الوقت- قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، مساء يوم الاثنين الماضي، الإحاطة الأولى في العام 2023م عن الوضع في اليمن إلى مجلس الأمن. وقال المبعوث الأممي: اسمحوا لي أن أبدأ بالترحيب بالأعضاء المنتخبين حديثاً في هذا المجلس. أتطلع قدماً للعمل بشكل وثيق معكم، من أجل التوصل الى تسوية سلمية، دائمة، وشاملة للصراع في اليمن، يسعدني أن أقدم الإحاطة الأولى لهذا العام من اليمن. لقد أجريت اليوم مناقشات إيجابية وبناءة مع القيادة هنا في صنعاء، متمثلة بمهدي المشاط، أتطلع قدماُ لمواصلة هذه المحادثات. في الأسابيع الأخيرة، أجريت أيضًا مناقشات مثمرة مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي. آمل أن نتمكن من البناء على هذه المناقشات لضمان أن يتيح عام 2023 مستقبلًا أكثر سلامًا وازدهاراً لرجال ونساء اليمن.
وأضاف: "قبل مناقشة الوضع الراهن وسبل المضي قدماً، اسمحوا لي أولاً أن أنتقل إلى الوضع كما هو على أرض الواقع. مازال الوضع العسكري العام في اليمن مستقرا. فلم يكن هناك تصعيد كبير، ولا تغيرات في خطوط المواجهة الأمامية. أقدر استمرار الأطراف مواصلة اظهار ضبط النفس على الجانب العسكري بشكل عام. ومع ذلك، ما زلنا نشهد نشاطات عسكرية محدودة على خطوط الجبهات وتحديداً في محافظات مأرب وتعز والضالع والحديدة ولحج وكذلك على طول منطقة الحدود السعودية اليمنية".
وتابع "غروندبرغ": "إن عدم اتساع نطاق القتال هو أمر إيجابي لاستمرار البنود العاملة في ظل الهدنة. فمنذ أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ في 2 نيسان/أبريل العام المنصرم، نقلت 97 رحلة تجارية ما يقرب من 50.000 مسافر بين صنعاء وعمان، تم تسيير 46 رحلة منذ انتهاء الهدنة في 2 تشرين أول/أكتوبر 2022. وعلى صعيد اخر، دخلت 81 سفينة وقود ميناء الحديدة، منها 29 سفينة دخلت بعد انتهاء الهدنة. أرحب باستمرار هذه التدابير التي تتيح لرجال ونساء اليمن الاستمرار من الانتفاع بفوائد الهدنة حتى بعد انقضائها بشكل رسمي في 2 أكتوبر".
كما قال: "اسمحوا لي الآن أن أنتقل للحديث عن الوضع الراهن لجهود الوساطة. لقد كنت على تواصل مستمر مع الأطراف، وكذلك مع دول المنطقة. وركزت المناقشات على خيارات تأمين اتفاق بشأن خفض التصعيد العسكري وتدابير لمنع المزيد من التدهور الاقتصادي وتخفيف تأثير النزاع على المدنيين". وأضاف: "نشهد حالياً نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً على الصعيد الإقليمي والدولي لحل النزاع في اليمن، وأود أن أجدد تقديري لجهود سلطنة عمان في هذا الصدد. إننا نشهد خطوة محتملة لتغيير مسار هذا النزاع المستمر منذ 8 سنوات. ان المحادثات الجارية هي فرصة لا يجب إهدارها وتتطلب إجراءات مسؤولة". وأعرب، "يواصل مكتبي إجراء المشاورات مع مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة اليمنيين، بما في ذلك الأحزاب السياسية، والمجموعات النسائية والمجتمع المدني، وهو ما يساعد على ضمان عدم تحديد أجندة المفاوضات من قبل الأطراف المتحاربة، وأن الجوهر الذي تم تطويره ومناقشته مع الأطراف، يسترشد بمجموعة من الرؤى والمصالح المتنوعة من قبل اليمنيين".
وقال المبعوث الأممي أيضا: "لا يزال الوضع معقدًا ومتقلّبًا، فبناءً على المناقشات التي أجريتها مؤخراً مع الأطراف، أود أن أشير إلى أن جهود الحوار المختلفة في الأشهر الماضية أتاحت تحديداً أوضح لمواقف الأطراف ووضع خيارات لحلول مقبولة للطرفين متعلقة بالقضايا العالقة. ومع ذلك، من المهم أن يتم تأطير المناقشات حول الطريق قصير المدى للمضي قدماً في سياق نهج أكثر شمولاً يرسم مساراً واضحاً نحو تسوية سياسية مستدامة". واختتم غروندبرغ إحاطته بالقول: "اسمحوا لي أن أختتم الإحاطة بالتأكيد على أن المناقشات المكثفة الجارية قد شجعتني. يحتاج اليمنيون لاتفاق يتضمن رؤية مشتركة للمضي قدمًا، لتجنب العودة للنزاع الكامل. أحث الأطراف للاستفادة القصوى من مساحة الحوار التي خلقت بفضل عدم اتساع نطاق الاقتتال".
وعلي صعيد متصل، تحدث السفير الفرنسي لدى اليمن "جان ماري صفا" عن تغيرات إيجابية في الملف اليمني بفضل جهود السلام التي يبذلها العمانيون، إلى جانب جهود المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس غروندبرغ التي تدعمها فرنسا بقوة. وعبر "صفا" في تصريحات له، عن أمله في أن تُفتح صفحة جديدة في اليمن. مضيفاً "تعب الشعب اليمني من الحرب ويريد أن يعيش بسلام". وتأتي التصريحات الفرنسية بعد إعلان المبعوث الأممي لليمن يوم الاثنين الماضي عن مقاربة جديدة يعمل عليها تقضي باتخاذ تدابير فورية لخفض التصعيد العسكري ولجم أي تدهور اقتصادي، والمضي في تسوية سياسية مستدامة. وشدد "صفا" على أن الجهود يجب أن "تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإلى مفاوضات سياسية بين انصار الله وحكومة المرتزقة".
تناقض مواقف السعودية
بينما تواصل السعودية مفاوضات ثنائية مع "انصار الله" في مسقط؛ دعا مندوبها في الأمم المتحدة السفير عبدالله الواصل -في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن- المجتمع الدولي لتصنيف انصار الله جماعة إرهابية، واتهمها بعدم الجدية في السعي نحو السلام. وأدان الواصل، هجمات مليشيات قوات صنعاء على منشآت النفط والغاز اليمنية في حضرموت وشبوة، وتوعد برد قوي وحازم على أي تهديدات قد تمثلها أو هجمات قد تشنها قوات صنعاء على دول الخليج أو مصالحها. ولم يتطرق المندوب السعودي في كلمته إلى المفاوضات السعودية العمانية.
ثقة حكومة صنعاء بالوساطة العمانية
تكثف حكومة صنعاء الحديث عن تقدم وتفاؤل كبير بالمفاوضات التي يجرونها بعيدا عن الأمم المتحدة. وقال عضو الوفد المفاوض المقيم في سلطنة عمان عبدالملك العجري، يوم الاثنين الماضي إن جماعته ترجو أن يكون العام الجديد نهاية للحرب في اليمن وأن يكون هناك سلام. ومن جانبه، قال محمد عبدالسلام رئيس الوفد المقيم في مسقط إن الوفد العماني غادر اليمن بأفكار إيجابية حول الترتيبات الإنسانية التي تحقق الاستقرار وتمهد للسلام. ولم تعلق سلطنة عمان بعد على طبيعة التفاهمات أو الأفكار الإيجابية التي ناقشتها مع حكومة صنعاء في صنعاء ولا في مسقط.
وشن معلقون يمنيون ووسائل إعلام تابعة لحكومة صنعاء هجوما شديدا على كلمات المبعوث الأممي ومندوبي بريطانيا والولايات المتحدة، وقالوا إنهم يعرقلون التوصل إلى سلام برعاية سلطنة عمان. وقالت قناة المسيرة التابعة للحوثيين -في تعليق سياسي على احاطة المبعوث الأممي- انه "ليس مقبولاً للأممِ المتحدةِ أن تتخذَ العاصمةَ صنعاءَ منصةً لتقديم الشكر لمن لا يستحقّ"، في اشارة الى السعودية التي تقود تحالفا عسكريا اقليما ضد الجماعة منذ نحو ثماني سنوات. وأضافت، "كان يمكن للمبعوث الأمميِّ أن يكونَ أكثر عقلانيّةً ومقاربةً للواقع دونَ الغرق في رسائل الشكر"، مشيرة إلى أن " السعوديةُ ليست طرفًا محايدًا، بل هي الطرف المتزعِّم للعدوان"، حسب وصفها. كما اعتبرت الفضائية اليمينة، أن أيُّ ثناء على السعودية "إنما يُعدُّ من المغالطات الكبيرة لا بل من الوقاحات الأمميةِ المكرَّرة"، وزعمت أيضا بان المبعوث الأممي لن يستطيع "أن يقدمَ أيَّ مقاربة طالما بقيَ لديه عمى ألوان، فيرى المعتديَ طرفًا فاعلاً بشكلٍ إيجابي".
موقف حكومة المرتزقة
تبدو الحكومة اليمنية المستقيلة القابعة في فنادق الرياض في وضع أسوأ من غيرها تجاه المفاوضات السعودية العمانية اليمنية. وسيؤدي هذا العزل إلى رفض حكومي بشكل أو بآخر لنتائج أي مفاوضات تستبعدها، وبدلا من ذلك ستدعم التسوية التي تقودها الأمم المتحدة، لكنها تفتقر وفق الواقع الحالي إلى أوراق قوة تمكنها من التأثير على سير المفاوضات السعودية العمانية اليمنية. وفيما لم يصدر موقف رسمي من قبل حكومة الفنادق بشأن التحركات السعودية؛ رحب رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي "بالمساعي الحميدة للأشقاء والأصدقاء في دعم جهود الأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية في اليمن على اساس مرجعيات الحل الشامل المتفق عليها محلياً واقليمياً ودولياً، وعلى وجه الخصوص القرار 2216."