الوقت_ أربعون شاحنة لقوات الاحتلال الأمريكي محملة بالقمح السوري المسروق توجهت إلى الأراضي العراقية عبر المعابر غير الشرعية لسوريا التي تعيش حصاراً خانقاً ووضعاً اقتصاديّاً يصفه الناس بـ "المأساويّ"، وذلك في سياق انتهاكات المحتل الأمريكي وميليشيا “قسد” المرتبطة به لحقوق المواطنين السوريين وممتلكاتهم وثرواتهم حسب توصيف الإعلام الرسميّ السوريّ، حيث إن الوجود غير الشرعيّ للقوات الأمريكيّة في المنطقة الشرقيّة السوريّة يركّز على "الفوائد الاقتصاديّة" بمزاعم دعم ما تُطلق على نفسها "قوات سوريا الديمقراطية" التي يهيمن عليها بعض القياديين الأكراد الحالمين بدولة قوميّة ضمن سوريا لإتمام المشروع الذي يتحدث عنه السياسيون الكرد في إنشاء دولة من مجموعة كتل أبرزها في سوريا والعراق وتركيا وإيران.
بوضح النهار، تسرق الولايات المتحدة قمح ونفط الشعب السوريّ وتدعم مشاريع التقسيم والإرهاب والتجويع، رغم الأوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها السوريون والتي لا يمكن وصفها إلا بـ "حرب لقمة العيش"، في وقت تفرض فيه واشنطن –صاحبة هراء حقوق الإنسان والديمقراطية- أشدّ العقوبات والحصار على السوريين الذي يذيقهم الويلات، فيما ينجو من ذلك المناطق التي يديرها عملاء واشنطن أي المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة السوريّة وبالأخص مناطق ما تُسمى "الإدارة الذاتية"، حيث تؤكّد دمشق كل مدّة أنّ ثرواتها تُسرق أمام الجميع وغلباً ما تتجه نحو الأراضي العراقيّة برفقة مدرعات عسكريّة تابعة لجيش الاحتلال الأمريكيّ.
ومؤخراً، أخرجت قوات الاحتلال الأمريكيّ رتلاً محملاً بالقمح السوري المسروق باتجاه الأراضي العراقية عبر معبر الوليد غير الشرعي بريف اليعربية شمال شرق محافظة الحسكة، على الرغم من أنّ الشارع السوريّ مُنهك من الغلاء الفاحش والفساد والعقوبات التي تستهدف حياته وصحته ولقمة عيشه بشكل مباشر ومقصود، بعد أن تحمل السوريون الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد والتي أطفأت شمعتها الحادية عشر، حيث يأتي خنوع القيادات الكرديّة لواشنطن ليزيد طين حياتهم التعيسة بلة، فيما تتناسى "الإدارة الذاتية" -الطامعة بالوهم- أنّ البيت الأبيض هو من أعطى الضوء الأخضر من خلال الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، لغزو تركيّ للأراضي السوريّة الشماليّة للقضاء على الأكراد وتدمير منازلهم، كما وجهت الولايات المتحدة لهذه الجماعة العرقية سلسلة طعنات وجهها رؤساء أمريكيون عبر قراراتهم منذ سنوات طويلة.
وإنّ سرقة القمح السوريّ من قبل أميركا وحلفائها الكرد في الشرق السوريّ ليست جديدة أبداً، حيث إنّ الإدارة الأمريكيّة تنهب منذ سنوات آبار النفط من منطقة الجزيرة إلى قواعدها في شمال العراق، وهذا ما أكّدته الحكومة السوريّة المُصرة على استرجاع أراضيها شرق البلاد مراراً، بعد أن استغلت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ (قسد) التي تُشكّل مظلة للمقاتلين الأكراد وأقلية من العرب، الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابيّ ككيانٍ جغرافي في آذار 2019، للسيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية الغنية بالنفط، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من العرب وغير الأكراد.
وبكل وقاحة وليس بعيداً عن ملايين السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، يسرق الجيش الأمريكي قمح الجائعين إلى جانب نهبه المحاصيل المهمة والرئيسيّة، وينشر قواته في مناطق الآبار النفطيّة في منطقة الجزيرة لسرقته، وتمويل ميليشيا (قسد) التابعة له والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وخاصة أنّ الولايات المتحدة وبسبب تاريخها الدمويّ والقذر في تدمير الدول وحصار الشعوب واغتيال السلام، وباعتراف مسؤوليها هي التي أسست ونظمت وسلحت تنظيم “داعش” الإرهابيّ وقامت بزرعه في المنطقة، وسهلت ويسرت لجميع الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين فكريّاً وأخلاقيّاً الانضمام لهذا التنظيم، وساعدتهم بقوة في التغلغل داخل الأراضي العراقيّة والسوريّة، بهدف إثارة الفوضى وتفتيت الجيوش النظاميّة واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابيّ رغم عملياته الاجراميّة الكثيرة وتمدده لسنوات على الارض وسيطرته على العديد من المدن، قامت واشنطن بتنفيذ السيناريو الذي وضعته أجهزة مخابراتها، ونشرت قواعدها وقواتها المُحتلة بشكل غير شرعيّ تحت عنوان “محاربة داعش”، لتحقق مؤامراتها في تدمير الدول التي تعتبر معادية لها وللكيان الصهيونيّ المجرم فتنهب خيراتها وتحاصر شعبها وتحاول القضاء على دورها.
الشيء الآخر، تريد واشنطن حرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه، في ظل مواصلة حصار جائر يفرضه الأمريكيّ وحلفاؤه وأدواته في المنطقة ضد هذا البلد، بعد أن تبنّت الإدارة الذاتيّة الكرديّة خطاب الحكم الذاتيّ كخطورة للمشروع الأكبر وامتداد له، وعملت على محاربة التعايش والاعتراف المتبادل بين مختلف أبناء المنطقة، رافضة التخلّي عن أيّ هدف تخريبيّ أو سلطة فعلية في المناطق التي تسيطر عليها وتشكل الأكثرية العربيّة الخاضعة لسيطرة "قسد" فيها نحو 80%، في تهميش لأكبر قوميّة في الشرق الأوسط، وذلك إرضاءً للبيت الأبيض الذي ربما يتخلى عنهم في أيّ لحظة والأمثلة كثيرة كان آخرها أفغانستان.
وبناء على ما ذكر، فإنّ قوات الاحتلال السارقة لن تخرج بسهولة من شمال شرق سوريا، وستواصل العمل مع “قوات سوريا الديمقراطية” الانفصاليّة لتحقيق مشاريعها الهدامة في المنطقة، في وقت تشدّد فيه سوريا على أنّ الاحتلالين الأمريكيّ والتركيّ لأجزاء من الأراضي السورية يمثل أهم أسباب إطالة أمد الأزمة في سوريا، ناهيك عن مواصلتهما نهب الثروات السورية، كما تعتبر دمشق أنّ الحملات المسعورة والمتكررة الخاصة بالوضع الإنسانيّ في البلاد تمثل أبشع أشكال النفاق، ويتجاهل أصحابها أنهم السبب الأساس في معاناة السوريين جراء دعمهم للإرهاب.
خلاصة القول، باتت الأهداف الأمريكيّة واضحة للجميع، فعقلية الأمريكيّ لم تتغير أبداً، والرغبة الأمريكيّة بإسقاط الأنظمة المخالفة لها وتدمير البلدان وحصار الشعوب التي لا تخنع لإملاءاتها علنيّة، أم نسينا أنّ واشنطن عملت كل ما بوسعها لإسقاط سوريا المقاومة من خلال دعم التنظيمات الإرهابيّة بشكل لا محدود بالتعاون مع دول معروفة، لكنها اصطدمت بأكثر من 11 عاماً من الانتصارات التي حققها الجيش السوريّ وداعموه من الحلفاء وبالأخص محور المقاومة، لهذا جلبت "صغار السياسة" من القيادات الكردية ليوقعوا على صك عبوديّتهم.
لذا، يجب على السياسيين الأكراد الذين يتحكمون بمصير الشعب الكرديّ الطيب، أن يعترفوا بالأفضال التي قدمتها لهم سوريا وشعبها، بدل التآمر عليها والانخراط في مشاريع هدامة هم الخاسر الأكبر فيها بحكم تجربتهم السياسيّة الضعيفة للغاية، وينبغي عليهم ألا يكونوا منخرطين مع أعداء هذا البلد فكما يقول السوريون "عدو جدك، لا يودك"، ولا شك أنّ دمشق سترحب بأي خطوة كرديّة جادة وحقيقيّة لهؤلاء الانفصاليين للعودة لرشدهم ولوطنهم، لطي صفحات مسلسل خياناتهم والاستقواء بالأمريكي ضد أبناء شعبهم هذا على الرغم من الغدر الأمريكيّ المتكرر لهم، في ظل قيامهم بتجويع الشعب السوري الذي يعيش أسوأ الظروف في تاريخه.