الوقت- المسلسل الأوروبي بقمع الحريات واضطهاد الفلسطينيين لا يزال مستمراً، وآخر حلقاته كانت مع قيام قناة BFMTV الفرنسية بنشر مقطع من مقابلة مع الصحفي الفرنسي ألان غريش، تطرق فيها إلى العدوان الصهيوني على قطاع غزّة، حيث أكد الصحفي الفرنسي الشهير أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو الذي صعّد في وجه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، حيث لم يتعرض لأي اعتداء أو ضرر.
وأضاف إن هذه هي الحرب الرابعة أو الخامسة التي يشنّها كيان الاحتلال على غزّة، وتؤدي إلى قتل مئات الأشخاص، لافتاً إلى أن هذا الوضع لن يؤدي إلا إلى العنف.
وأشار غريش إلى أن الحصار الحالي لقطاع غزّة يؤدي إلى تصعيد من هذا النوع، وأن تل ابيب لم تتعلم الدرس ولا تمتثل لقرارات الأُمم المتحدة التي تطلب منها الانسحاب من الأراضي المحتلة، في وقت تشكو فيه من تعرضه للهجوم وهو أمر غير صحيح، وبعد نهاية الحلقة قامت القناة الفرنسية بحذف مقطع من جواب غريس والذي قال فيه إن كيان الاحتلال هو الذي بادر إلى التصعيد في غزّة.
خطوة القناة الفرنسية أدت إلى موجة غضب عارمة في الأوساط الصحفية الأوروبية حيث اعتبروا أن كيان الاحتلال والشبكات الداعمة له، تمارس هيمنتها على الرأي العام الأوروبي لتفرض صورة واحدة فقط على المشاهد الأوروبي، دون أن تسمح بعرض أي وجهة نظر أُخرى تعارضها أو تنفيها، ودائماً ما تسعى هذه التكتلات الداعمة لكيان الاحتلال في تصوير أن الشعب الفلسطيني هو المعتدي وليس العكس، ولا تظهر أبداً المجازر التي يرتكبها كيان الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني أو الجرائم الأُخرى مثل هدم المنازل والاعتقال التعسفي واغتيال الفلسطينيين أو إعدامهم ميدانياً في الشوارع، إضافة إلى جريمة الاستيطان التي تشبه السرطان في تغولها بجسد فلسطين.
وسائل الإعلام الغربية لا تزال تلعب لعبتها وهي الكيل بمكيالين، فمثلاً عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا انتفضت وسائل الإعلام الغربية لتقف ضد روسيا وتجيش الرأي العام عليها وتتهمها باحتلال أوكرانيا وقهر الشعب الأوكراني وقام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاد الأندية الروسية من البطولات الرياضية وغيرها من القرارات، لكن هذه القنوات والدول والاتحادات الأوروبية لا تزال تتجاهل بشكل غير قابل للتصديق قضيّة الشعب الفلسطيني ونكبتهم المستمرة منذ 74 عاماً، وعلى وسائل الإعلام الغربية يكاد من المستحيل أن ترى خبراً واحداً ينصف الشعب الفلسطيني أو يتحدث بحيادية عن قضيته، بالمقابل الهواء مفتوح 24 ساعة للرواية الصهيونية.
الفلسطينيون وجدوا بديلاً لوسائل الإعلام التقليدية وهي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدؤوا ينشطون عليها هم والمتعاطفون مع الشعب الفلسطيني وبدؤوا يعرضون جرائم الاحتلال الإسرائيلي ويفضحون أكاذيبه وينشرون المجازر التي يرتكبها، ورغم نجاح الفلسطينيين بهذا الحقل إلا أن الاضطهاد الإسرائيلي لحق بهم وبدأت وسائل التواصل الاجتماعي تضييق الخناق عليهم وتحاول أن تمنعهم من نشر وفضح الاحتلال وجرائمه.
الدعاية الغربية بخصوص حقوق الإنسان والدفاع عنه لا تزال تسقط مرة تلو الأُخرى في مستنقع الاحتلال الذي يفرض شروطه على الإعلام الغربي ويضع مقص الرقيب فوق شاشاتهم وصحفهم ويستخدم هذا الإعلام بالطريقة التي يريدها الرقيب الصهيوني، مثل البندقية تفتح ضد هذه الدولة وتسكت عن تلك، أما الشعوب الأوروبية فلا يزال جزء مهم منها واقع تحت تأثير هذه الدعاية، ولكن العدوان الصهيوني المتواصل ضد الشعب الفلسطيني بدأ يكشف زيف شعارات الحرية والتحرر التي يحملها الغرب ويروج لها ضد من يقول كلمة لا لسياساته وقراراته.
تضحيات الشعب الفلسطيني بدأت تجبر مجموعة كبيرة من نشطاء المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان على الوقوف إلى جانبهم والدفاع عنهم بوجه آلة الحرب الصهيونية التي لا تزال تفتك بجسد الفلسطينيين، وسلاح المقاومة الذي يدافع عن الشعب الفلسطيني الأعزل، بدأ يلقى دعماً من قبل الحقوقيين الغربيين الذين يعتبرونه وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس في وجه القمع الصهيوني والحروب المتكررة ضد هذا الشعب الأعزل، وبالتالي بات من المهم على الشعوب الإسلامية والعربية أن تواصل نشر معاناة الفلسطينيين وتُكثّف من حملات التضامن معهم ولا سيّما على وسائل التواصل الاجتماعي، لأن هذا الأمر يُعزز من حضور القضية الفلسطينية لدى الغرب ويجبر وسائل الإعلام الغربية على التطرق لملف فلسطين حتى وإن حاولت أن تغيبها عن شاشاتها، فالإصرار على نشر الخبر والمعاناة يجبر الجميع على تناول الموضوع ونشره رغماً عنه.