الوقت - بعدما علقت الدول العربية المنحازة للسياسات الغربية في المنطقة، عضوية الدولة السورية في جامعة الدول العربية عام 2013 بذريعة أن الحكومة الشرعية في هذا البلد لن تستمر لفترة طويلة، أعطت مقعد دمشق إلى المتمردين، لكن بعد عقد من الزمن، غيرت هذه الدول العربية مواقفها وتسعى اليوم لجلب حكومة بشار الأسد إلى معسكرها.
حيث أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية مؤخرا أن هذا البلد سيرفع مرة أخرى طلب سوريا للمشاركة في الاجتماع المقبل لرؤساء الدول العربية في سبتمبر في القاهرة، و تحاول الجزائر التي تتولى الرئاسة الدورية لجامعة الدول العربية ، إعادة سوريا إلى أحضان جامعة الدول العربية بموافقة بقية الدول العربية.
وفي هذا الصدد، زار وزير الخارجية الجزائري دمشق لإجراء الترتيبات اللازمة مع السلطات السورية، بما في ذلك مع الرئيس بشار الأسد . وفي وقت سابق، أشار وزير الخارجية الجزائري إلى أن بلاده لن تتوانى عن أي جهد لتوحيد وتعزيز الإرادة المشتركة للدول العربية لمواجهة التحديات الجماعية.
كثر الحديث عن عودة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية منذ سنوات، عندما تمكن الجيش السوري بمساعدة حلفائه من هزيمة الجماعات الإرهابية وتحرير العديد من المناطق المحتلة، وغيرت بعض الدول التي كانت على علم بالخطط الشريرة لأمريكا وعملائها في المنطقة، نهجهها واقترحت عودة هذا البلد إلى جامعة الدول العربية.
ولأول مرة في نيسان / أبريل 2018، أعلن عضو في مجلس النواب العراقي عن جهود بلاده وعدة دول أعضاء أخرى في جامعة الدول العربية لإلغاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة.
وبعد أشهر قليلة ، أثار الرئيس التونسي باجي قائد السبسي إمكانية دعوة بشار الأسد لحضور مؤتمر القادة العرب في المؤتمر الاقتصادي في لبنان. على الرغم من أن الكثير من العرب في ذلك الوقت لم يرحّبوا بهذه القضية ، لكن مع مرور الوقت ، طرحت العديد من الدول هذه القضية ، والآن توافق غالبية الدول العربية على عودة الحكومة السورية إلى جامعة الدول العربية.
لا توجد عقبة جدية أمام عضوية سوريا
على الرغم من ترحيب العديد من الدول بعودة سوريا إلى عضوية جامعة الدول العربية ، إلا أن هناك اختلافات طفيفة بين بعض الدول. حيث أشار نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى عدم وجود اتفاق كامل بشأن عودة سوريا إلى الجامعة، مؤكدا أنه لا يوجد موعد محدد لعودة عضوية سوريا إلى الجامعة.
وحسب هذا المسؤول في جامعة الدول العربية ، هناك الكثير من المحادثات والمواقف حول هذه القضية من دول ليست جزءًا من هذا الاجماع، ولكل طرف وجهة نظره الخاصة.
وحسب تصريحات مسؤولي جامعة الدول العربية ، يبدو أنه لا توجد خلافات وعقبات جدية بين العرب حول سوريا ، ومسألة الوقت فقط ستحدد موعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية. لأن عملية تطبيع علاقات الدول العربية مع دمشق من خلال إبرام عقود تجارية واقتصادية تسارعت في الأشهر الأخيرة ، وهي تدل على ترحيب كثير من العرب بالتقارب من سوريا. حتى إن دولًا مثل الإمارات، التي كانت إلى جانب السعودية من أكبر الداعمين للإرهابيين في سوريا ، غيرت موقفها تجاه الحكومة السورية قبل العرب الآخرين وافتتحت سفارتها في دمشق قبل ثلاث سنوات.
على الرغم من إصرار أمريكا على مواقفها السابقة تجاه الحكومة السورية ومعارضتها لتطبيع العلاقات العربية مع دمشق ، إلا أن اتباع سياسات واشنطن والكيان الصهيوني في العقد الماضي أدى إلى فقدان الجامعة العربية لمكانتها كمؤسسة عربية مستقلة.
رغم أنه من الممكن ألا يتم التصويت على موضوع عضوية سوريا في جامعة الدول العربية بسبب ضغوط اللوبي الأمريكي والصهيوني، لكن هذا الموضوع لن يؤثر على عملية إحياء العلاقات الثنائية بين الدول العربية وسوريا. ولن يؤدي إلا إلى فقدان مصداقية الجامعة العربية في العالم، كونها مجبرة على تنفيذ خطط أمريكا.
تجربة سوريا الناجحة
رغم أن العرب عند بداية الأزمة في سورية كانوا يعتقدون أن النظام السياسي في هذا البلد سيتغير في الأشهر القليلة المقبلة وستتولى المعارضة السلطة ، لكن تبين أن كل حساباتهم خاطئة. وبسبب تجاوز الأزمة الداخلية التي لم يسبق لها مثيل في القرن الماضي ، أظهرت سوريا قدرتها على التعامل مع المشاكل والآن اكتسبت الكثير من الخبرة في مواجهة الجماعات الإرهابية وإدارة الحرب الأهلية وإعادة الانضمام إلى جامعة الدول العربية يمكن أن ترفع من دور ومكانة هذه المؤسسة الدولية وفي أوقات الأزمات يمكنهم الاستفادة من تجارب سوريا.
دفعت نجاحات دمشق في تجاوز الأزمة ببعض الدول إلى مد يد التعاون نحو الحكومة السورية. حيث تلجأ الأنظمة العربية في الخليج الفارسي ، والتي ليس لديها حتى جيش مستقل ، إلى أمريكا والغربيين للتعامل مع الأزمات الصغيرة داخلها ، حتى يتمكنوا من حلها ، لكن الحكومة والشعب السوري وقفوا بقوة في مواجهة جبهة الأعداء الأجانب والجماعات التي تدعمها ولم يسمحوا حتى بفصل شبر من الأراضي السورية.
الآن الحكومة السورية أقوى مما كانت عليه عندما بدأت الأزمة ، وهذا الموضوع أجبر العرب على إعادة النظر في سياساتهم المعلنة. يمكن لقمة جامعة الدول العربية التي ستنعقد في مصر في أقل من شهرين أن تمهد الطريق لعودة الحكومة السورية إلى هذه الجامعة، وبالنظر الى تاريخ ومكانة سوريا في العالم العربي، ستقوى صورة هذه المؤسسة بشكل أكبر وستلعب دورا فعالاً في اتخاذ القرارات الاقليمية وبشكل خاص في مواجهة الإرهابيين والدفاع عن قضية فلسطين.