الوقت- منذ توقيع اتفاقيات التطبيع بين عدة دول خليجية و الكيان الاسرائيلي، شهدت علاقات هذه الدول و تل أبيب موجة تسونامي من الاستثمار التجاري و الاقتصادي. ولكن جاءت اليوم هذه العلاقات لتبدو كعلاقة زوجين اكتشفا بعد فترة وجيزة من الزواج أن هناك فرق بين الرومانسية و الحياة الزوجية!
لطالما عمل الكيان الاسرائيلي دون كلل او ملل و بدعم أمريكي على ضم أكبر عدد ممكن من الدول العربية لاتفاقيات التطبيع بهدف خلق شرق أوسط جديد يتناسب مع طموحات الكيان الصهيوني ولكن مايحصل اليوم لم يكن في الحسبان، بعد إعلان الأمارات عن إرسالها سفير إلى طهران لأول مرة منذ عام 2016قال مائير بن شبات رئيس مجلس الأمن الوطني الصهيوني السابق إن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران يمكن أن تقوض التطبيع بين الكيان ودول الخليج.
وحسب بن شبات، فإن عودة السفير ستكون علامة فارقة في التقارب بين الإمارات المتحدة وإيران، وزعم أن إيران "لم تغير شكلها ولم تصبح فجأة من طالبي السلام، الشيء الوحيد الذي تغير هو الاندفاع الأمريكي للاتفاق النووي الذي يجبر دول المنطقة على إعادة التفكير في علاقاتها مع إيران، و يمكن الافتراض أن تقوية إيران سيكون لها أيضًا تأثير سلبي على عملية التطبيع مع إسرائيل، وستؤثر على الجهود المبذولة لتوسيع العلاقات المدنية مع دول الخليج، ولا يمكن استبعاد احتمال أن رفض عُمان الموافقة على الرحلات الجوية الإسرائيلية في مجالها الجوي ينبع أيضًا من ذلك، من المحتمل ان تكون هذه هي الثمن السياسي المبدئي للمباحثات النووية مع ايران حتى قبل توقيع الاتفاق". ووصف التوقيع على الاتفاق النووي مع طهران بالخطر الشديد.
من جهته كان بن شابات، قد عبّر أيضًا في دراسةٍ نشرها على موقع مركز أبحاث الأمن التابِع لجامعة تل أبيب عن غبطته بأنّ الاتفاقيات وبعد مرور سنتيْن باتت تحظى بإجماعٍ كبيرٍ داخل الكيان الصهيوني، مُضيفًا إنه ليس من السهل توقيع اتفاق سلامٍ، ولكنّ التوقيع هو كما في الزواج بداية المراسم، وأنّ الخلاصة في الأيّام والسنوات التي تليه، ولذا، أكّد، أنّ بناء الحياة المُشتركة يتطلّب التعامل معها ليس كمفهومة ضمنًا، وعليه يتطلّب منّا الاستثمار، المبادرة، الإبداع والتجدّدّ الدائم، ذلك أنّ كلّ نجاحٍ يُعمِّق الثقة والشراكة، ومعهما الإيمان بصواب الطريق، على حدّ وصفه.
الاتفاق النووي كارثة استراتيجية بالنسبة للكيان الصهيوني
تحاول إسرائيل التأثير على الموقف الأمريكي بشأن الاتفاق الدولي المتبلور مع إيران بشأن ملفها النووي، والذي ترى مؤسستها الأمنية فيه "كارثة استراتيجية"، ولكنها تبدو عاجزة عن إفشاله.
وتشير التقديرات القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، إلى أن الاتفاق "بات وشيكا".
وبعد أن كانت إسرائيل، وعلى مدى أسابيع، تستبعد هذا الاتفاق، فإنها باتت الآن تتوقعه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.
وكانت إسرائيل قد أعلنت الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، حال تأكدت من أن إيران تقترب من امتلاك السلاح النووي. ويرى البرفيسور إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب، أن توصل الغرب للاتفاق مع إيران "ممكن".
وأضاف زيسر في حوار خاص مع وكالة الأناضول: "الطرفان يريدان الاتفاق وعلى الأرجح فإنهم سيوقعونه".
وأضاف في إشارة إلى المحاولات الإسرائيلية لمنع الاتفاق: "إسرائيل تعتقد أنه يمكن أن يكون أفضل، إسرائيل تعتقد أن الاتفاق يجب أن يستند إلى الثقة المتبادلة، وإسرائيل لا تثق بالإيرانيين، ولذا فهي تطالب بالتزامات أكثر حسما ووضوحا، وليس تأجيل تنفيذ الالتزامات الإيرانية".
وكان الكيان الإسرائيلي عارض الاتفاق الدولي الأول مع إيران في العام 2015، وواصل معارضته حتى انسحبت منه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018. لكنها حاليا، يجد نفسه في ذات الموقف، مع الإعلان الأمريكي عن قرب التوصل إلى اتفاق جديد. على الرغم من أن الكيان يواصل القيام بكل شيء من أجل منع إيران من التوصل إلى قدرات نووية".
وقال مسؤول أمني رفيع للصحيفة: "هذا اتفاق كارثي سيلحق ضررا كبيرا ليس فقط بإسرائيل، بل بالمنطقة بأسرها".
وقالت الصحيفة: "لا تستطيع إسرائيل التأثير على القرار الأمريكي بالذهاب إلى الاتفاقية بأي ثمن، تمامًا كما فشلت في التأثير على قرار إدارة باراك أوباما بالتوقيع على الاتفاقية في عام 2015، لكنها تستطيع على الأقل تحذير العالم من التوقيع".
وأضافت: "تشير التقديرات إلى أنه في الأيام المقبلة سيكون هناك من سيتحدث علنًا وبحزم ضد الاتفاق في إسرائيل، على المستوى السياسي والعسكري والأمني".
ولفتت إلى أن "التقدير المتشائم الآن في المؤسسة الأمنية، هو أنه من المتوقع توقيع الاتفاقية في غضون أسابيع قليلة في ظل القرار الاستراتيجي في كل من العاصمتين، واشنطن وطهران، لمتابعة ذلك بكل قوتهما"
من جانب آخر، شدد لبيد على أن هذا اتفاق سيسمح بتدفق الكثير من الأموال على إيران "هذه الأموال ستمول الحرس الثوري وقوات الباسيج التي تضطهد الشعب الإيراني، وستمول المزيد من الهجمات على القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وستستخدم في تقوية حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، هذا هو المال بالضبط لهؤلاء الناس، الذين يحاولون قتل الكتاب والمفكرين في نيويورك، وبالطبع سيتم استخدامه لتعزيز البرنامج النووي" على حد زعمه.
نظرة الشعوب العربية للتطبيع
يبقى التفاؤل الإسرائيليّ بتطوير التطبيع مع الدول المُطبّعة، والأخرى التي يُحاوِلون ضمّها للتطبيع لا يأخذ بعين الاعتبار مواقف شعوب الدول في هذه البلدان، كما هو الحال السلام مع الأردن ومصر، حيثُ يُقّر أقطاب دولة الاحتلال، أنّ السلام مع المملكة الهاشميّة ومع بلاد الكنانة ما زال باردًا جدًا لأنّ السواد الأعظم من الشعبيْن المصريّ والأردنيّ يرفضون هذا السلام، وما زالوا يتشبثون بقضية العرب المركزيّة، إلا وهي قضية فلسطين.
وحسب استطلاع للرأي قام به معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فإن هناك تراجع واضح في مؤيدي التطبيع مع كيان الاحتلال في كل من السعودية و البحرين و الأمارات العربية المتحدة و شكلت النسبة المؤيدة للتطبيع أقلية في هذه البلدان وأكّد الاستطلاع أنّ نسبة الأشخاص الذين ينظرون إلى اتفاقيات التطبيع بشكلٍ إيجابيٍّ في السعودية والبحرين والإمارات انخفضت خلال العام الماضي، حيث بات ثلثا المواطنين في الدول أنفة الذكر ينظرون إلى “اتفاقيات أبراهام” بشكل غير إيجابي بعد أقل من عامين.
وتشير بيانات الاستطلاع إلى وجود تيار معاكس من الانفتاح إزاء السماح بإقامة علاقات تجارية واجتماعية مع الإسرائيليين في بعض أجزاء الخليج، ولا سيما بالمقارنة مع نظرائهم في مصر والكويت والمشرق العربي.
خيبة أمل الكيان الاسرائيلي
تخيل الإسرائيليون أن استثمارات ستطير من أبو ظبي إلى تل أبيب، مع توقع ظهور ابتكارات تكنولوجية مثيرة في دبي، مع أنه من الناحية العملية هناك تقدم جيد جدا، لكنه أكثر تعقيدا وأبطأ، فالتجارة بينهما تقفز كل شهر، لكن معظم الأموال بنسبة 60٪ تتدفق من تل أبيب إلى هناك أبو ظبي، وليس العكس".
و قال أريئيل كهانا الكاتب في صحيفة " اسرائيل اليوم" صحيح أن الأطراف اليوم راضية جدا عن العلاقة المتبادلة، لكن بعد عامين أصبح الهبوط على الأرض حقيقة معقدة، بعد أن كان الحلم الأولي هو تدفق التعاون في مجالات التكنولوجيا الفائقة، والأمن، والطاقة الخضراء، والإنترنت، والفضاء، ومجموعة كبيرة ومتنوعة أخرى، حيث يحتل الجانبان مكانة رائدة على مستوى العالم.
وتابع قائلا: "الأرقام جيدة، لكنها بعيدة جدا عن المليارات المتوقعة في إسرائيل في البداية".
وأكد أن "الأرقام تكشف أن مليار دولار فقط تم تمريرها بينهما، والغالبية العظمى منها في تجارة الماس، التي لا يتم إنتاجها، بل تتم معالجتها فقط في إسرائيل".
ورغم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما قبل بضعة أشهر، لكن نتائجها ما زالت مجهولة، ربما لأن لدى الإمارات بعض القواعد الأساسية لممارسة الأعمال التجارية لا تناسب الإسرائيليين دائما، التي لا تجعلهم أحرارا في التصرف كما يحلو لهم لأنهم ملزمون بالاعتماد على إيجاد شريك إماراتي.
وقال: "صحيح أنه تم تسجيل أكثر من 100 مشروع مشترك بين الإسرائيليين والإماراتيين بالفعل، وهو رقم جيد، لكن من لا يجدون شريكا إماراتيا محليا لا يمكنهم العمل".
وأوضح أن الإماراتيين يريدوت أن تتمركز الشركات هناك، مشيرا إلى أن تلك الأيام عندما كان عمالقة النفط يرمون الأموال في جميع أنحاء العالم دون تفكير، قد ولت.
ولا يخفي الإسرائيليون استياءهم مما يعتبرونه تراجعا إماراتيا عن الوعود التي انهالت عليهم فور توقيع اتفاقيات التطبيع، بأن الأموال الإماراتية ستغرقهم، لكنهم بعد مرور عامين من التطبيع لم يفتحوا محافظهم بعد أمام الإسرائيليين، إلا بشرط أن يكون هناك ربح واضح، أو تكون الشركة أو المصنع أو الشركة الناشئة ستوجد في مجالهم.