الوقت- وجهت عملية شعفاط التي نفذها مقاوم فلسطيني، مقابل قرابة ما يزيد على 10 من جنود الاحتلال؛ مساء السبت 8 أكتوبر 2022، ضربة قوية للمنظومة الأمنية والعسكرية للاحتلال في مدينة القدس المحتلة على وجه الخصوص من ناحية التوقيت والمكان.
وتزامنت عملية شعفاط التي نفذت على الحاجز العسكري للمخيم مع استنفار غير مسبوق لشرطة الاحتلال وعناصر جيشه في ظل احتفالات المستوطنين بالأعياد اليهودية المزعومة، والتي امتدت منذ سبتمبر الماضي مرورًا بالشهر الجاري.
وصرح جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بمقتل مجنّدة، وإصابة اثنين منهم حارس أمن بحالة خطرة بهذه العملية. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن قواته واصلت طوال ليل الثلاثاء، مطاردة منفذ عملية إطلاق النار على حاجز شعفاط (شمال شرق القدس).
وقال الجيش في بيان، إنه "أثناء عمليات قواتنا في مخيم شعفاط؛ ألقى فلسطينيون عشرات الزجاجات الحارقة والحجارة والمفرقعات على الجنود"، مؤكدا عدم وقوع إصابات بينهم.
وأثبتت هذه العملية البطولية صلابة المقاومة وجرأتها في مواجهة جبن الجنود المدججين بالسلاح وارتباكهم وهروبهم مع أول رصاصة أطلقها المنفذ.
ويرى محللون سياسيون أنّ هذه العملية تأتي في إطار تصاعد العمل الفدائي في الضفة الغربية، ردًا على جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا، ومقدساتنا الإسلامية.
الكاتب والإعلامي الفلسطيني، ماجد الزبدة، أوضح لإحدى وسائل الإعلام أنّ "عملية شعفاط البطولية تأتي في ذروة استنفار جيش الاحتلال وفي العاصمة الموهومة وبعد ساعات من قتل الاحتلال ثلاثة شهداء في الضفة المحتلة".
وشدد على أنّ "رؤية مقاوم فلسطيني في مواجهة عشرات الجنود الذين ينكلون بشعبنا على حواجز الموت ليقتل ويصيب منهم ثم ينسحب بسلام، أوصل رسالة بأن القدس محرمة على الاحتلال، وأن عدوانه لن يوقف تصاعد المقاومة حتى دحر المحتلين".
المحلل السياسي، مصطفى الصواف، قال إنّ "الفارق في عملية شعفاط هي الجرأة التي عليها المنفذ الذي لا يحمل إلا مسدسًا، وحالة الجبن التي كان عليه جنود الاحتلال، وهذا يعطي دليلا واضحا على ما هم عليه من حالة نفسية مهزومة ورعب مميت حيث لم يمكن هذا العدد من الجنود من التصدي لفلسطيني لا يملك إلا مسدسًا".
وأضاف إنّ "العدو جبان وعملية شعفاط أمس أكدت على جبن المحتل وتوفيق الله فيما حدث"، مردفًا: "لذلك أعدوا لهم ما استطعتم وسيكون الله معكم وبمعيتكم فعدوكم جبان والله ناصركم".
من جانبه، أكد الخبير الأمني والباحث السياسي، رامي الشقرة أنّ "عملية شعفاط دلالة إضافية لانتعاش وتعافي جبهة الضفة الفلسطينية، وأعادت الاعتبار للفلسطيني الذي حاول الاحتلال وأدواته تغييبه عن مشهد الفعل النضالي الثوري".
وشدد على أنّها "جعلت الجهد الاستخباري والأمني وصناعة الوعي الزائف بإمكانية التعايش مع العدو؛ في مهب ريح الثورة".
وجاء انسحاب المنفذ من المكان بسلام بعد تنفيذه العملية بإحكام ليكمل الضربة الأمنية التي وجهت للاحتلال، في الوقت الذي فشل فيه الاحتلال بعد أكثر من 4 أيام في الوصول إلى المنفذ ولجأ لاتخاذ أساليب عقابية ضد أهالي مخيم شعفاط والمناطق الملاصقة بها.
في هذا السياق، يقول الباحث العسكري رامي أبو زبيدة إن الساحة الفلسطينية تعيش حالة فريدة من نوعها في ظل ما تشهده الضفة المحتلة وضواحي القدس من تصاعد واضح في حالة المقاومة بشكل عام والمقاومة الإبداعية بشكلٍ خاص.
ويشير أبو زبيدة إلى أن الشبان المقاومين ابتكروا أدوات عدة لتنفيذ عملياتهم، مثل عملية شعفاط وما سبقها من عمليات وكل هذا يشير إلى تصاعد العمل وتوسع هذه الحالة القائمة، إضافة إلى استخلاص الدروس وتنفيذ عمليات بأنماط جديدة.
ووفقاً للمختص في الشأن العسكري فإن أهم ما يميز هذه العملية حجم الجرأة والمفاجأة التي أحدثتها لقوات الاحتلال على الحاجز، وهو ما شكل عامل الصدمة للجنود إضافة لما تلاها من هدوء المقاوم في الانسحاب من المكان.
ويرى أبو زبيدة أن قدرة المقاوم على تنفيذ هذه العملية والانسحاب بهدوء دون أي إصابة يعكس حجم الإحباط والارتباك الحاصل لدى الجنود على الحاجز، وبالتالي فإن هذه العملية ناجحة في كل مراحلها وما يزال الاحتلال يعيش تبعاتها حتى اللحظة.
من جانبه، يرى الكاتب والباحث في شؤون القدس راسم عبيدات أن عملية شعفاط تعتبر من العمليات النوعية نظراً لطبيعتها الجغرافية وجرأة المنفذ وقدرته على إصابة الأهداف والانسحاب من المكان بهدوء دون أن يتمكن الاحتلال من الوصول إليه.
ويؤكد عبيدات أن المسار القائم يعكس تصاعد حالة المقاومة خلال الفترة المقبلة ما يؤدي إلى توسع العمليات ومناطق تنفيذها، إلى جانب فشل كل خطط الاحتلال الأمنية والعسكرية في احتواء الحالة القائمة الحالية وإعادة الهدوء.
ويعود تاريخ حاجز شعفاط الذي شهد مكان تنفيذ العملية إلى الانتفاضة الثانية حيث أنشأه الاحتلال عبر دوريات عسكرية تقوم بتفتيش المركبات، ومع بدء بناء الجدار حول المنطقة في 2002 تحوّل الحاجز إلى شبه دائم ولكن دون بناء إسمنتي، وفي العام 2009 أعلنت سلطات الاحتلال رسميًا عن تحويل الحاجز المؤقت إلى "معبر دولي" -أي بناء يفصل الأراضي التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس عن مناطق الضفة-، واستمر العمل على توسيع الحاجز وبناء غرف تفتيش ومسارات المركبات وأبراج مراقبة وبوابات إلكترونية أكثر من 4 سنوات.
ومع إغلاق الحاجز، يتحول السكان في تلك المنطقة إلى سجناء في منطقة معزولة بالجدار عن الضفة الغربية، وعن القدس بالحاجز، حيث يتكون الحاجز من 3 مسارات رئيسية، الأول للمشاة عبر بوابات فحص إلكتروني، والمسار الثاني مخصص للحافلات التي تخضع لتفتيش دقيق أيضا، والثالث للمركبات الخاصة.
ورغم هذه التحصينات إلا أن العملية وجهت ضربة قوية للاحتلال من الناحية اللوجستية والأمنية والعسكرية، إضافة إلى ضعف الأداء الميداني لجنوده الذي طالما تغنى به الاحتلال وتحدث عن قدرة جنوده السريعة في الوصول إلى المنفذين.