الوقت - من السمات المهمة للحكومة الإسرائيلية الجديدة أن جميع أعضائها تقريبًا أعضاء في أحزاب يمينية ومتطرفين دينيين، ولديهم آراء غريبة وحادة للغاية. بالطبع، يُظهر تقسيم السلطة بين الأحزاب أن لليكود الحصة الأكبر في الحكومة.
وزير المالية
بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" المتطرف، الذي تم تعيينه وزيراً للمالية، له تاريخ مثير للاهتمام!
في عام 2005 اعتقل لمدة ثلاثة أسابيع خلال مظاهرات ضد انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وإنهاء احتلال هذه المنطقة، وهو أيضًا مؤسس منظمة غير حكومية تحاول وقف بناء وامتلاك غير اليهود في الکيان الإسرائيلي، من خلال الوسائل القانونية في المحاكم.
إحدى النقاط البارزة في تعيينه هي علاقته باليهود خارج الکيان الإسرائيلي، ويُعتبر شخصًا مكروهًا إلى حد ما. حتى في عام 2022، عندما سعى إلى زيارة رسمية لإنجلترا، اعترض يهود بريطانيا على ذلك.
وتسببت هذه القضية في رفض نتنياهو تعيينه في منصب وزير اليهود خارج الکيان الإسرائيلي في عام 2019، لكن الآن مع السيطرة علی وزارة المالية ونقلها لاحقًا إلى وزارة الداخلية، من المحتمل أن يفقد الکيان الإسرائيلي علاقته بجزء من اليهود خارج الکيان.
ويرى سموتريتس أنه يجب منع توطين العرب في كل الأراضي الفلسطينية، وحتى ذات مرة صرخ في وجه النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي، وقال لهم "أنتم المنتج الخطأ لابن غوريون(أول رئيس وزراء للکيان الإسرائيلي) الذي لم يكمل المهمة ولم يطردكم".
الوزير الجديد يعارض بشدة المثلية الجنسية وهو من أشد المؤيدين للأسرة التقليدية. والآن علينا أن نرى كيف سيتعامل مع "أمير أوحانا"(رئيس الكنيست) كأول مسؤول مثلي في مجلس الوزراء.
کما يدعم وزير الاقتصاد الإسرائيلي الجديد إطلاق النار بهدف قتل الفلسطينيين الذين يرشقونهم بالحجارة، حتى لو كانوا أطفالًا. ويعتقد سموتريتش أيضًا أن قسم الولادة للنساء الإسرائيليات والنساء العربيات يجب أن يكون منفصلاً، لأنه لا يحب أن تلد زوجته بجانب امرأة ستلد طفلًا سيقتل طفلها بعد 20 عامًا! وكان موقفه هذا متطرفًا لدرجة أن حتى "إسحاق هرتسوغ"(الرئيس) و"نفتالي بينيت"(رئيس الوزراء السابق) اعترضا عليه.
على سبيل المثال، قال سموتريتش عن عهد التميمي: "على الأقل كان يجب أن يطلقوا النار عليها في ركبتها". يشار إلی أنه في 19 كانون الأول 2017، اعتقلت قوات الکيان التميمي البالغة من العمر 17 عامًا وحكم عليها بالسجن ثمانية أشهر، بتهمة تعطيل مهمة جنود صهاينة وضرب اثنين منهم في مستوطنة النبي صالح.
وزير الخارجية
الوزير التالي هو وزير الخارجية إيلي كوهين من حزب الليكود، الذي سيحل محله يسرائيل كاتس(وزير الطاقة) بعد عامين. وهذه التقلبات التي ستحدث بعد عامين هي جزء من الاتفاقات داخل الائتلاف، فمثلا "سموتريتش" سينتقل أيضاً إلى وزارة الداخلية بعد عامين.
هذا المنصب مهم لأن "رون ديرمر"(سفير الکيان الإسرائيلي السابق لدى أمريكا) أراد الوصول إلى هذا المنصب، لكن جماعات الضغط القوية منعته. لأنه في رأيهم، كان هذا التعيين نوعًا من التراجع والإشارة للتعاون مع إدارة بايدن. ومع ذلك، فإن المنصب المخصص لديرمر هو وزير الشؤون الاستراتيجية.
على الرغم من أن كوهين ليس لديه خبرة كبيرة في هذا المجال، إلا أن لديه خبرة في الوزارات السابقة في حكومات نتنياهو. وبالنظر إلى أن وزارة خارجية الکيان الإسرائيلي مهمة للغاية في الأراضي المحتلة، فإن هذا التعيين يظهر أن نتنياهو يسعى لحماية مسار السياسة الخارجية من أي تدخل خارجي.
طبعاً، وفقاً لأخبار غير رسمية، منذ وقت ليس ببعيد، عندما عرض نتنياهو على كاتس أن يصبح وزيراً للخارجية بعد كوهين، غادر مكتب نتنياهو غاضباً، لكن على ما يبدو، في الأيام الأخيرة وافق على أن يصبح وزيراً للطاقة أولاً ثم يحل محله كوهين.
وزير الحرب
يوآف غالانت، الذي تم تعيينه من حزب الليكود في منصب وزير الحرب، هو شخصية عسكرية بحتة. وهو من القادة الناجحين(في الاغتيال) في الجيش الصهيوني.
والأرجح أن أكثر عملياته شهرةً هي "الرصاص المصبوب"، والتي يشير إليها الفلسطينيون بعملية الفرقان عام 2008، والمعروفة أيضًا بحرب الـ 22 يومًا.
في هذه الحرب، وبعد التقدم البري الفاشل، أمر غالانت بقصف جوي مكثف، أسفر عن استشهاد حوالي 1200 شخص، من بينهم ما يقرب من 500 من رجال الشرطة ورجال الإطفاء. إنه صهيوني متطرف له سجلات عسكرية عديدة، وله بالطبع أعداء كثيرون بين السياسيين، وذات مرة كلّفه هذا العداء خسارة قيادة الجيش الإسرائيلي.
ومن بين إجراءاته المتطرفة، يمكن أن نذكر أنه عندما کان في وزارة التربية والتعليم، أمر بأن أي شخص لديه أي معارضة للکيان الإسرائيلي في شكله الحالي، ليس له الحق في الدخول إلى جهاز التعليم. حتى أنه لم يسمح بمنح جائزة الرياضيات الإسرائيلية لشخص في ألمانيا؛ وذلك بذريعة اعتبار الأعمال غير العدائية ضد الکيان الإسرائيلي بأنها معاداة للسامية.
وزير الإسكان
تم اختيار إسحاق غولدكنوف، زعيم حزب "يهودات هتوراه" الأرثوذكسي، وهو حزب يهودي متطرف دينياً(الحريديم)، لوزارة الإسكان.
في البداية، كان من المفترض أن يتم اختياره لمجلس الوزراء الأمني كأول عضو من الحريديم، ولكن بسبب الاحتجاجات الواسعة تراجع وانسحب. وبالنظر إلى الإصرار العقائدي لأعضاء هذه الحكومة على توسيع المستوطنات، من المثير للاهتمام أن يتم إسناد هذه الوزارة إلى يهودي حريدي. لأن الحريديم مع الفصل بين الجنسين وبناء الجدران في الشوارع والأماكن العامة!
وزير الداخلية
تم تعيين "أرييه درعي" من حزب "شاس" وزيراً للداخلية، ومن المقرر أن يصبح وزيراً للصحة في المستقبل.
لدی أرييه درعي خبرة وزارة الداخلية، ويعتبر من السياسيين القدامى في الكيان الصهيوني. دخل درعي السجن مرةً لارتكابه جريمة قبول الرشاوى وحُرم من مسؤوليات الحكومة، لكنه عاد إلى السياسة. حتى أنه في بداية عام 2022، حُكم عليه بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب جرائم اقتصادية.
يقال إن لديه علاقات جيدة مع النظام القضائي الإسرائيلي، وتسببت هذه العلاقات أيضًا في أنه على الرغم من إصرار الشرطة على جرائمه الاقتصادية العديدة، إلا أنه في النهاية تم تجاهل معظم جرائمه، والآن عاد إلى الحكومة.
وزارة الأمن الداخلي
تم اختيار "ايتمار بن غفير" من حزب "عوتسما يهوديت"(العظمة اليهودية) المتطرف لوزارة الأمن الداخلي، وأثيره اسمه حتى لرئاسة الوزراء أيضًا.
إنه صهيوني متعصب وراديكالي ومعاد للعرب، ولديه ميول عنصرية قوية. على سبيل المثال، حتى عام 2020، علّق صورة "باروخ جولدشتاين" في غرفته. جولدشتاين صهيوني متطرف فتح النار على الناس في المسجد الإبراهيمي عام 1994 في عيد المساخر اليهودي، وقتل 29 شخصًا.
بالطبع، بن غفير لا يقلّ تطرفاً من جولدشتاين. فعندما تم نقل أحد أعضاء حماس إلى مستشفى إسرائيلي بسبب إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أشهر، ذهب إلى المستشفى ودخل في شجار جسدي مع السياسي الذي رتّب لعملية النقل.
كما قام بن غفير بدور نشط في الاشتباكات في حي الشيخ جراح، وفي بعض الأحيان كان يوجه مسدسًا ويصيح في وجه الشرطة قائلاً لماذا لا تطلقون النار على الفلسطينيين؟ وشعاره الشهير في هذه الصراعات هو "نحن أصحاب المنزل هنا".
تسبب وجود هذا الشخص في حكومة الكيان الصهيوني في ضغوط كبيرة من اليهود خارج "إسرائيل" على الحكومة الجديدة في هذا الکيان، وحتى الولايات المتحدة بعثت بشكل غير مباشر برسالة مفادها بأنها لا تستطيع التعاون مع مثل هذه الحكومة.
وزير الطاقة
"يسرائيل كاتس" سياسي مخضرم من حزب الليكود، وجهت له الشرطة اتهامات عدة مرات، لكن القضاء الإسرائيلي رفض المتابعة بعد تسليم الوثائق. إنه شخص مؤثر سيحلّ محل كوهين في وزارة الخارجية خلال عامين.
وبالنظر إلى تاريخه في الصراع مع دولتين أوروبيتين(بلجيكا وبولندا) وصراعه اللفظي مع تركيا، يجب أن نرى ما هو الجو الذي سيُخلق في العامين المقبلين في منصب وزارة الخارجية.
وزارة العدل والاتصالات
تم اختيار "ياريف ليفين" لوزارة العدل، و"شلومو قرعي" لوزارة الاتصالات، وهما من حزب الليكود.
في وزارة العدل، سيكون ليفين مسؤولاً عن تقليص سلطة النظام القضائي وزيادة سلطة الحكومة والبرلمان، وقرعي أيضًا شخص اتخذ مؤخرًا موقفًا متشددًا وخطيرًا ضد أحد قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، والذي صاحبه العديد من ردود الفعل السلبية من التيارات السياسية لهذا الکيان.
وزير الزراعة
آفي ديختر، الذي له تاريخ في رئاسة جهاز الأمن الإسرائيلي(شين بيت)، أصبح رئيسًا لوزارة الزراعة. لقد لعب ديختر دورًا مركزيًا للغاية في تغيير هيكل شين بيت، ولديه مهام للتسلل إلى غزة ومواجهة الانتفاضات في حياته المهنية.
يعود سبب اختياره لهذه الوزارة إلی تاريخه الأمني، ولهذا من المفترض أن يلعب دوراً أكثر أهميةً في قرارات الکيان الإسرائيلي الأمنية تحت غطاء وزارة الزراعة، وخاصةً في مواجهة التهديدات الوشيكة في غزة والأردن ولبنان والضفة الغربية.
وزير شؤون اليهود خارج إسرائيل
وزارة شؤون اليهود خارج إسرائيل(الشتات والمساواة الاجتماعية)، وهي إحدى الوزارات المهمة في حكومة الكيان الصهيوني، عُهد بها إلى "أفيخاي تشيكلي" من حزب الليكود.
هذه الوزارة هي وزارة بمليارات الدولارات، وتنظم علاقات الکيان الإسرائيلي مع جماعات الضغط اليهودية. ومن وجهة نظر المحللين، يبدو هذا التعيين غريبًا بعض الشيء، بالنظر إلى مواقف تشيكلي المحافظة للغاية ومعارضته لوجهات نظر اليسار(التي هي أقرب إلى الشتات اليهودي).
الوزير الجديد للشؤون الاستراتيجية
كان تعيين "رون ديرمر"، السفير السابق للکيان لدى أمريكا، وزيراً جديداً للشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، مفاجئاً لبعض الخبراء السياسيين في المنطقة لأنه كان مواطناً أمريكياً وأصبح مواطناً إسرائيلياً عام 2005 وانتقل إلى تل أبيب.
يُعتبر ديرمر أحد أكثر مساعدي نتنياهو المقربين ومستشاريه الموثوق بهم، ومن وجهة نظر بعض المحللين السياسيين، فهو أحد أهم مهندسي السياسة الخارجية الإسرائيلية في السنوات التي تلت عام 2000. وتم ذكره كمؤلف لأهم نصوص خطابات نتنياهو (بما في ذلك الاتفاق النووي) وحتى عقل نتنياهو!
يذكر في سجلات ديرمر أنه تلقى 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية من أوباما، والاعتراف بالقدس عاصمةً للکيان في عهد ترامب، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني، واعتراف ترامب بسيادة الکيان الإسرائيلي على الجولان، وممارسة الضغط علی شركة فايزر لإيصال بضعة ملايين جرعة من لقاح كورونا إلى الکيان الإسرائيلي قبل بقية الطلبات، وأخيراً هندسة اتفاقيات أبراهام لتطبيع علاقات الکيان الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
على الرغم من أن ديرمر حاول جاهدًا إلغاء بعض بنود الاتفاق النووي أو فرض المزيد من القيود، إلا أنه فشل في النهاية في ذلك خلال عهد أوباما، وأخيراً مع وصول ترامب انسحبت أمريكا من الاتفاق النووي.
کما أن فكرة وجود فجوة بين الکيان الصهيوني والديمقراطيين ليست سوى خيال، لأن ديرمر تمكن من دعوة بايدن لإلقاء خطاب في "يوم النكبة" في الکيان الإسرائيلي. وطبعاً، خلال رئاسة باراك أوباما أحضره إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وكان هذا هو الخطاب الوحيد لأوباما في سفارة أجنبية طوال فترة ولايته.
وإلى جانب يوسي كوهين(الرئيس السابق للموساد)، يتم ذكر ديرمر كخيارات رئيسية لخلافة وقيادة السلطة في الليكود والکيان الإسرائيلي بعد نتنياهو. وفقًا لذلك، يعدّ غياب كوهين عن الحكومة الجديدة أحد النقاط المثيرة للاهتمام.
اللجوء إلی أكثر القوى تطرفًا للبقاء في السلطة
وفقًا للمحللين، يُظهر تحليل حكومة نتنياهو الجديدة أنه لم يدخر أي جهد للبقاء في السلطة. لكن تجدر الإشارة إلى أن اختيار الأعضاء المتشددين في الحكومة، سيعطي المزيد من السلطة للصهاينة المتطرفين واليمينيين.
لأن هذه الطبقة كانت واحدةً من أكثر الناس خصوبةً في الأراضي المحتلة خلال العقدين الماضيين، والآن مع ميزة الأغلبية العددية، يمكنهم لعب دور مهم للغاية في مستقبل السياسة الإسرائيلية.
والنقطة الأخرى في اختيار أعضاء متطرفين في الحكومة، هي أن لديهم العديد من المطالب المتطرفة، من بينها إغلاق جميع المظاهر التكنولوجية أيام السبت(بما في ذلك إنتاج الكهرباء)، إبادة كل العرب والمسلمين في فلسطين المحتلة واستمرار الاستيطان، استيطان الجولان المحتل ومعارضة مظاهر حضارة ما بعد الحداثة، معارضة حل الدولتين وإلخ. وقد تسببت هذه القضايا في تعرض الحكومة الجديدة لهجوم من قبل قوى سياسية إسرائيلية أخرى.
من ناحية أخرى، لا توجد علاقات جيدة بين معظم أعضاء الحكومة مع الصهاينة خارج الکيان الإسرائيلي، وذلك على الرغم من أن الصهاينة واليهود خارج الکيان الإسرائيلي يعتبرون من أهم رأس مال الکيان، ومن خلال جماعات الضغط الخاصة بهم وعلاقاتهم مع الحكومات ووسائل الإعلام وغيرها من المراكز المهمة والحساسة في العالم، يلعبون دورًا فعالاً في النفوذ الخارجي للکيان الإسرائيلي.
بشكل عام، من وجهة نظر بعض المحللين السياسيين، فإن تشكيل هذه الحكومة هو تراجع خطوات إلى الوراء في الکيان الإسرائيلي، ومن غير المرجح أن ينهي الأزمة السياسية في الکيان. كما أن تشكيلة الحكومة ستجعل بالتأكيد الأوضاع الأمنية في القدس وخارج الأراضي الفلسطينية أكثر تعقيدًا مما كانت عليه في الماضي.