الوقت- أعلنت وزارة المالية البحرينية أن عجز موازنة البحرين بلغ 2.5 مليار دولار خلال العام الماضي 2021. حيث كشف الحساب الختامي الموحد للدولة البحرينية للسنة المالية 2021، عن ارتفاع الإيرادات من 2082 مليون دينار خلال عام 2020 إلى 2615 مليوناً أي إن العجز في موازنة البحرين، رغم زيادة الإيرادات جاء بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 5.5 مليارات دولار.
فيما بلغ إجمالي المصروفات المتكررة نحو 3368 مليون دينار بانخفاض 5% عن العام الماضي، الذي شهد بلوغ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﻤﺼﺮوﻓﺎت اﻟﻤﺘﻜﺮرة لنحو 3533 مليون دينار. وبيّن التقرير أنّ نسبة الدّين العام بلغت نحو «115.4%» من النّاتج المحليّ الإجماليّ بالأسعار الجارية المقدّرة للسنة الماليّة 2021، وبنسبة «114.5%» في السنة الماليّة 2020، محقّقًا ارتفاعًا بمعدّل «12.8%» مقارنةً بالسّنة الماليّة 2020.
و أوضح التقرير أنّ القروض الخارجيّة شكّلت ما نسبته «67%» من إجمالي القروض للسّنة الماليّة 2021، أما بالنسبة للقروض المحليّة فقد شكّلت ما نسبته «33%» لنفس السّنة، مقابل «64%» و«36%» على التوالي في السنة الماليّة 2020.
وأشار إلى أنّ عجز الميزانيّة بلغ هذا العام نحو «953 مليون دينار»، بينما بلغ العام الماضي «1258 مليون دينار»، فيما بلغت الإيرادات النفطيّة «68%» من حجم الإيرادات، في حين حقّقت الإيرادات غير النفطيّة «32%» في العام 2021.
ولفت إلى ارتفاع الإيرادات خلال عام 2020، من «2082 مليون دينار» إلى «2615 مليون دينار» بما نسبته «26%»، بينما بلغ إجمالي المصروفات المتكرّرة نحو «3368 مليون دينار» بانخفاض «5%» عن العام الماضي، الذي شهد بلوغ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﻤﺼﺮوﻓﺎت اﻟﻤﺘﻜﺮّرة لنحو «3533 مليون دينار» – وفق التقرير.
وكان الديْن العام في البحرين لا يزيد على «10%» من النّاتج المحلّي قبل عام 2008، في حين تجاوز نسبة «131%» في الوقت الحالي، رغم فرض حكومة البحرين ضرائب ماليّة على المواطنين وارتفاع أسعار النّفط وتزايد أعداد العاطلين وتكلفة الحياة المعيشيّة، بموازاة ارتفاع المصروفات والإنفاق على صفقات التسلّح مع الولايات المتّحدة وبريطانيا، وتزايد المخالفات الماليّة الموثّقة في تقارير ديوان الرقابة الماليّة الرسميّة – حسب تقارير اقتصاديّة.
ومن الجدير بالذكر أنه عُرف عن الاقتصاد البحريني أنه متواضع والحلقة الأضعف بين اقتصادات دول الخليج؛ لقلَّة الموارد الطبيعية التي يمتلكها هذا البلد، وزيادة عجز الموازنة؛ وهو ما يجعله بحاجة إلى دعم من دول مجلس التعاون.
ارتفاع حجم الديون الحكومية
تشير العديد من التقارير إلى استمرار ارتفاع الدّيون الداخليّة والخارجيّة في البحرين في الآونة الأخيرة، فقد أصبحت المديونيّة أزمة مستعصية على برنامج التوازن الماليّ في البحرين حيث انتقل حجم الدّيون الحكوميّة من «3,169 ملايين دينار» نهاية عام 2011، إلى «14,461 مليون دينار» نهاية عام 2021.
و من الجدير بالذكر أنّ نسبة الدّيون إلى النّاتج المحليّ الإجماليّ في العام 2011؛ بلغت 29.1%، ثمّ اتجهت نحو التصاعد التدريجيّ، لتصل إلى «114.5%» في 2021، أي إنّ حجم الدّيون يرتفع بمعدّل أعلى من النمو، كما سيستمرّ هذا الاتجاه في 2022، وتجدر الإشارة إلى وجود تقديراتٍ أخرى تتجاوز هذه النسبة، ومن بينها حسابات صندوق النّقد الدوليّ.
ووفق المعيار الخليجيّ المقتبس من منطقة اليورو، تعتبر هذه الدّيون مفرطة؛ إذا تجاوز حجمها «60%» من النّاتج المحليّ الإجماليّ.
و كانت الدّيون الفرديّة في عام 2011، قد بلغت «2,438» دينار، ثمّ ارتفعت إلى «8,568 دينارات» في 2022، بما يعكس أنّ ديون المواطن البحرينيّ أصبحت تفوق دخله.
و بشكل عام هناك ارتفاع واضح في فوائد الدّيون خلال السّنوات العشر الماضية، إذ انتقلت من «115 مليون دينار» في 2011، إلى «708 ملايين دينار» في 2021، أي بمعدّلٍ سنويّ قدره «51.5%»، كما ارتفعت فوائد الدّيون بالصّادرات بصورةٍ كبيرةٍ خلال الفترة المذكورة؛ حتى وصلت الفوائد من مجموع الصّادرات النفطيّة وغير النفطيّة إلى «10.1%»، ومن المتوقّع أن ترتفع في السّنة الجارية 2022، إلى «10.7%» رغم تحسّن الصّادرات النفطيّة.
و كل ذلك ساعد على انتقال التصنيف الائتمانيّ للبحرين من درجاتٍ مرموقة إلى أخرى متدنّية، وقد نجم هذا التقهقر عن عدم وضوح السّياسة الماليّة للدّولة، وتراجع إمكاناتها الماليّة وصعوبة سداد الدّيون، وكان من الممكن أن يهبط التصنيف إلى درجاتٍ أدنى لولا المساعدات الماليّة الخليجيّة.
و من الواضح أنّه تستوجب معالجة الدّيون في البحرين عبر إصدار برنامج التوازن الماليّ، والذي يتناول الضّغط الشّديد على النّفقات غير الإنتاجيّة، وفي مقدّمتها المصروفات العسكريّة التي تسهم مساهمةً فاعلةً في العجز الماليّ، وبالتالي في تراكم الدّيون.
وتواجه البحرين أوضاعا اقتصادية صعبة منذ أن بدأت صادراتها النفطية في التراجع إلى نحو 100 ألف برميل يوميا، ما يوفر عائدات تبلغ نحو 6 مليارات دولار سنويا فقط، الأمر الذي دفعها إلى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الهادف إلى توفير التوازن المالي بالبلاد، والذي فشل فعلياً في الوصول إلى نتائج إيجابية واضحة. فيما عمدت سلطات البحرين إلى زيادة القيمة المضافة من 5-10% على كل السلع والخدمات، باستثناء بعض السلع والخدمات المعفاة من القيمة المضافة حسب ما تم تحديدها في قانون القيمة المضافة ولائحته التنفيذية. وجاءت هذه الزيادة بهدف معالجة مجموعة من التحديات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد البحريني خلال السنوات الماضية و أهمها استمرار عجز الميزانية العامة للدولة. ويمكننا القول بأن الأعباء المترتبة وراء الزيادة الضريبة ستكون أكثرًا عبئًا لذوي الدخل المحدود والمتوسط لأن حوالي 60% من الشعب البحريني يعتبر من ذوي الدخل المحدود والمتوسط وهؤلاء يندرجون ضمن وزارة الشؤون الاجتماعية وهذه الفئة هي الفئة الأكثر تأثرًا وتضررًا بزيادة القيمة المضافة وسوف يقع عليها الضرر بشكل كبير.
ترف ملكي و فقر شعبي
في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البحرين يعتبر إهدار عائلة "آل خليفة" للممتلكات البحرينية أمر ليس بالجديد، فقد كشفت العديد من التقارير أن ولي العهد البحريني قام بالفعل خلال السنوات الماضية بالعديد من عمليات الفساد الاقتصادي الكبيرة في تاريخ البلاد، حيث ورد اسم "سلمان بن حمد آل خليفة" في تقرير بنك سويسري قبل عدة سنوات والذي كان مرتبطاً بقضية أكبر عملية غسيل أموال وتهرب ضريبي في تاريخ البحرين.
وبالبحث الدقيق عن مثل هذه الحالات التي كشفت عن الفساد المالي المستشري في عائلة "آل خليفة"؛ نجد العديد من الحالات التي تظهر أن عائلة "آل خليفة"، من خلال استيلائها على السلطة في البحرين وتوليها جميع المناصب المهمة والرئيسة، قد نفذت خلال السنوات الماضية الكثير من عمليات الفساد المالي على نطاق واسع، بل إن هذه العائلة الحاكمة لم تكتفِ بمنع شعب البحرين من المشاركة في الشؤون الاقتصادية المهمة والسياسية، إلا أن هذه العائلة تسببت أيضاً في الكثير من الضرر بمصالح أبناء الشعب البحريني.