الوقت - أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط الكبرى المعروفة باسم أوبك بلس، الأربعاء الماضي، خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً، وتمديد اتفاقية التعاون بين دول أوبك الرئيسية مع روسيا ومنتجين آخرين حتى عام 2023.
فيما أعلنت السعودية والإمارات أن تدهور الآفاق الاقتصادية في العام المقبل وتراجع أسعار النفط في الأشهر القليلة الماضية هي الأسباب الرئيسية والدوافع وراء هذا القرار، لكن تم تفسير هذا الإجراء من قبل البيت الأبيض والغربيين على أنه خطوة نحو دعم روسيا، حيث إنه من وجهة نظر صانعي السياسة الغربيين، فإن هذا الإجراء الذي اتخذته أوبك بلس يمنح موسكو اليد العليا، عشية فرض جولة أخرى من العقوبات على صادرات النفط الروسية.
رفض ابن سلمان لمطالب بايدن
من المؤكد أن توقيت الإعلان عن خفض إنتاج النفط اعتبارًا من الأول من تشرين الثاني(نوفمبر)، وقبل أسبوع واحد فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، هو خبر مرعب لبايدن والديمقراطيين، ويشير على الأرجح إلى رغبة السعودية ومحمد بن سلمان نفسه في ضرب بايدن.
يشعر البيت الأبيض بالقلق من أنه مع زيادة أسعار البنزين عشية انتخابات التجديد النصفي في 8 نوفمبر، سيكون ثقل الانتخابات لمصلحة الجمهوريين بشکل أكبر، ويعطي الديمقراطيون الأغلبية في الكونغرس للحزب المنافس.
لا يمكننا تجاهل حقيقة أن هزيمة الديمقراطيين في الكونغرس هي نبأ سعيد للسعوديين. لأن الكونغرس بقيادة الديمقراطيين انتقد السعودية کثيراً، حتى أنه قدم مؤخرًا تشريعات لسحب القوات الأمريكية وأنظمة الدفاع الصاروخي من السعودية والإمارات.
كان تصرف السعودية والإمارات مخالفًا للتوقعات التي تم الإعراب عنها نتيجة زيارة جو بايدن في يوليو إلى الخليج الفارسي. فبينما واجه بايدن انتقادات محلية ودولية من أجل إرضاء محمد بن سلمان بتراجعه عن مواقفه خلال الحملة الانتخابية لعام 2020، لكن مع قرارهما الجديد بخفض إنتاج النفط، أظهرت الرياض وأبو ظبي فشل نتائج هذه الزيارة.
يبدو أن السعوديين غير مهتمين بشراكة أوسع مع إدارة بايدن، ومن ناحية أخرى، فهم غير مستعدين لإدارة ظهورهم لعملية توسيع علاقاتهم مع روسيا.
مستقبل العلاقات الأمريكية السعودية
لقد ألقى قرار خفض سقف إنتاج النفط من قبل السعودية والإمارات، كما هو متوقع، بظلاله على العلاقات بين هذه الدول والولايات المتحدة.
حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين يوم الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة تدرس الخيارات المتعلقة بعلاقتها مع السعودية، بعد أن اتفقت الرياض ودول أخرى في أوبك بلس هذا الأسبوع على خفض حاد لإنتاج النفط.
وأضاف بلينكين في مؤتمر صحفي: "فيما يتعلق بالعلاقات المستقبلية (مع الرياض)، نستكشف عدداً من الخيارات للرد. کما نتشاور عن كثب مع الكونغرس."
وفي هذا الإطار، في أول رد فعل، طالب الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي يوم الخميس بخفض بيع الأسلحة العسكرية للسعودية.
كان الاعتماد العسكري والأمني المتزايد للحكومة السعودية على أمريكا في العقود الماضية، دائمًا أداةً تحت تصرف الحكومات الأمريكية المختلفة لجلب الرياض إلی سياساتها الإقليمية.
لكن تراجع القوة الأمريكية وتراجع هيمنة هذا البلد على المستوى الدولي في السنوات الأخيرة، دفع السعوديين إلى تقليل اعتمادهم على واشنطن. ومن وجهة النظر هذه(وجهة النظر الاستراتيجية)، فإن قرار السعودية هذا يتعارض مع السياسة الاستراتيجية للولايات المتحدة في حرب أوكرانيا لهزيمة روسيا.
ولأن روسيا تعتبر قوةً عسكريةً نوويةً، فقد تركَّز الجزء الرئيسي من جهود الغرب لهزيمة موسكو على مجالات العقوبات الاقتصادية، واستهداف عائداتها من النفط والغاز. لكن من ناحية أخرى، يجب التعامل مع آثار انخفاض إمدادات الطاقة في الغرب.
لذلك، فإن التعامل مع عائدات النفط المرتفعة لروسيا دون تقليل المعروض، يمثّل لغزًا اقترحت إدارة بايدن حله من خلال "سقف السعر".
والآن، بعد أن تمكنت حكومة بوتين من السيطرة على التوتر الأولي للعقوبات والحفاظ على قيمة الروبل، وعادت احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي إلى 300 مليار دولار في حقبة ما قبل الحرب، فإن قرار أوبك بلس كان في الواقع إجراءً يهدف إلى تحييد تطبيق سقف السعر للنفط الروسي.