الوقت- شنت المقاومة الفلسطينية، التي وسعت دائرة دعمها من قطاع غزة إلى كامل فلسطين المحتلة، هجمات على الکيان الصهيوني في القدس ومحيط قطاع غزة في أيار 2021، بعد تصاعد عدوان المحتلين والمستوطنين الصهاينة في القدس.
ومع رد الکيان الصهيوني على هذه الهجمات، تحولت هذه المواجهة إلى حرب استمرت 12 يومًا، وسميت المعركة بـ "سيف القدس". هجوم المقاومة هذا - الذي نفذ لأول مرة في فلسطين - خلق رادعًا جاداً في الأراضي المحتلة لمصلحة الفلسطينيين، وأصبح الأمر الآن مصدر قلق للصهاينة.
وفي الأيام التي أصبحت فيها المقاومة الفلسطينية أكثر جديةً من ذي قبل، يخشى الصهاينة من الصراع المتزامن داخل فلسطين على أربعة محاور، وهم يخططون ويتحركون حتى لا يواجهوا هذه المقاومة المتزامنة.
محور قطاع غزة
المحور الأول الذي يثير قلق الصهاينة بشدة هو قطاع غزة. يخضع قطاع غزة للسيطرة الكاملة للمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس منذ عام 2007.
خلال 15 عامًا من المقاومة في قطاع غزة، نمت وتطورت فصائل المقاومة في هذه المنطقة بشكل سريع، كماً ونوعاً، ومن حيث نوع الأسلحة والتدريبات.
والآن تمتلك فصائل المقاومة القدرة على الانخراط في الحرب الإلكترونية، وحرب الطائرات دون طيار، والهجمات الإلكترونية، وإطلاق الصواريخ بعيدة المدى، والصهاينة يهربون من الصراع مع المقاومة الفلسطينية.
في الأيام الأخيرة، أعرب عاموس يادلين، القائد السابق لجهاز الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني، عن ارتياحه لعدم صراع حكومة نفتالي بينيت مع قطاع غزة.
وبعد أن حاول يادلين تضخيم الرد الصاروخي الإسرائيلي على إطلاق حماس للصواريخ، أبدى ارتياحه لعدم وجود صراع جديد بين الکيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واصفاً إياه بأنه نظرة مستقبلية.
يدرك يادلين جيداً أن الدخول في حرب مع قطاع غزة يعني حرباً لا تعرف نهايتها، وهذا قد يؤدي إلى القضاء علی الصهاينة بشكل كامل.
واستشهد يادلين في تصريحاته بالمساعدات القطرية وفتح المعابر بين قطاع غزة والأراضي المحتلة وتصاريح العمل في الأراضي المحتلة للعمال الفلسطينيين في قطاع غزة وإعادة إعمار غزة، باعتبارها مزايا يمكن قطعها جميعًا إذا اندلعت حرب.
يجب أن تكون المقاومة يقظةً حتى لا يقيِّد الإسرائيليون فصائل المقاومة بهذه الأداة. إذ إنهم يحاولون استخدام هذه الأدوات لإخماد المقاومة في قطاع غزة. وعلى المقاومة أن تجعل هذه التنازلات غير فعالة، من خلال استبدالها بطرق أخرى لمساعدة أهالي قطاع غزة.
الضفة الغربية
بعد سبع سنوات من العملية الفردية الأولى في الضفة الغربية التي نفذها "مهند الحلبي" عام 2015، أصبح هذا النوع من العمليات الآن شكلاً من أشكال المقاومة الشعبية ضد المحتلين.
لقد تغير هذا النوع من المقاومة الآن من ثلاث نواحي. الأول أنه قد توسع وازداد عدده. ثانيًا، تحولت نوعيته من الأسلحة الباردة إلى الأسلحة النارية، وأحيانًا إلى الأسلحة الآلية. وثالثاً، امتدّ نطاقه الجغرافي من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
حالياً، زادت نقاط الصراع التي تعتبر نقاط خطر، وإلى جانب جنين والخليل ونابلس والقدس، أصبحت مدن فلسطينية أخرى مسرحًا لاشتباكات فلسطينية خطيرة مع الصهاينة، ولا بد من القول إن الضفة الغربية بأكملها مشتعلة.
وهذا جعل الصهاينة قلقين للغاية بشأن كيفية تعاملهم مع هذه العمليات إذا تزامنت مع هجمات المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة.
ذلك أن الصهاينة نشروا في الشهرين الماضيين ألوية عدة من ضمنها عناصر الاحتياط في الجيش مع تطور العمليات الفردية، والآن يمكن أن يؤدي تزامن هذه الهجمات إلى مأزق عدم كفاية القوات.
الأراضي المحتلة عام 1948
كانت أراضي 1948 إحدى نقاط الصراع الخطيرة في مايو 2021، لدرجة أن الصهاينة نقلوا العصابات الصهيونية المسلحة من الضفة الغربية إلى مناطق 1948، لمواجهة الحركة الاحتجاجية لفلسطينيي 1948.
في هذه الأيام، تشتعل مناطق عام 1948 أيضًا، ودعم الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق للمقاتلين الفلسطينيين أثار قلق الصهاينة، لأنهم يواجهون نقصاً في القوة في هذا الوضع الطبيعي، وقد يؤدي اشتعال مناطق عام 1948 إلى أزمة خطيرة بالنسبة لهم.
ذلك أن عصابات المستوطنين الصهاينة غير قادرة على مواجهة تحركات فلسطينيي 1948، وهي تخلق موجات من التطرف، تكون نتائجها أسوأ بكثير من المواجهة المرحلية لهذه العصابات مع هذه التحركات.
القدس والمسجد الأقصى
رأس الحربة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، هو المسجد الأقصى ومدينة القدس القديمة.
ما يحدث الآن في كل فلسطين من المقاومة، هو نتيجة ما حدث في القدس. فالقدس هي مركز القيادة لجميع الفلسطينيين وحتى العالم الإسلامي.
والآن، عشية يوم القدس، في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، أصبح المسجد الأقصى والقدس محط أنظار جميع المسلمين. وقد يحوِّل هذا الأمر الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 إلى بؤر ملتهبة.
في الوقت نفسه، ومع مشارکة الشعوب في مسيرات يوم القدس في دول أخرى، سيتم عزل الصهاينة والضغط عليهم في الساحتين الإقليمية والدولية.
ما يخشاه الصهاينة اليوم هو تطور ميدان النضال ضد الصهيونية والاحتلال داخل فلسطين، وهو في الوقت نفسه وضع الصهاينة على شفا الاحتراق بنار غضب المسلمين.
ويمكن للمسلمين أن يعتبروا هذا القلق كاستراتيجية، والتأكيد مرةً أخرى على أنه عندما يجتمع كل المسلمين وفلسطين كلها في آن واحد ضد المحتلين، فلن يتمكن أي حاجز من الوقوف في وجههم، وتكون نتيجة هذه الوحدة تحرير فلسطين.
وهذه قضية ليست بعيدةً عن عقل أحد هذه الأيام، وفي هذا الوضع يأمل كل المسلمين والأحرار في العالم أن يروا تحرير القدس وفلسطين في أسرع وقت ممكن.