الوقت – بينما يزعم المسؤولون السعوديون أن كل ما يفعلونه في لبنان يهدف إلى إحلال السلام والاستقرار في هذا البلد، لكن ما يحدث عمليًا يثبت عكس ذلك.
السعودية، التي لم تدخر في السنوات الأخيرة أي جهد لضرب لبنان، تنتهج خططًا هدامةً أخرى إضافة إلى التدخلات السياسية والاقتصادية، والتي تزيد من الإضرار بالعلاقات بين البلدين.
وفي هذا الصدد، أفادت وسائل إعلام لبنانية، الأحد، نقلاً عن مصادر أمنية في البلاد، بتوقيف مواطن سعودي أثناء محاولته تهريب المخدرات. وذکرت المصادر الأمنية أن الرجل كان من أفراد قوات الأمن السعودية، واعتقل في مطار بيروت.
وحسب التقرير، فإن هذا الشخص كان ينوي تهريب 18 كيلوغراماً من حبوب الكبتاغون من لبنان إلى الكويت. اسم هذا الشخص هو "عادل الشمري" الذي يقال إنه مقرب من الأسرة السعودية. وقالت مصادر أمنية لبنانية إن الشرطة اللبنانية تحقق معه.
لطالما كان لبنان مركزًا لإنتاج المخدرات وعبورها إلی البحر الأبيض المتوسط، ويحاول السعوديون جني الأرباح بهذه الطريقة.
مثل هذه البرامج السعودية غير القانونية قد تکررت على الأراضي اللبنانية، حيث تم اعتقال مواطنين سعوديين عدة مرات في السنوات الأخيرة بتهمة تهريب المخدرات وحبوب الهلوسة.
في عام 2015، ألقي القبض على أمير سعودي كان يحاول تهريب نحو طنين من المخدرات من لبنان إلى السعودية في مطار بيروت. في ذلك الوقت، حاول السعوديون التستر على القضية من أجل سمعتهم، والإفراج عن الأمير بدفع الدولارات النفطية.
وبما أنه في معظم الأوقات، لا يتم تفتيش الطائرات الملكية السعودية الخاصة في المطارات اللبنانية، بل يتم تخصيص أماكن خاصة لها، لذلك يمكن للسعوديين المتاجرة بالمخدرات بسهولة أكبر ودون أي تدخل.
وتأتي هذه التصرفات من قبل الأمراء والمسؤولين السعوديين في الوقت الذي يعدم فيه النظام السعودي أشخاصًا مدانين بتهريب المخدرات في السعودية، ليُظهر للعالم مدى جديته في محاربة تهريب المخدرات، لكن هذا القانون الصارم لم يطبق قط على أمراء العائلة السعودية الحاکمة، وهؤلاء المسؤولون معفون من هذا القانون.
أصبحت السعودية عاصمة المخدرات في المنطقة في السنوات الأخيرة، ويقال إن العديد من الأمراء السعوديين مدمنون على المخدرات، ويقال حتى إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتعاطى المخدرات منذ سنوات عديدة.
وأكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير صدر العام الماضي، أن أكثر من نصف إجمالي كمية حبوب الكبتاغون التي تم العثور عليها في منطقة غرب آسيا بين عامي 2015 و 2019 كانت في السعودية.
وحسب التقرير، فإن معظم متعاطي المخدرات في السعودية هم في الفئة العمرية من 12 إلى 22 عامًا، ويستخدم 40٪ من المدمنين السعوديين حبوب الكبتاغون.
وفي مثل هذه الظروف، وبينما تعتبر السعودية رائدة الدول العربية في المنطقة في تهريب المخدرات وتعاطيها، حاول السعوديون إيجاد ذريعة جديدة لمواصلة أعمالهم العدائية ضد لبنان وحزب الله، من خلال اتهام هذا البلد بتهريب المخدرات للسعودية.
ضرب حزب الله
يأتي اعتقال المواطنين السعوديين أثناء تهريب المخدرات، في الوقت الذي اتهمت فيه السعودية مرارًا وتكرارًا جماعات لبنانية مثل حزب الله بالتهريب.
في العام الماضي وحده، أبلغت السعودية عن اكتشاف شحنات مخدرات في البلاد عدة مرات، ونسبتها إلى حزب الله دون تقديم أي وثائق من أجل تشويه صورة الحزب في المنطقة.
وفي عام 2015، بعد بضعة أشهر من اعتقال الأمير السعودي في مطار بيروت، أطلق السعوديون مزاعم لا أساس لها ضد حزب الله، لإظهار أنه يقف وراء تهريب المخدرات في لبنان.
وزعم متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية وقتها، أن قوات من حزب الله وأنصار الله اليمنية وعلي عبد الله صالح زعيم حزب المؤتمر الشعبي في اليمن، متورطون في الإرهاب وتهريب المخدرات في السعودية.
بل إن المسؤول السعودي زعم أن تقارير دولية أشارت إلى أن الأراضي السورية كانت تستخدم لإنتاج "أقراص الأمفيتامين"، وأن سوريا أصبحت أكبر منتج للمخدرات للجماعات المسلحة.
ويزعم السعوديون أن مصدر حبوب الكبتاغون هو نفس المختبرات داخل سوريا، والتي تم تهريبها بعد ذلك إلى لبنان، وفي النهاية إلى السعودية.
وتأتي هذه المزاعم في الوقت الذي تسيطر فيه الجماعات الإرهابية المدعومة من السعودية علی جماعات مافيا المخدرات في سوريا، وهذه الجماعات تستخدم كل الوسائل للحصول على الموارد المالية لمواصلة أنشطتها الإرهابية.
لقد ادعى السعوديون مرارًا وتكرارًا في السنوات الأخيرة أن حزب الله يحصل علی ثلث ثروته من خلال مبيعات المخدرات. لکن قادة حزب الله نفوا هذه المزاعم، قائلين إنها تهدف إلى الضغط على المقاومة اللبنانية لوضع حزب الله على قائمة الإرهاب العالمية.
وهكذا، أطلقت الرياض، التي فشلت في هزيمة حزب الله في الحملة الانتخابية اللبنانية، بالتعاون مع الولايات المتحدة والکيان الصهيوني، سيناريوهات جديدة لاتهام حزب الله بتهريب المخدرات، لتكثيف الحصار على لبنان بهذه الذريعة.
کذلك، استغلت السعودية هذه القضية العام الماضي في ذروة الأزمة الاقتصادية في لبنان، واتهمت حزب الله بتهريب المخدرات إلى الأراضي السعودية، وقالت إنها ستمنع استيراد وعبور الخضار والفواكه اللبنانية عبر الأراضي السعودية، إلى أن تتخذ الحكومة اللبنانية الإجراءات اللازمة لمكافحة تهريب المخدرات من أراضيها.
السعودية التي لا تتحمل الوجود القوي لحزب الله في لبنان ونفوذه في الهيئة السياسية والأمنية اللبنانية، ستلجأ إلى أي تكتيك لضرب هذه الحركة.
وإضافة إلى اعتبار حزب الله السبب الرئيسي للاضطرابات الاقتصادية والسياسية في لبنان، تسعى الرياض أيضًا إلى تشويه سمعة المقاومة وزيادة الضغط العالمي لمواجهة حزب الله، من خلال إطلاق مشروع تهريب المخدرات من لبنان إلى السعودية. وهذه السيناريوهات الفاشلة ستتوسع أکثر فأکثر بعد فوز حزب الله في الانتخابات اللبنانية.