الوقت - نفى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وجود "وساطة أردنية" لتسوية الخلافات الموجودة مع المغرب، مؤكدا عدم وجود أي وساطة من دولة أخرى.
وقال تبون، في تصريحات مقتضبة من مقابلة مع وسائل إعلام محلية : ” لا بد أن يدرك الجميع أن الشعب الجزائري هو أولى بالمعلومة، ولو كانت هناك وساطة ( مع المغرب)، كنت سأقولها للشعب ولا أخفيها عنه”.
ويأتي تصريح تبون بعد تقارير إسبانية عن وساطة أردنية لحل الخلاف بين المغرب والجزائر لإعادة نقل الغاز عبر الأنبوب المغاربي المار عبر المغرب.
وقالت صحيفة "لابنغاورديا"الأزمة السياسية بين إسبانيا والجزائر تقترب الآن من الحل بفضل وساطة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الملك بدأ في الجزائر اتفاقا مبدئيا لإعادة فتح خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي (GME) المغلق منذ 31 أكتوبر في أقرب وقت ممكن.
وقال تبون إن الملك الأردني لم يذكر أي دولة ولم يشر إلى أي "وساطة"، واصفا التقارير التي تحدثت عن ذلك مجرد "تأويل". وقال تبون إن الأمور تجازوت "مرحلة الوساطة" حسب تعبيره.
وأكد تبون أنه من السابق لأوانه الحديث عن عهدة ثانية له في قيادة الجزائر، قائلا إنه لا يفكر في الموضوع حاليا، و"كل شيء سيأتي في وقته".
وبخصوص العلاقات الجزائرية الفرنسية، قال تبون، إنه لن يتنازل عن ملف الذاكرة مع الجانب الفرنسي، لكنه منفتح على معالجة هذه الملفات، واتهم "أطرافا" باستغلال سوء التفاهم مع فرنسا لتعكير صفو العلاقات، مضيفا إن علاقاته مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، "طيبة وجيدة"، وأن الأخير "تحرر"، حسب وصفه من "عقدة التفوق الفرنسي".
ويفهم من تصريحات الرئيس تبون حسب محللين أن الأزمة بين البلدين الجزائر والمغرب ما زالت متجمدة وعصية على أي اختراق، وخاصة مع تبعات غياب الملك محمد الخامس عن القمة العربية الأخيرة التي احتضنتها الجزائر، والمواقف التي عبر عنها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال القمة، إضافة إلى تشدد تبديه الجزائر بشأن رفض أي وساطة عربية في الأزمة، إذ كان الرئيس تبون ووزير الخارجية رمطان لعمامرة قد أكدا، في وقت سابق، امتناع الجزائر عن قبول أي وساطة عربية أو غير عربية في الأزمة مع المغرب.
ويدور نزاع منذ عقود حول مصير الإقليم الصحراوي بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة.
وتقع الصحراء الغربية على ساحل المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع وهي غنية بالفوسفات وساحلها الممتد على طول ألف كلم غني بالأسماك.
وتعتبر الأمم المتحدة المستعمرة الإسبانية السابقة "منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي" في غياب تسوية نهائية.
وبلغ التأزم ذروته بين البلدين الجارين مع قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في أغسطس 2021 بقرار اتّخذته الجزائر. وعلى الأثر قطعت الجزائر الغاز عن المغرب إذ أغلقت في أكتوبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد زار الجزائر يومي 4 و5 ديسمبر الجاري في سياق جولة خارجية، انطلقت من مصر مرورا بالجزائر وانتهت في إيطاليا.
وكان الأنبوب يزود إسبانيا بعدة مليارات متر مكعب سنويا من الغاز، إضافة لكميات أخرى يقتطعها المغرب تصل إلى مليار متر مكعب سنويا، موجهة لإنتاج الكهرباء عبر محطتين تشتغلان بالغاز.
وينطلق هذا الأنبوب من حقل “حاسي الرمل” الضخم جنوب الجزائر وصولا إلى جنوبي إسبانيا، مرورا بالأراضي المغربية، ويمكنه نقل كميات غاز سنوية تصل إلى 12 مليار متر مكعب.
وفي سياق متصل خرجت صحيفة "الشروق" الجزائرية لتؤكد أن أسبابا كثيرة تدفع الجزائر إلى رفض وساطة الأردن، وأبرز هذه الأسباب أن مواقف الأردن من قضية الصحراء هي مواقف "تُعاكس الجزائر وتقف ضد مطالب الشعب الصحراوي"، إضافة إلى أن الأردن لا "تلتقي مواقفها مع الجزائر في كبرى القضايا".
وأشارت "الشروق"، إلى أن العاهل الأردني كان من القادة العرب الذين تغيبوا عن حضور القمة العربية التي نظمتها الجزائر في نوفمبر الماضي، وبالتالي "فوساطته المزعومة أقل أهمية"من غيره.
وبخصوص موضوع عودة العلاقات الجزائرية المغربية أوضح الصحفي والمهتم في الشأن السياسي فقار الموسوي أن الحديث عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر يمكن أن يكون واردا، لكن العلاقات ستبقى ضمن أطر محددة قد لا تتعدى مستوى العلاقة حول ملف الغاز، مبينا أن السبب في ذلك يعود لعمق الخلاف وحدّته الذي يرتبط بالدرجة الأولى بقضية الصحراء الغربية، ومطالبات المغرب في ضمها مقابل الرفض القاطع للجزائر.
الموسوي شرح أن قضية الصحراء تمثل نقطة الخلاف الأساسية بين الدول الثلاثة، وخصوصا مع انحياز إسبانيا إلى جانب المغرب واعترافها بسيادة الرباط على الصحراء، لذلك ربما من غير الممكن الحديث عن قناعة جزائرية بعودة العلاقات إلى طبيعتها إذا لم يتم إيجاد حل لهذه المشكلة وهو ما يصعب تحقيقه في الوقت الحالي.
الموسوي اختتم بالقول، إن أصل القضية والخلاف لكلا الطرفين الجزائر والمغرب تُعد استراتيجية ولا يمكن المساومة عليها، كما أن الدولتين تعتبرانها تهديدا للأمن القومي، لذلك إذا ما تم الوقوف عندها من قبل أي طرف فلن يكون هناك حل قريبا، لكن إذا ما تم التفكير بمنطقية فمن المرجّح جدا نجاح مبادرة الأردن في إعادة العلاقات بصيغة جديدة، على الأقل تحفظ أمن واستقرار المنطقة، لافتا إلى أن للضغوطات الدولية شأن في ذلك أيضا.