الوقت- صوتت لجنة المشاركة الدولية التابعة للكنيسة المشيخية الأمريكية بأغلبية ساحقة للاعتراف بأن "قوانين وسياسات وممارسات إسرائيل فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني تفي بالتعريف القانوني الدولي للفصل العنصري"، حيث إنها قررت أن الفلسطينيين يتعرضون للقمع المنهجي من خلال أعمال غير إنسانية بهدف السيطرة العرقية.
وزعم القرار أن هناك مجموعتين من القوانين للإسرائيليين والفلسطينيين، تفضيلية للأولى وقمعية على الثانية. وأكدت أيضا أن الأراضي والمياه الفلسطينية سُرقت لاستخدامها من قبل "المستوطنات اليهودية فقط" وأن الفلسطينيين محرومون من حرية الإقامة والتنقل، ويعيشون في "محميات منفصلة وغيتوهات"، مرددًا الصدى المستخدم في القرار الذي تم تمريره حول نفس الموضوع. في مؤتمر ولاية الحزب الديمقراطي لكارولينا الشمالية (NCDP) في 18 يونيو.
وزعمت الكنيسة أن العرب غير اليهود الذين يعيشون في إسرائيل والأراضي المتنازع عليها لديهم "مكانة متدنية" وأن الفلسطينيين غير قادرين على المشاركة في "الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لبلدهم".
وأوضح القرار أن "هذه المبادرة تتم على أمل أن تؤدي إلى مصالحة سلمية لشعبي إسرائيل وفلسطين على غرار تلك التي حدثت في جنوب إفريقيا عندما تم الاعتراف بالفصل العنصري دوليًا".
"تحدث المسيحيون في الخمسينيات من القرن الماضي ضد الفصل العنصري في الولايات المتحدة ولاحقًا ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وعليهم أن يرفعوا أصواتهم مرة أخرى ويدينوا التمييز الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين وأن يطلقوا اسمًا على الجريمة ضد الإنسانية التي يمثلها هذا التمييز ، وهي جريمة "الفصل العنصري".
رفض القرار مخاوف المسيحيين من أن نسب مصطلح الفصل العنصري إلى إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى توصيف معاداة السامية، أو التركيز غير المبرر على إسرائيل، أو إعاقة الحوار البناء، مشيرا إلى أن بعض المسيحيين لن ينخرطوا في النقد المشروع بسبب المحرقة والفشل وتحدث بعض الجماعات المسيحية ضد المأساة.
وجاء في القرار "بعد الحرب العالمية الثانية عندما انكشفت فظاعة المحرقة النازية، قال اليهود في جميع أنحاء العالم" لن يتكرر ذلك مرة أخرى". "تعهد المسيحيون أيضًا بأنهم لن يصمتوا أبدًا مرة أخرى إذا أصدرت الحكومة قوانين تؤسس وتحافظ على هيمنة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى من خلال الفصل المنهجي والقمع وإنكار حقوق الإنسان الأساسية. كان الصمت في مواجهة الشر أمرًا خاطئًا في ذلك الوقت، وهذا خاطئ الآن ".
والجدير بالذكر أن لجنة الدعوة للمساواة العرقية أيدت القرار بالتوصية بأن تستبدل الإشارة إلى معاداة السامية بكلمة "معاداة لليهود" لأنها تعتقد أن معاداة السامية "تشمل مجموعات أخرى من الناس إضافة إلى أشقائنا اليهود".
أقرت اللجنة الاستشارية للكنيسة بشأن سياسة الشهود الاجتماعية بأن هذا القرار يمثل تغييرًا في السياسة الحالية للكنيسة، لكنها نصحت الجمعية العامة بالموافقة على هذا البند.
قبل أيام قليلة فقط ، أشار الحزب الديمقراطي لكارولينا الشمالية (NCDP) إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري وأصدر قرارًا يطالب الولايات المتحدة بشرط مبيعات الأسلحة والمساعدة الأمنية لإسرائيل بشأن إنهاء هذه الممارسات.
في كانون الثاني/ يناير، وصف الكاتب القس هربرت نيلسون الثاني من الكنيسة المشيخية الأمريكية معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها "استعباد".
إحياء ذكرى النكبة
أصدرت لجنة المشاركة الدولية بالإجماع قرارًا يوجه الهيئات القيادية الكنسية إلى تحديد 15 مايو "يوم ذكرى النكبة الفلسطينية" والاحتفال به سنويًا كجزء من التقويم التخطيطي المشيخي.
وشدد القرار على الوثائق السابقة التي تنص على أن النكبة "لا تشير إلى قيام إسرائيل نفسها، بل تشير إلى تأثير الحرب على الشعب الفلسطيني"، والذي وصفه القرار الجديد بأنه "طرد بالإرهاب وبقوة 750 ألف شخص. فلسطينيون مسلمون ومسيحيون".
يأتي القرار بعد أيام من صدور قرار NCDP باقتراح إقامة "يوم ذكرى النكبة" على الجمعية العامة للدولة وبعد أكثر من شهر من تقديم النائب لقرار إحياء ذكرى النكبة في منتصف شهر مايو إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب. رشيدة طليب (ميشيغان الدائرة 13).
العقاب الجماعي للفلسطينيين
كما صدر قرار مجلس الكهنة في نيو كاسل الذي دعا إلى إنهاء "حصار غزة" و "العقاب الجماعي للمواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين الأبرياء" بالإجماع في الجمعية العامة لعام 2022.
ودعا القرار إسرائيل إلى إنهاء جميع الأعمال العسكرية في غزة، التي وصفتها بأنها عقاب جماعي وغير متناسب ضد الفلسطينيين.
على الرغم من اعتراف الكنيسة بأن الضربات الإسرائيلية على أهداف عسكرية لا تنتهك القانون الدولي، فقد شعروا أنه نظرًا لأن الضربات أضرت أحيانًا بالمدنيين، فقد شكلت عقابًا جماعيًا.
كما وصف القرار الحصار المفروض على غزة بأنه عقاب جماعي ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى رفعه. وزعمت أنه بينما أنهت الحكومة الإدارة العسكرية لغزة في عام 2005، إلا أنها واصلت السيطرة على حركة الحدود وفقًا للمصالح الإسرائيلية.
كما دعا القرار غزة إلى وقف إطلاق الصواريخ العشوائية على إسرائيل، والتي وصفتها أيضًا بأنها سياسة عقاب جماعي. ومع ذلك، تناولت جملتان قصيرتان فقط أفعال غزة، ووجهت الجزء الأكبر من اهتمامها لإسرائيل.
موقف الكنائس المصرية من العنصرية
وقف البابا شنودة، والأب وليم سيدهم في وجه العنصرية الصهيونية واعتبروا أن إسرائيل المزعومة ليست وعد من الله، بل احتلت أرض فلسطين بوعد بلفور
يقول البابا شنودة الثالث في كتابه "إسرائيل في الكتاب المقدس" :
روجت إسرائيل وآلة الإعلام الصهيونى أن فلسطين هى أرض الموعد، وأنها حق وراثى منذ القدم، وتجاهلت إسرائيل ما وثقه التاريخ وكشف كذبتهم الكبرى، حيث وثقت كتب التاريخ القدس أنها عربية، ويذكر العديد من المؤرخين أن الكنعانيين من القبائل العربية التى استوطنت فلسطين منذ عام 2500 ق. م ،وهذا سبب تسمية فلسطين بأنها «أرض كنعان» ،وذكر العهد القديم التوارة المسمى وبعد تأسيسها احتلها مملكة دواود، ودمرها الرومان ثم أعادوا بناءها وازدهرت في العهد الإسلامى، يؤكد المؤرخون أن تاريخ القدس لا ينفصل عن تاريخ فلسطين وعروبتها وأن ما حدث لها نتاج الأطماع الاستعمارية والسياسية وكانت القدس جزءًا لا يتجزأ الوطن العربى، وشاركت في صنع أحداثه وتراثه وحضارته لأن التحالف بين الاستعمار والصهيونية في غزو البلاد المقدسة لم يكن مسألة دينية وإنما مصلحة استعمارية لاستغلال ثورات المنطقة والهيمنة عليها، ومحاربة هويتها واغتصاب وطن على الرغم من أن المسلمين قد حافظوا على حقوق الطوائف المختلفة، وتراث المدينة الحضارى، وكانت فلسطين عبر التاريخ إلى أن جاءت اتفاقية سايكس بيكو وبعدها الوعد الملعون وعد بلفور.
وعد بلفور وعد كاذب
قاوم البابا شنودة الثالث، هذه الأكذوبة واستشهد بالعهد الجديد، وفى عام 2002 عقد البابا مؤتمرا شعبيا في الكاتدرائية المرقسية لإعلان دعمه للرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات بعد تحديد إقامته في رام الله، وقام البابا بإجراء مكالمة تليفونية مع عرفات للتأكيد على مساندته له في القضية الفلسطينية.
واستمرت مسيرة البابا شنودة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وقاوم بشدة أكاذيب المحتل ومنع زيارة الأقباط للقدس رغم كل المعارضة من اتجاهات متعددة ،قائلا: «لن ندخل القدس إلا وأيدينا في أيدى إخواننا المسلمين".
ضد التطبيع
استمرت الكنيسة في موقفها الوطنى ورفضها التطبيع مع الاحتلال الصهيونى، وقاد البابا شنودة الثالث حملة المقاطعة، وكان موقفا وطنيا دفع البعض إلى منحه لقب بابا العرب، وذكرت منصة تاريخ الأقباط واقعة تؤكد مكانة ودور الكنيسة قادة وشعب في رفض أكاذيب الاحتلال، حيث في مايو عام ١٩٩٧م كان البابا شنودة على موعد لحضور اجتماع رؤساء مجالس كنائس الشرق الأوسط بسوريا ثم يتبعه لقاء مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
وكان البابا قبل سفره تلقى دعوة لزيارة اللاجئين الفلسطينيين بمخيم اليرموك ورغم ترتيب جدول الزيارات لكن لم يتردد ورحب البابا وفى مساء الخامس من مايو وصل البابا شنودة إلى المخيم وحالت الجموع المحتشدة دخول سيارته وسيارات الوفد المرافق فنزل مترجلا وسار بموكبه محاطًا بأبناء المخيم وهم يرددون: «بابا شنودة أهلا بيك.. شعب فلسطين بيحييك".
وهناك ألقى عصام القاضى، الأمين العام لمنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية الفلسطينية، كلمة ترحيب بقداسة البابا قال فيها: يسرنى أن أقول لك يا قداسة البابا إنك موجود في قلب كل فلسطينى بل في قلب كل العرب والمسلمين إنك بابا الشرفاء في العالم الذين يناضلون لأجل الحق والعدل.. إنك بابا القدس بابا العرب.
وليم سيدهم، الراهب والكاهن الثائر، لم يكتب لاهوت عن فلسطين فحسب بل دعا تلاميذه من الثوار الذين تبعوه على حمل صليب الثورة الفلسطينية، ليصدر كتاب «لاهوت التحرير الفلسطينى» شهادة مروية بدماء الشهداء والجرحى.. في مواجهة مع الفاشية الصهيونية وعدوانها على قطاع غزة، ولذلك يرى الأب وليم سيدهم في كتاب لاهوت التحرير الفلسطيني:
" في البدء كان وعد الله لإبراهيم بأرض الميعاد، منذ نحو ثلاثة آلاف عام ومنذ عام 1917 وعد بلفور هرتزل بتكوين دولة لليهود المضطهدين في أوروبا، ولقد اتخذت هذه الأرض أسماء مختلفة منذ إبراهيم وحتى الآن فلسطين أم إسرائيل أم الأرض المقدسة أم أرض الموعد كلها مفردات ولطالما استخدمها في الكتب المقدسة في كل الديانات بلا استثناء غطاء مقدسا لتبرير أحط غرائز الإنسان من قتل وذبح وسفك الدماء ؟!
فتارة «الحرب المقدسة»، وتارة باسم «الجهاد» وأخرى باسم «الدفاع عن المقدسات» إلخ وأى مدقق في تاريخ منطقتنا وفى وضع أراضى فلسطين بكامل ترابها يرى أن ما حدث منذ وعد بلفور لم يكن له أى علاقة بالكتاب المقدس اللهم إلا غطاء مقدسا لتبرير الاعتداء على أراضى الغير والتمسح بنصوص العهد القديم التى تجاوزها سيدنا عيسى (المسيح) بصفتة الوحيد الذى استطاع أن ينفذ وصية «يهوه» ويربط بين تنفيذ وصايا الله واكتساب أرض الميعاد.
ويعود الأب وليم في دراسته اللاهوتية إلى مفهوم الأرض في الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا ويؤكد على أن مفهوم ملكية الأرض تعود لله، ويخلص الأب وليم إلى أن مفهوم «أرض الميعاد» في العهد القديم أصبحت مهيئة لعهد جديد يعيد لها معناها كمصدر للبركة والسلام لأن العهد القديم بين الله وبين شعب الله المختار قد فشل لأن هذا الشعب لم يكن أمينا على العهد الذى قطعه مع صاحب هذه الأرض وبالتالى انتهت مسيرة هذا الشعب إلى طريق مسدود وعليهم أن يجنوا ما اقترفت أيديهم، وأن يتساووا مع جميع الشعوب لأن العهد الجديد سيحل مجئ يهودى يعرف كيف يصون العهد مع الله وكيف سيصبح هو وأرض الميعاد بركة لجميع الأمم وهو يسوع المسيح الذى سيولد في بيت لحم ويعطى لأرض الميعاد مفهوما جديدا أمميا بعيدا عن العنصرية الصهيونية.