الوقت- نتيجة لوجود أسماء كثيرة وأقلام مقاومة وحرة متاضمنة مع فلسطين الرازحة تحت نير الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ، يتحدث موقع “والاه” العبريّ، عن تأسيس وحدة استخباريّة إسرائيليّة جديدة باسم “imonitor”، تعمل على رصد ما تنشره وتصرّح به شخصيات إعلامية بارزة ومعروفة على الساحة الإعلاميّة، بينها رئيس مجلس إدارة قناة الميادين الإخباريّة، غسان بن جدو، ورئيس تحرير جريدة “رأي اليوم” الإلكترونيّة، عبد الباري عطوان، إضافة إلى مراسل قناة المنار اللبنانيّة، علي شعيب، ورئيس تحرير جريدة “الأخبار” اللبنانيّة، إبراهيم الأمين، في وقت يتعرض الصحفيون والسياسيون المناصرون لفلسطين لحملات إعلاميّة إسرائيليّة ربما تصل في بعض الحالات للملاحقة القضائيّة، وذلك في ظل تمادي قوات الاحتلال بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الأبرياء خاصة في هذا الأيام المباركة.
أهدافٌ خبيثة
في الوقت الذي يتصاعد فيه إجرام العدو الإسرائيليّ الوحشيّ بحق أبناء فلسطين وارتكابه أشنع الجنايات بدم بارد، يهدف الإسرائيليون من هذه الوحدة الجديدة إلى متابعة ورصد كل ما يُنشَر في وسائل الإعلام التي تواجه روايات الاحتلال وتحللها، وبالأخص الإعلاميون البارزون والمؤثّرون والناشطون في وسائل التواصل الاجتماعيّ، ويهدف هذا إلى البحث عن معلومة ربما يستثمرها الاحتلال لصالحه.
ومن ناحية أخرى، تحاول استخبارات العدو إرباك الأسماء الإعلامية البارز في التعاطي مع المعلومات، وكأنّها تود إرسال رسالة بأنّ وسائلكم الإعلاميّة أو انتم كإعلاميين مراقبون على مدار الساعة، الشيء الذي اعتبره البعض محاولة لجعل عنصر "الرقابة الذاتية" مسيطراً على التلك الأسماء البارزة أو مؤسساتهم، إلى حد يجعل الخطاب الإعلاميّ في حالة تراجع، بعد أن فضح خلال السنوات المنصرمة العديد من المؤامرات الإعلامية والسياسية.
ويرى البعض أنّ هذا القرار يأتي نتيجة فشل استخباريّ إسرائيليّ عميق، فيما يعتبر آخرون أنّه بمثابة "جرسَ إنذار" لمواكبة التطور التكنولوجيّ بصورة دائمة كأساس في مواجهة العدو الإسرائيليّ، أما بعض الصحفيين الإسرائيليين ييسيرون إلى أنّ تلك الشخصيات البارزة لها خبرتها الطويلة في العمل الصحافي، والتي تسمي المسميات بدقة، ما يعني أنّ وحدة الرصد الإسرائيليّة ستعاني بالفعل من محاولة "فكّ شيفرة تصريحاتهم".
ووفقاً للإعلام الإسرائيليّ، فإنّ شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للعدو تدرك من خلال مكتب يعمل على مدار الساعة ويراقب الشخصيات في العالم العربي أنّ وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، قد تحوي أحياناً جزءاً بسيطاً من الأحجية، لكنّه من وجهة نظرهم مطلوب لإكمال الصورة الكاملة لدى الصهاينة، حيث تقوم شعبة الاستخبارات في جيش العدو بمسح ملايين المكالمات الهاتفية والرسائل والصور يوميّاً لما يسمونهم "أعداء إسرائيل"، للتحذير من تشكيل التهديدات والهجمات، وكشف الأسرار، وفهم ما يحدث في الظل، ويعتقدون أنّ المعلومات الموجودة في الصحف، ومواقع الإنترنت، وقنوات التلفزيون، ومحطات إذاعية، وشبكات اجتماعية، قد توصل إليهم معلومات مهمة تُهدد كيان احتلالهم أو تجعله يستثمرها في مخططاته الإجراميّة.
بناء على ذلك، فإنّ قوات العدو من خلال عمليات الرصد والمراقبة المكثفة لوسائل الإعلام والشخصيات الهامة في العالم العربيّ، تحاول تعقب الناشطين الذين تصفهم تل أبيب بأنهم "إرهابيون كبار"، وكشف ما تسميه “معلومات ذهبية”، وذلك لسببين إما التحذير من هجمات ضد العدو، أو تنفيذ عمليات اغتيال ضد رموز المقاومة، حيث جرى في التسعينيات اغتيال الأمين العام للمقاومة اللبنانيّة "حزب الله"، عباس موسوي، جنوب لبنان، وإنّ الأمر الذي سهل تلك العملية الإجرامية وفقاً لما أشار إليه الموقع العبريّ هو شعبة الاستخبارات التي حصلت على معلومة من إحدى الصحف اللبنانيّة أعلنت فيه عزم الزعيم اللبنانيّ حضور حفل تأبين لأحد كبار المسؤولين المنطقة.
تكنولوجيا استخباريّة
يسعى العدو الإسرائيليّ من خلال موقع إخباري استخباريّ أو ما يمكن وصفه بتطبيق مخصَّص على الأجهزة الاتصاليّة العسكريّة المشفَّرة -والذي هو في مراحل الإطلاق حالياً- إلى تطوير جمع المعلومات الاستخبارية المرئية ومعالجتها وتحليلها وإنتاجها وفقاً للمعلومات التي كشفها الموقع العبريّ، بعد أن أُنشأ مكتب يعرف بـ “أينت” منذ سنوات ومهمته جعل صور الاستخبارات في متناول جيش الكيان والمستويات العليا في الدولة المزعومة وفي أيّ وقت.
وإنّ الموقع المذكور يعرض جميع المعلومات الاستخباراية في مختلف المجالات (النصوص والرسوم والصور والفيديوهات والوسائط الاستخبارية المتقدمة، والبودكاست و..) حيث صُمم “أينت” على شكل “غرفة أخبار استخباريّة”، لكن على عكس وسائل الإعلام العادية، فالمكتب تحت الأرض في مقر وزارة الأمن الصهيونيّ المعروفة هناك بـ “الكيريا” ومقرها في يافا (تل أبيب)، حيث يتكون من مجموعة من الغرف الصغيرة، لتم إنشاء مكتب الـimonitor، وهو مكتب الاستخبارات المرئية (OSINT) الذي يبني صورة استخبارية قائمة على وسائل الإعلام الكلاسيكيّة إضافة إلى الإعلام الإلكترونيّ، الشبكات الاجتماعية. وهدفها الأهم اكتشاف ما يجب نقله للقيادات الإسرائيليّة، وما يجب أرشفته في المكتب من بحر المعلومات المتوافر.
أيضاً إن الكوادر الإسرائيليّة مسؤولة عن معالجة الرسائل الإعلاميّة وتحليل الاتجاهات والمواقف في وسائل الإعلام العربية، ليتم نقل المهم منها على شكل معلومات استخبارية مصحوبة بالصور ومقاطع الفيديو إلى المستويات العليا في الكيان كرئيس الوزراء، ورئيس الأركان، ورؤساء المؤسسة الاستخباريّة، والمسؤولين ذو المناصب العليا، في يتتبع طاقم العمل في الوحدة الجديدة الشخصيات والناشطين الذين يعتبرون بنظر الإسرائيليين "إرهابيين"، إضافة إلى العمليات والاتجاهات والأهداف الميدانية والأسلحة.
وعلى سبيل المثال، وثّقت الصور المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي رئيس المكتب السياسي لحركةالمقاومة الإسلاميّة “حماس”، إسماعيل هنية، الذي يوجد خارج قطاع غزة الماصر منذ عدة أعوام بسبب عقوبات من الجانب المصريّ، إذ التقى مسؤولين بارزين في ما تُسمى "جامعة الدول العربية" وسياسيين في مطعم بحسب صورة في إحدى مدن الشرق الأوسط انتشرت من دون علمه على ما يبدو في وسائل التواصل الاجتماعي بعد انتهاء الاجتماعات من دون تحديد مكان وجودهم، لتصل الصور إلى مكتب “imonitor”، الذي تمكن باستخدام أدواته الاستخباريّة من تحديد اسم المطعم في بيروت، لينشر بعدها المتحدث باسم قوات العدو الإسرائيلي، أفيحاي أدرعي، عبر حسابه في “تويتر” أنّ صاحب المطعم اللبناني “يستضيف إرهابيين".