الوقت- في ظل وجود علاقات قديمة بين تركيا والكيان الاسرائيلي، اضافة الى أن تركيا كانت أول دولة اسلامية تعترف باسرائيل كدول على الخارطة، لذلك فان العلاقات بين تلك الدولتين هي علاقات وطيدة.
فيما عمل "أردوغان" على توطيد هذه العلاقات بشكل أكبر، لذلك فهو الان يشد على يد أي شخص يتكلم أو يصدر قرارات لصالح اسرائيل، لهذا فقد قدّر "محمود عباس" عندما دعا الفلسطينيين لضبط النفس.
وفي هذا الصدد أجری موقع الوقت الاخباري التحليلي حوارا صحفيا مع أمين سر تحالف القوى الفلسطينية "ياسر المصري".
وفيما يلي نص المقابلة:
الوقت: أردوغان يقدّر محمود عباس لدعوته لضبط النفس الفلسطيني، هل موقف أردوغان لصالح الفلسطينيين؟
ياسر المصري: لا شك أن العلاقات التركية الاسرائيلية هي علاقات قديمة ومعروفة منذ عام 1949 عندما اعترفت تركيا بدولة الكيان الصهيوني، على قاعدة أن تركيا كانت الدولة الاسلامية الأولى التي اعترفت بالكيان الصهيوني.
وفي ذلك الوقت قام الزعماء الأتراك بتوطيد العلاقات مع اسرائيل، اضافة الى أن تلك العلاقات كانت متوارتة الى حد ما بمعنى أنه يمكن أن يترفع مستوى العلاقات السياسية أو ينخفض، وذلك حسب الظروف.
لكن في ظل وجود حزب العدالة والتنمية في الحكم من قبل أردوغان تطورت العلاقة مع أن "سليمان دميرل" و"اربكان" كان لهم علاقات اقتصادية واستراتيجية مهمة مع الكيان الصهيوني.
ويمكن القول بأن وجود أردوغان على رأس الحكم في تركيا أدى الى تطور العلاقات التركية الاسرائيلية، مع أن العلاقات شابها العديد من المفاصل السلبية في العلاقة، ولكن ممكن ان نقول بأن حجم التبادل التجاري الذي وصل في عام 2021 الى 5 مليارات دولار ما بين تركيا والكيان الصهيوني، وهذا يعتبر رقما كبيرا بالنسبة لدولة مثل تركيا، هذا جانب.
الوقت: لماذا اتفق أردوغان مع محمود عباس؟
ياسر المصري: يمكن القول إن تركيا التي حاولت سابقا أن يكون هناك تفاهم فلسطيني اسرائيلي وبنفس الوقت كانت هناك رؤية تركية فيما يتعلق بحسم الصراع العربي الصهيونی على قاعدة حل الدولتين وليس على أي قاعدة سياسية أخرى مثل حل الدولتين كما رآها بوش.
بنفس الوقت كان هناك موقف لافت من قبل تركيا عندما رفضت صفة القرن التي أعلنها ترامب، بمعنى أن هناك قضايا متعلقة بالموقف التركي التي اذا أردنا أن نراها بالجانب العام فهي جانب ايجابي، ولكن بالجانب الخاص عندما ندخل في اطار تفاصيل السياسة التركية نجد أن تركية تبحث عن دور لها على صعيد القضية الفلسطينية لأن الكل يعرف أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية للأمة العربية والاسلامية، اضافة الى حضورها على المستوى العالمي.
فكان لابد من أن تركب موجة القضية الفلسطينية من خلال الخلاف مع الكيان الصهيوني وخاصة ما جرى في مؤتمر دافوس عندما انسحب أردوغان منه وقال لـ"شمعون بيرس" بأنكم تقتلون الأطفال.
الوقت: ما أضرار هذا الطلب على الفلسطينيين؟
ياسر المصري: عندما شنت اسرائيل الحرب على تركيا في عام 2008 كانت هناك موقف جيد لتركيا، ما جعل الشعب الفلسطيني أصبح يرى بأن تلك القضية ممكن أن تشكل مرجعية على قاعدة المواقف التي اتخذها أردوغان.
ولكن الشعب الفلسطيني لم يكن يعرف أنه هناك خلفيات أخرى لأردوغان فيما يتعلق بقصة الزعامة الاسلامية والزعامة العثمانية وكل هذا جرى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
لكن عندما جرت تحولات المنطقة من خلال ما سمي الربيع العربي اتضح المشروع التركي بشكل كامل وخاصة فيما يتعلق بدور تركيا في سوريا واحتلالها جزءاً من الأراضي السورية شمال سوريا ودعمها للمظمات الارهابية من أجل اسقاط الدولة السورية، كل هذا كان واضحا.
اضافة الى دور تركيا في ليبيا وتونس العديد من الدول العربية الذي لم يكن دورا عاديا بل كان دورا تآمريا الى حد ما على الدول التي كانت في ذلك الوقت تحضن القضية الفلسطينية.
وفي الآونة الأخيرة عندما جرى الاتصال التركي من قبل اردوغان مع محمود عباس القائم على قاعدة ضبط النفس، نحن نتساءل هنا، من الذي عليه أن يضبط نفسه؟، المظلوم الذي دافع عن نفسه أم الظالم الذي يدفع بالحرب تجاه شعبنا الفسطيني، بما أن أدوات القتل جميعها موجودة لدى الكيان الصهيوني وليست موجودة لدى شعبنا الفلسطيني.
ونقول بأن محمود عباس ليس بعيدا عن السياسة التركية بكل الأحوال مع حل الدولتين واذا أردنا أن نكون أبعد من ذلك إذا تم التنازل الكلي عن أرض فلسطين ليس هناك مشكلة لمحمود عباس لأن الاشكالية التي تحاذي تركيا فيها محمود عباس، فقط على قاعدة أن هناك دائما موقف سياسي منسجم ما بين محمود عباس وأردوغان.
نقول بأن شعبنا الفلسطيني عندما يدافع عن القدس والخليل والشيخ جراح، لا يدافع فقط من اجل شعبنا الفلسطيني بل يدافع من اجل أمة عربية واسلامية وهذه مسألة طبيعية بأن يكون هو دائما في مقدمة الشعوب التي تناضل وتقاتل من أجل تحرير القدس وتحرير فلسطين.
الوقت: كيف يمكن لتيار المقاومة أن يواجه هذا الطلب المساوم؟
ياسر المصري: بالنسبة لمحور المقاومة ودوره في فضح السياسة التركية يجب أن يكون هناك موقف من محور المقاومة فيما يتعلق بالسياسة التركية التي تحاول أن تشكل بعداً براغماتياً فيما يتعلق بالعلاقة التركية الاسرائيلية.
ومن ناحية أخرى هم يقولون بأن العلاقات الاقتصادية شيء والعلاقات السياسية شيء آخر، لذلك نقول بأن محور المقاومة الذي دعم القضية الفلسطينة قولا وفعلا، وليس الأقوال والتصريحات كما يفعل أردوغان لأنه فعليا لم يقدم اي طلقة أو أي مساعدة مالية أو أي شيء للشعب الفلسطيني.
بينما محور المقاومة ومنه ايران التي ساهمت الى حد كبير في صناعة المقاومة الفلسطينية وتطورها، وحتى الصواريخ التي سقطت على رؤوس تل أبيب في العام الفائت خلال معركة سيف القدس.
وهذا كان دورا مميزا لايران أيضا دور مميز لسوريا في دعم محور المقاومة واحتضانها، ودور آخر ومهم جدا لحزب الله فيما يتعلق بتبنيه للقضية الفلسطينية.
أما فيما يتعلق بتركيا، ما هو الدور الذي تقوم به من أجل القضية الفلسطينية سوى التصريحات المتناقضة فيما يتعلق بالقضية، حتى وجود حماس في تركيا، والكل يعرف بان الجانب التركي يريد أن يستقبل حماس على قاعدة حصارها وليس من اجل أن تكون حرة وسيدة غزة وقادرة على المقاومة وداعمة للمقاومة.
هذا جانب أساسي فيما يتعلق بقصة حماس، فحماس تلجأ الى قطر والى تركيا، ولا أدري ما سبب اللجوء لهاتين الدولتين مع العلم أن الدولتين تعاديان الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن القضايا الانسانية التي يقومون بها مثل قطر التي تقدم مبلغا ماليا لقطاع غزة.
بينما الشعب الفلسطيني لا يريد أموالا ولا دعما انسانيا، بل يريد أن يكون هناك دعم في المقاومة له كما تقوم ايران وسوريا وحزب الله، فهذا جانب مهم فيما يتعلق بمحور المقاومة ودوره في ردع السياسة التركية التي تحاول ان تهيمن على القضية الفلسطنية بشكل أو بآخر.