الوقت- استمرارا لسلسلة اللقاءات الاقليمية لحل مشاكل افغانستان، عقد في العاصمة الإيرانية طهران يوم الاثنين الماضي اجتماع رباعي لبحث مشاكل المهاجرين الافغان بحضور ممثلين عن ايران وباكستان ومفوض الامم المتحدة السامي للاجئين والحكومة المؤقتة لطالبان. وتمت في هذا الاجتماع مناقشة قضية العودة الطوعية للمهاجرين وإعادة الإدماج المستدام ومساعدة البلدان المضيفة بما في ذلك إطلاق آلية دعم خاص للاجئين الأفغان، وقال "ريزادووست"، مدير عام شؤون الأجانب والمهاجرين بوزارة الداخلية، عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في هذا الاجتماع، أنه تقرر أن توفر دولة أفغانستان الاستعدادات والظروف اللازمة للعودة الطوعية للمهاجرين إلى أفغانستان. ووفقه، فإن أهم مكونات الاجتماع كانت إمكانية الإقامة، وإمكانية العيش المستقر، والتعليم، وإمكانية الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية، ووعد الجانب الأفغاني باتخاذ هذه الإجراءات التحضيرية للعودة الطوعية للاجئين الافغان من إيران وباكستان إلى أفغانستان. كما وعد الجانب الأفغاني بأنه سيتم تحديد المهاجرين الذين يتطوعون للعودة إلى أفغانستان، وسيتم توفير الاستعدادات اللازمة لعودتهم في جدول زمني محدد.
وفي هذا الاجتماع، اقترح عبد الله موبييني، رئيس المنظمة الوطنية للهجرة الإيرانية، إجراء تقييم دوري لمستوى تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الاجتماعات وتقديم تقرير مفصل، وكذلك تحديد مستوى تنفيذ الالتزامات من قبل جميع الأطراف الأمانة الدائمة للجنة التوجيهية الرباعية في طهران والتي رحبت بها الأطراف الحاضرة في الاجتماع.
ومن جانبه، قدم مولوي عبد الرحمن رشيد، نائب وزير شؤون اللاجئين في أفغانستان، شكره للشعب والحكومة الإيرانية على كرم ضيافتهما لمواطنيهما، ووعد بنقل مطالب إيران إلى الحكومة المركزية وجعل أفغانستان مستعدة لاستيعاب النازحين واللاجئين من إيران والدول المجاورة. كما وعدت ممثلة المفوض السامي للأمم المتحدة ببذل الكثير من الجهود لجذب الاعتمادات والمساعدات المالية لمساعدة اللاجئين وطالبت المجتمع الدولي بتقديم المساعدة اللازمة لهذه المؤسسة.
ومنذ احتلال القوات السوفيتية السابقة لأفغانستان عام 1980، ثم غزو الناتو عام 2001، تم تشريد ملايين الأفغان. ورغم أن البعض توقع أن يتحسن الوضع في هذا البلد إلى حد ما مع انسحاب أمريكا من أفغانستان، لكن خلافا للتوقعات، أصبح الوضع أسوأ من ذي قبل، إضافة إلى أن المشاكل الاقتصادية والأزمة السياسية، زادت مشكلة المهاجرين في هذا البلد أيضا. واستقر ملايين الأفغان في دول إيران وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى، وفر أكثر من مليون شخص من البلاد بعد وصول طالبان إلى السلطة. ورغم أن الكثيرين غادروا أفغانستان بسبب الأزمة الاقتصادية، إلا أن البعض يفضل الاستقرار في دول أخرى بسبب عدم وجود أفق واضح من حكم طالبان طويل الأمد والخوف من العقاب.
تحتاج أفغانستان إلى مساعدات دولية عاجلة
على الرغم من أن أفغانستان ليس لديها الظروف المواتية لقبول ملايين اللاجئين الأفغان بسبب الأزمة الاقتصادية الواسعة النطاق، إلا أن وجود هؤلاء المهاجرين له آثار سلبية على الجيران ولهذا السبب تحاول هذه الدول توفير الظروف لعودة الأفغان إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن. وفي الأشهر الـ 16 الماضية، عقدت إيران وغيرها من دول الجوار لأفغانستان اجتماعات عديدة لحل الأزمات في أفغانستان، لأن استمرار عدم الاستقرار في أفغانستان وانتشار انعدام الأمن في هذا البلد سيضع الكثير من التكاليف على أكتاف الدول المجاورة.
وعلى الرغم من أن العديد من البلدان في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا قد واجهت أعمال عنف وحروبا أهلية في العقود الماضية، وفقًا لتقرير الطوارئ الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فمن بين 103 ملايين شخص أجبروا على ترك منازلهم في العالم، مواطنون أفغان هم أكبر عدد اللاجئين، وهم يشكلون أغلب اللاجئين، وهو عدد غير مسبوق بعد الحرب العالمية الثانية. وتشير الإحصائيات إلى أن نحو 7 ملايين مهاجر أفغاني استقروا في دول أخرى، وتستضيف إيران وحدها نصفهم أي أكثر من ثلاثة ملايين (ووفقًا لبعض الإحصائيات تصل إلى 6 ملايين) مهاجر أفغاني، تدفق الآلاف منهم إلى إيران في العام الماضي.
ووفقًا لتقرير حديث نشرته الأمم المتحدة حول الوضع الاقتصادي في أفغانستان، يعيش أكثر من 90 في المئة من الناس تحت خط الفقر، ومن المتوقع أنه إذا لم يتم إرسال المساعدات الخارجية إلى هذا البلد على الفور، فسوف يتحول الوضع إلى الأسوأ، وهذا هو السبب في أنه في الأسابيع الأخيرة، تم منح ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية للحكومة المؤقتة لطالبان من خلال الأمم المتحدة. وبالنظر إلى أنه لا يوجد أفق واضح لإنهاء الأزمات في أفغانستان، وبالتالي مع عودة ملايين الأفغان النازحين، سيزداد الوضع الاقتصادي في أفغانستان سوءًا، فمن الضروري تقديم المزيد من المساعدات الخارجية لهذا البلد. ولقد تم تجميد أكثر من 7 مليارات دولار من الأصول الأفغانية في البنوك الأمريكية والأوروبية، وإذا عادت موارد النقد الأجنبي هذه، فسيتم حل جزء كبير من مشاكل الأفغان.
وتعتمد هذه المسألة أيضًا على حكومة طالبان وإلى أي مدى ترغب في التعاون مع المجتمع الدولي. وفي العام الماضي، لم تتخذ طالبان أي إجراءات فعالة لإقناع الدول الغربية بالاعتراف بحكومتها، وطالما أن هذه المجموعة تصر على مبادئها، فحتى دول المنطقة ليست مستعدة لاتخاذ خطوة لحل الأزمات في هذا البلد. وفي الاجتماع الأخير لدول المنطقة حول أفغانستان، الذي عقد في موسكو، كان هذا الموضوع واضحًا بشكل جيد ولم يقم الروس بدعوة ممثلي طالبان لحضور هذا الاجتماع الإقليمي. وكانت هذه المسألة إشارة إلى طالبان بأنها إذا لم تنفذ مطالب المجتمع الدولي ولم تشكل حكومة شاملة، فلا ينبغي لها الاعتماد على جيرانها. إن الوضع الحالي في أفغانستان كارثي للغاية والأزمة الاقتصادية مستعرة في هذا البلد، وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات للحد من هذه الأزمة، فإن أي جهود دبلوماسية لإعادة اللاجئين الأفغان ستكون عقيمة، ومع استمرار انعدام الأمن الاقتصادي وانتشار الفقر، فإن ملايين آخرين من الافغان سوف يسلكون طريق النزوح وسيكون من الصعب السيطرة عليهم.
ولقد صرح السفير والمندوب الدائم لجمهورية إيران الإسلامية لدى مكتب منظمة الأمم المتحدة بجنيف في اجتماع مجلس المنظمة الدولية للهجرة بأن الأزمات الإنسانية الجديدة يجب ألا تتسبب في اهمال مشاكل المهاجرين الأفغان في إيران. وقال "علي بحريني" في هذا الاجتماع يوم الجمعة: "إن الوضع الحالي في أفغانستان يظهر بوضوح أن أطماع بعض الدول الغنية وتدخلاتها العسكرية العابرة للقارات تشكل مخاطر جسيمة على حياة المهاجرين في بلدان المنشأ والانتقال والمجتمعات المضيفة". كما انتقد المنظمات الدولية لعدم إيلائها الاهتمام الكافي للوضع الإنساني المتردي الذي لم يتحسن منذ سنوات عديدة ، حيث قال: "على المجتمع الدولي ألا يسمح لأزمات الهجرة الجديدة بالتسبب في نسيان الوضع المزمن والقديم ، بما في ذلك مشاكل المهاجرين الأفغان في إيران". يذكر انه خلال العقود الأربعة الماضية ، لم تتوان جمهورية إيران الإسلامية عن بذل أي جهود لتقديم الخدمات للمهاجرين الأفغان على الرغم من العقوبات الأحادية غير القانونية. ومن ضمن هذه الخدمات هنالك أكثر من 700 ألف طالب أفغاني مسجلين في المدارس الإيرانية ، من بينهم 380 ألفا لا يمتلكون وثائق ثبوتية في إيران.