الوقت- بينما في الأسابيع الماضية، ومع إعلان قادة تركيا عن استعدادهم لبدء جولة جديدة من العمليات الهجومية في المناطق الشمالية من سوريا، تصاعد توتر جديد بين أنقرة ودمشق وحلفائها الإقليميين، في غضون ذلك، تستعد طهران لاستضافة الاجتماع الثلاثي لرؤساء روسيا وتركيا وإيران، الذين كانوا أهم اللاعبين الأجانب في دفع العملية السياسية للأزمة السورية في السنوات الأخيرة، من خلال مبادرة محادثات أستانا.
من جهة أخرى، وبينما أدت الحرب في أوكرانيا واشتداد المواجهة بين روسيا والغرب، فضلاً عن تأثر الاقتصاد العالمي بهذه الحرب، إلی اكتساب التطورات في منطقة غرب آسيا أهميةً مضاعفةً، باعتبارها بوابة الطاقة وطرق العبور الدولية، وهو ما أوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة في الأيام الماضية، فإن نتائج اجتماع طهران يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في عملية التنافس الجديدة بين الغرب والشرق.
لذلك، ونظراً لأهمية أبعاد هذا الاجتماع، فقد أجری موقع "الوقت" حواراً مع الخبير في قضايا غرب آسيا السيد "حسن هاني زاده"، تطرَّق إلی کل ما يتعلق بهذا الملف الهام.
محادثات طهران لمنع اندلاع حرب جديدة في إدلب
قال هاني زاده عن الأهداف والقضايا المحتملة التي قد تثار في المحادثات بين رؤساء الدول الثلاث: يعتبر الاجتماع الوشيك لرؤساء إيران وروسيا وتركيا في طهران من أهم اللقاءات الإقليمية، نظراً لمكانة إيران المهمة في المنطقة وجهود الجمهورية الإسلامية لحل النزاعات الإقليمية، وستثار فيه بلا شك قضايا وملفات مهمة، ومن بين هذه القضايا وجود القوات التركية في إدلب.
تخضع إدلب غربي سوريا لاحتلال قوات الجيش التركي التي توغلت بعمق 30 كيلومترًا داخل إدلب، ونتيجةً لذلك انقطع الطريق الدولي من إدلب إلى حلب ودرعا. ويظهر هذا الإجراء للجيش التركي أن أردوغان يحاول استغلال الوضع المتأزم في سوريا، وتقسيم أراضي هذا البلد وضم إدلب إلى محافظة الإسكندرون. وهذه الأهداف يمكن أن تزيد من حدة الأزمة السورية، بعد رد الفعل الحاد لروسيا والجمهورية الإسلامية، وكذلك احتمال اندلاع صراع بين قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية والجيش التركي في إدلب.
لذلك، يبدو أنه بناءً على طلب سوريا وبموافقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والضوء الأخضر للكرملين، سيعقد اجتماع طهران للحصول على ضمان خطي من أردوغان بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية. وبطبيعة الحال، إذا تحقق هذا الأمر وغادرت القوات التركية سوريا، فسيتم توفير المجال لعودة السلام وحل الأزمة السورية بعد 11 عامًا من الأزمة الطاحنة.
من جهة أخرى، وبالنظر إلی وجود قادة روسيا وتركيا في إيران، يعتقد هذا الخبير في القضايا الدولية: أن "اجتماع طهران يمكن أن يلعب دوراً فعالاً للغاية في حل الأزمة في أوكرانيا، خاصةً وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تريد حلاً سريعًا للأزمة الأوكرانية دون تدخل القوى عبر الإقليمية، ومستعدة للوساطة بين روسيا وأوكرانيا".
تشكيل كتلة اقتصادية من دون الدولار
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الروسي المهمة إلى إيران، يرى هاني زاده أنه بعد تمديد التعاون الاستراتيجي بين طهران وموسكو لمدة 25 عامًا، وكذلك عضوية إيران الأخيرة في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، سيكون وجود الرئيس الروسي بوتين في طهران فعالًا للغاية في تعزيز العلاقات بين البلدين، وينبغي أن يُنظر إلى هذا على أنه مؤشر على قدرة إيران وقوتها على التأثير في أن يتشاور رئيس دولة قوية مثل روسيا مع إيران في مختلف القضايا الاقليمية.
وخلال هذه الزيارة، ستطرح بالتأكيد قضية التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، ويبدو أن نهج إيران وروسيا والصين وبعض الدول الأخرى في المنطقة سيكون تشكيل سوق أوروآسيوي مشترك، يتلاشى فيه دور وتأثير الدولار في المعاملات التجارية بين هذه الدول، وستحلّ عملة جديدة محل الدولار، وهي القضية التي يمكن أن تسهل التعاون الاقتصادي في المستقبل، وتقلل من المكانة الدولية للدولار.
فشل بايدن في تشكيل تحالف عسكري عبري-عربي ضد إيران
ووفقًا لهذا الخبير في الشؤون الدولية، فإن نجاح إيران في عقد اجتماع إقليمي مهم وتعزيز التعاون مع روسيا والصين، يأتي بينما على الجانب الآخر فشلت زيارة جو بايدن إلى المنطقة فشلاً ذريعاً، حيث حط الرحال في فلسطين المحتلة والسعودية لتشكيل تحالف عسكري بين الدول العربية والکيان الإسرائيلي ضد إيران.
وأصبحت الزيارة مجرد رحلة لرفع الروح المعنوية لسلطات الکيان الصهيوني، وإضفاء الشرعية على الحكم المستقبلي لمحمد بن سلمان ولي عهد السعودية، لأن رؤساء الدول العربية، في لقائهم مع جو بايدن في اجتماع جدة، أعلنوا عدم رغبتهم في تشكيل الناتو العربي العبري ضد إيران.
کما کانت الزيارة بمثابة فشل كبير لجو بايدن، خاصةً وأنه لم يستطع تسريع عملية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والکيان الصهيوني خلال هذه الزيارة، لأن العديد من الدول العربية ما زالت تعتقد أن إيران شريك موثوق ومهم في المنطقة، وإسرائيل کيان معتدٍ، ولا توجد إمكانية للتطبيع حتى يتم حل القضية الفلسطينية.
تعزيز الكتلة الاقتصادية الإقليمية بحضور تركيا
وحول النتائج المحتملة لزيارة أردوغان لطهران، قال الخبير في القضايا الإقليمية: "سياسة تركيا وحكومة رجب طيب أردوغان تجاه إيران ليست سياسةً واضحةً، ويمكن رؤية نوع من التناقض فيها. لكن بالنظر إلى هزيمة أمريكا وفشلها في أفغانستان وسوريا والعراق، فقد أجبر الخلاف الذي نشأ بين تركيا واليونان وبعض الدول الأوروبية الأخرى، أردوغان على الميل نحو إيران من أجل تحديد سلوك متوازن مع إيران. ويمكن أن تكون زيارة أردوغان ولقائه مع رئيسي إيران وروسيا، منطلقاً لتشکيل مجموعة اقتصادية كبيرة في المنطقة تتكون من إيران وروسيا وتركيا والصين وحتى الهند، وهذه الكتلة الاقتصادية يمكن أن تكون فعالةً في دفع عجلة التنمية في دول المنطقة."