات حول شعور فريق الإنقاذ الإسرائيلي بعدم الأمان في دولة كتركيا، حكومتها مطبعة، والعلاقات عادت إلى أحسن حال، شأنها شأن باقي فرق الإنقاذ التي كان جل هدفها إنقاذ المنكوبين.
هذه الحادثة الأمنيّة، يبدو أنها أزعجت السّلطات التركيّة، التي وفق ما قال المُراسل العسكري يوسي يهوشاع لصحيفة “يديعوت أحرنوت”، أُجبرت الوحدة الإسرائيليّة على تسليم أسلحتهم، وأُبلغوا من قِبَل الأتراك بأنّ ذلك غير مقبول في بلادهم تركيا، وتوقّعوا منهم أن يتصرّفوا مِثل جميع الوفود الأخرى، الأمر الذي دفع الوفد الإسرائيلي العودة إلى فِلسطين المُحتلّة “على عجل”.
اللّافت في الحادثة الأمنيّة المثيرة هذه، أن الضباط الإسرائيليين حاولوا تقديم تبريرات حول التهديدات التي قد تطال الفريق الإسرائيلي للإنقاذ في تركيا، غير تلك الوفود القادمة للإنقاذ الأخرى، ما يؤكّد شُعورهم بالتهديد الأمني الدائم أوّلاً، وأنهم سيكونوا في وضع غير ترحيبي من قبل الشّعب التركي المنكوب رغم كارثة الزلزال ثانياً، وثالثاً وهو الأمر الأكثر إلحاحا هو الرّد التركي الصّارم الذي رفض السّماح للإسرائيليين بحمل سلاحهم، رغم تحسّن العلاقات أخيرًا مع حُكومة الكيان، حيث جاء الرّد: “أنتم وحدكم الذين طلبوا تأمين أنفسهم، وهذا غير مقبول”.
وقد تكون السّلطات التركيّة أمام أسئلة أمنيّة واستخباريّة من نوع لماذا اختار الكيان وحدة “شلداغ” تحديدًا لتأمين فريق إنقاذها، وهي المعروفة بأنها وحدة خاصّة تُنفّذ عمليّات قتل وخطف، واغتيال، فهل كانت الوحدة ستستغل وجودها وتُنفّذ عمليّات ما ضد أهداف تركيّة وغيرها من بوّابة تأمين الحماية لفريق الإنقاذ، وانشغال السلطات التركيّة بإنقاذ المنكوبين بكارثة الزلزال.
وكانت منظمة “يونايتد هاتسالا” لخدمة الإغاثة الطبيّة الإسرائيليّة قد قالت بأن بعثتها للإنقاذ في تركيا انسحبت، وستعود لإسرائيل، واكتفت الأخيرة بالإشارة إلى تهديد أمني كبير سيُنهي مَهمّة الإنقاذ التابعة لها في تركيا، ودون التطرّق المُباشر إلى منع السّلطات التركيّة حمل وحدة النخبة الإسرائيليّة السّلاح لتأمينها.
وحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي وعلى موقعه الرسمي على “تويتر”، استعراض إنجازاته الإنسانيّة خلال زلزال تركيا، فأكّد أن وفد الكيان الطبّي نجح في إعادة فتح مستشفى محلّي في تركيا، بعد أن هجره خلال الزلزال الأخير، وسيُقدّم الآن العلاج الطبّي للمُصابين في المنطقة، من خلال استخدامه للمعدّات والأجهزة الطبيّة التي تمّ جلبها من تل أبيب.
وفيما حرصت فرق الإنقاذ التي قدمت إلى تركيا من دول العالم تقديم واجبها الإنساني دون استعراض إعلامي لمُنجزاتها في السّياق، باهى في المُقابل رئيس فريق الإنقاذ الإسرائيلي في تركيا العميد جولان فاخ بالقول إن فريقه هو الأكثر انتشالاً للعالقين من تحت الأنقاض مُقارنةً ببعثات الدّول الأخرى، ولكنّه للمُفارقة وهو يُحاول إبراز وجه دولته المُحتلّة الإنساني والحضاري المزعوم، لم يُحدّد عدد العالقين الذين تمكّنت بعثة الإنقاذ الإسرائيليّة من انتشالهم، رغم ادّعائه بأن فريقه الأكثر انتشالاً للعالقين تحت الأنقاض، ذاتهم على الضفّة الأخرى في فلسطين المُحتلّة الذين تتسبّب طائرات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها سكنهم و قتلهم ودفنهم تحت الأنقاض!
وتعتبر وحدة شلداغ الإسرائيلية من أكثر الوحدات العسكرية في جيش الاحتلال، التي تنفذ عمليات خاصة من القتل والاختطاف والاغتيال في أنحاء مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول العربية المجاورة؛ لأنها تتلقى تدريبات خاصة نخبوية تجعلها أكثر الوحدات ضغطا على الزناد لتنفيذ تصفياتها الجسدية للمطلوبين لها من الفلسطينيين والعرب.
وتعمل هذه الوحدة في وقت الحرب والظروف العادية على حد سواء، وتتركز مهامها بجمع المعلومات الأمنية والاستخبارية في ظروف صعبة وحساسة، وتنفيذ عمليات أرضية وهجومية، وبعض هذه العمليات ليست بعيدة عن الإعلام فقط، بل إن العدو قد لا يعلم دائما أن اسرائيل قامت بتنفيذ هذا الهجوم أو ذاك.
وأشار إلى أن المهمة الأساسية لهذه الوحدة بألا تترك دليلا بأن إسرائيل كانت المنفذة، في مختلف جبهات القتال: لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، ويمكن القول إن أفراد الوحدة عملوا أيضا في المزيد من دول الشرق الأوسط.