الوقت - عاد مطار دمشق الدولي، بعد أسبوعين من الضربات الصاروخية الإسرائيلية، مرة أخرى إلى العمل وبات يقدم الخدمات الجوية بفضل جهود القوى الفنية والهندسية بعد أن ألحق الصهاينة أضراراً جسيمة بأجزاء مختلفة من المطار، ولا سيما المدرجات، بهجمات عنيفة في اليوم العاشر من الشهر الماضي، وكانت نتيجة الدمار توقف الرحلات الجوية القادمة والمغادرة إلى هذا المطار.
كان هناك تكهنات وتحليلات مختلفة في الأيام الأخيرة حول أسباب هذا الهجوم غير المسبوق، حيث أعطى البعض تحليلات مختلفة لهذه الهجمات وحاولوا اقناع الرأي العام أن هذه الهجمات هي علامة على التفوق الصهيوني الاستخباراتي والعسكري بينما الواقع الميداني يختلف عن هذه الحرب الاعلامية الهادفة.
يظهر فهم القضية التي لم تظهر للإعلام والتي تستمر في ساحة المعركة السرية جيداً سبب تصرف الصهاينة الجنوني في مهاجمة مطار دمشق وإلحاق أضرار جسيمة بالمدرجين الشرقي والجنوبي، الأمر الذي أدى إلى تعليق الرحلات الجوية مؤقتاً. حيث حاول الكيان الصهيوني خلال السنوات الأخيرة منع وجود محور المقاومة (بمن فيهم المستشارون الإيرانيون) في المناطق الحدودية بين دمشق والقنيطرة مع فلسطين المحتلة من خلال شن غارات جوية مختلفة، لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل لأن تكتيكات غرفة عمليات محور المقاومة في كيفية تعزيز الوجود على الحدود والانتشار الواسع كان من الصعب كشفها.
ثم استخدم الصهاينة في المرحلة التالية قوتهم العسكرية للتحكم بوجود المقاومين ثم دفعهم للخروج من الحدود المشتركة، وشنوا عشرات الهجمات الأخرى، لكن قوات المقاومة لم تنسحب من حدود دمشق والقنيطرة، بل فتحت الطريق أمام الوجود الجاد والمميز في محافظة أخرى.
كان نبأ الوجود القوي والمميز لمقاتلي محور المقاومة بالقرب من هضبة الجولان المحتلة والأردن، أي محافظة درعا، في البداية أمراً لا يصدق بالنسبة للصهاينة، لكنهم أدركوا بعد فترة أن هذا الأمر كان حقيقة واتخذوا الاستراتيجية نفسها( تنفيذ عشرات الغارات الجوية) والنتيجة كانت فشلاً ميدانياً كما كان من قبل.
أدى تعزيز وجود عدد كبير من المقاومين بأسلحة فريدة ومدمرة في الجنوب (محافظة درعا) دون ضجة إعلامية إلى قلب ميزان القوى لمصلحة محور المقاومة وحرمان الصهاينة النوم. يحاول الصهاينة الخائفون من وجود المقاومة على حدود فلسطين المحتلة، التخفيف من حدة هذه الهزيمة بالفرار الى الامام دون نتيجة (غارات جوية، واغتيالات، ومناورات عسكرية، وهجمات إلكترونية، إلخ) وتنفيذ هجوم جنوني على مطار دمشق في الاتجاه نفسه.
من ناحية أخرى يحاول الصهاينة التستر على هزيمتهم بمناورات اعلامية خاصة (تغطية واسعة للغارات الجوية على سوريا)، لكن الحقائق واضحة في ساحة المعركة، وهذه القضية الآن ملموسة على الحدود المشتركة بين دمشق والقنيطرة ودرعا مع فلسطين المحتلة. لطالما حاول وكلاء الكيان الصهيوني في الاعلام تعويض النقص في ساحة المعركة وخداع الرأي العام من خلال التركيز على التغطية الإخبارية الواسعة للغارة الجوية (وإن لم تكن ناجحة) على سوريا، واظهار الصهاينة دائماً على أنهم المنتصرون من خلال استخدام كلمات وعبارات مثل " تنفيذ ضربة صاروخية اسرائيلية بنجاح بهدف منع نقل المعدات والقوات من طهران إلى دمشق". لكن ما حدث بالفعل هو الوجود القوي لمقاتلي محور المقاومة في عمق المناطق المركزية (دمشق والقنيطرة) والجنوب (محافظة درعا). وباتت المقاومة الآن أقرب من أي وقت مضى إلى حدود فلسطين المحتلة والصهاينة يدركون جيداً معنى هذا الوجود.