الوقت- عاد من جديد موضوع جزيرتي تيران وصنافير إلى الواجهة هذه الأيام، حيث طفت على الساحة مؤخرًا أحاديث عن إتمام انتقال ملكية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية ليتم استخدام ذلك كستار لدفع المزيد من التطبيع العلني بين المملكة والكيان الصهيوني فـ"تيران وصنافير"، جزيرتان صغيرتا الحجم عظيمتا التأثير بموقع استراتيجي يصل البحر المتوسط بالبحر الأحمر، يُتيح موقعهما التحكم في حركة الملاحة الدولية وإغلاق الممر المائي الرابط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.وللجزيرتين أهمية استراتيجية ل"إسرائيل” كممر ملاحي وحيد لميناء إيلات جنوب البلاد.وقد مرّت الجزيرتان بمتغيرات سياسية، فكانتا تتبعان إداريًا للمملكة وعسكريًا لمصر. ولأهميتهما العظمى للكيان الصهيوني، أدّى منع الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر "للسفن الإسرائيلية" من المرور من مضيق تيران إلى اندلاع حرب 1967 واحتلالهما، لتتم إعادتهما للسيادة المصرية ضمن بنود اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.وفي نيسان/أبريل 2016، تم توقيع اتفاقية بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك سلمان تتنازل بموجبها مصر عن سيادة الجزيرتين للمملكة، ليقرّ البرلمان المصري في حزيران/يونيو 2017 الاتفاقية بصورة رسمية بعد جدل كبير.كان هدف السيسي الظاهري ضمان استمرار الدعم والتمويل له في ظل الوضع الاقتصادي الذي كانت تمر به حكومته.
من مصر إلى السعودية.. هل تكون جزيرتا تيران وصنافير مدخلاً للتطبيع
الاتفاقية بين مصر والسعودية حول نقل ملكية " تيران وصنافير " إلى السعودية كانت قبل سنوات وهنا يأتي السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه: لماذا لم يتم تنفيذ الاتفاق رغم مرور 5 أعوام على إقراره في ذلك الوقت ؟، والجواب لأن هناك طرفًا ثالثًا هو الكيان الصهيوني، ولا بد من تفاهمات جديدة معه، وفي الواقع الاتفاق لم يكن نقل ملكية الجزيرتين من مصر للسعودية، بقدر ما كان إنشاء وضع إقليمي جديد للجزيرتين والملاحة فيهما.
وفي هذا السياق فإن بنود الاتفاقية تقضي بإنهاء سيطرة مصر المنفردة على المياه الإقليمية في الممر المائي لمضيق تيران، وعدم تحويلها للسعودية ، بل جعلها مياهًا دولية تسمح بالملاحة الحرة دون تدخل أي طرف.بعبارة أخرى: لن يستطيع أحد منع الكيان الصهيوني مستقبلًا من الملاحة في المضيق الاستراتيجي. وللتاكيد فقد صرح من يدعى وزير "الدفاع الإسرائيلي "الأسبق موشيه يعلون لصحيفة “هآرتس” في نيسان/أبريل 2016 بأن “عبور إسرائيل من مضيق تيران تم تأمينه من خلال وثيقة وقعت عليها السعودية، تتعهد من خلالها بضمان حرية الملاحة الإسرائيلية”
تنفيذ اتفاقية الجزيرتين يتم لمصلحة الكيان الصهيوني
بالتأكيد، نقل سيادة الجزيرتين للسعودية سيؤدي للقاءات وتفاهمات جديدة ومستمرة مع الكيان الصهيوني، سيتبعها بالتأكيد خطوات سياسية أخرى، في ظل تسارع عجلة التطبيع في المملكة منذ قدوم ولي العهد محمد بن سلمان ما قد يمهّد لإعلانه رسميًا. ولكن… هناك ما هو أخطر من مجرّد التطبيع، إذ إن توقيت نقل ملكية الجزيرتين فعليًا جاء بعد لقاءات أمريكية سعودية لترميم العلاقة المتصدّعة بين ابن سلمان والرئيس الأمريكي جو بايدن.وانتهت تلك اللقاءات بإعلان زيارة بايدن للمملكة نهاية الشهر المقبل، مع مطالبته بإكمال نقل ملكية الجزيرتين قبل الزيارة. يلاحظ أن مطالب الكيان الصهيوني لم تقتصر على السماح بالملاحة الدولية، بل طالبت بالسماح لطائراتها باستخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية إلى الشرق الأقصى، والذي سيختصر وقت الرحلات بشكل كبير، وتدشين رحلات مباشرة إلى مطارات المملكة لنقل المسلمين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذا السياق فإن الرابح الأكبر من اتفاقية الجزيرتين ليست السعودية ولا مصر وإنما الكيان الصهيوني ، حيث انه من خلال الاتفاقية حول الجزيرتين، يبدو أن تنفيذ الاتفاقية هي جزء من صفقة بشقين:الأول: إصلاح العلاقات الأمريكية مع ابن سلمان والموافقة على توليه الحكم ،والثاني: تقديم تسهيلات للاحتلال الإسرائيلي في مضيق تيران واستخدام الأجواء السعودية وتفعيل الرحلات المباشرة للسعودية.
الصراع على سيادة تيران وصنافير
تسيطر جزيرتا تيران وصنافير على مضيق تيران. وهو ممر بحري استراتيجي إلى موانئ العقبة في الأردن وإيلات في الكيان الصهيوني. ويعد المنفذ الوحيد للملاحة الإسرائيلية على البحر الأحمر. ما يسمح بالشحن من وإلى أفريقيا وآسيا دون الحاجة إلى المرور عبر قناة السويس. وتستخدم سفن البحرية ا"لإسرائيلية" هذا الممر المائي للوصول إلى البحار المفتوحة، حيث تجري مناورات بحرية غير ممكنة في الحدود الضيقة لخليج العقبة.
وفي هذا السياق أوضح أحد النشطاء (فهد الغفيلي) إن مساحة جزيرتي تيران”65 كم ” وصنافير “33كم ويبعدان عن بعضهما 2كم ويتحكمان بالملاحة في خليج السويس وميناء ام الرشراش المحتلة” 1.5 كم” وميناء العقبة. وأضاف إن“إسرائيل” تريد نزعهما من السلاح وإنشاء قاعدة على تيران تؤجر ٩٩ عاما لها ،ونشر قوات أممية بالجزيرتين، وتطبيع السعودية العلاقات معها.
في الختام بعد تسارع خطوات التطبيع بين بعض الدول الخليجية وكيان العدو الصهيوني، ولا سيما بعد التطبيع الذي جرى بين كل من الامارات،البحرين والكيان الصهيوني خلال السنوات الماضية، والتي تحولتا الى قاعدة عسكرية متقدمة لكيان العدو، يتم الان الحديث حول التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني بشكل رسمي ومن خلال تقديم السعودية جزيرتي تيرا وصنافير للكيان الصهيوني مدخلاً للتطبيع، وفي هذا السياق يشير البعض إلى أن التطبيع مع بعض الدول الخليجية ما كان له أن يتم ويتطور على هذا المستوى وبهذه السرعة لو لم يكن يحظى برضى وموافقة ورعاية مملكة آل سعود منذ البداية ، فبغض النظر عن الموقف غير المعلن للسعودية في ذلك الوقت حول التطبيع الا أن الاحدث تكشف يوماً بعد آخر أن العلاقات السعودية الصهيونية ستظهر إلى العلن بشكل رسمي خلال الاشهر وربما الاسابيع القادمة.