الوقت - حاول حوالي 2500 مهاجر، يوم الأربعاء الماضي، القفز على السياج الحدودي في مليلة المتمتعة بالحكم الذاتي، ونجح حوالي 500 منهم في القفز، في أكبر محاولة دخول حتى الآن.
والخميس، حاول حوالي 1200 شخص القفز إلى مليلية مرة أخرى، ونجح حوالي 350 في ذلك.
و الجمعة، أوقفت قوات الأمن المغربية؛ زحف مجموعة من المهاجرين كانوا يحاولون الاقتراب من محيط مليلية الحدودي، الذي يشهد عاصفة رياح قوية، مع هبوب رياح بلغت سرعتها 90 كيلومترا في الساعة، أدت إلى تفعيل التنبيه البرتقالي.
وتحدثت مصادر من مليلية، أن هذه المجموعة من المهاجرين قد رصدت حوالي الساعة العاشرة صباح الجمعة، من قبل قيادة الحرس المدني.
وعلى الرغم من أنهم كانوا على بعد مسافة من الحدود بين إسبانيا والمغرب في مليلية، إلا أن المهاجرين كانوا يقتربون من السياج الذي “طوقه الحرس المدني بالعديد من الدوريات في مناطق مختلفة، معززين بمروحية للمراقبة الجوية”، وفق ذات المصادر.
وتأتي محاولة الدخول الجديدة هذه، في وضح النهار، بعد ليلة من “الهدوء” تشهدها مليلية، عقب تعرضها لضغوط هجرة قوية في اليومين السابقين.
وقيَّم وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، القفزين الأخيرين فوق سور مليلية، إنها حقيقة مقلقة للغاية، حيث يبدو أن قوات الأمن المغربية لم تبذل قصارى جهدها لإيقافها.
رئيس الدبلوماسية الإسبانية، في مقابلة مع القناة الإسبانية “السادسة” (لا سيكستا)، شدد على ذلك بقوله “لقد أمضينا عدة أشهر دون حدوث هذا النوع من القفزات، وعندما كان هناك تعاون مع السلطات المغربية نجحوا في صدها ولم تصل إلى هذه الخطورة”.
وكشف الوزير بأنه “على اتصال بالسلطات المغربية لإعادة توجيه الأمور”، ومع ذلك، لم يحدد مستوى الحوار الذي يدور بينهما.
ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية "يوربا بريس" أن القلق يساور الحكومة الإسبانية، إذ اعتبرت أن ما حدث، الأربعاء والخميس، يعد أكبر هجوم من المهاجرين على السياج.
واتهمت الوكالة المغرب "باستخدام الهجرة مرة أخرى للضغط على إسبانيا بعد عشرة أشهر من حادث سبتة".
وأكد مسؤولون إن المحاولتين اتسمتا بمستوى غير عادي من العنف. وتم استدعاء تعزيزات أمنية لنشرها على طول الحدود.
وقالت مندوبة الحكومة الإسبانية في مليلية سابرينا عبد القادر للصحفيين إن "مستوى العنف الذي شاهدناه في محاولتي أمس واليوم ... لم يُشاهد من قبل". وأضافت في بيان أن 20 شرطيا أصيبوا بجروح أو تعرضوا لإصابات طفيفة.
ويشكل الجيبان الإسبانيان سبتة ومليلية الحدود البرية الوحيدة لأوروبا مع إفريقيا، ويتدفق عليهما عدد كبير من المهاجرين.
ويحيط بالمدينتين سياج من ثلاثة مستويات بأسلاك شائكة، يصل ارتفاعه في بعض المواقع إلى عشرة أمتار، ويمتد على مسافة 12 كيلومترا بالنسبة لمليلية، فضلا عن كاميرات مراقبة.
وقالت وكالة الأنباء الإسبانية إن خطوة وزارة الداخلية الإسبانية إرسال حوالي 90 عنصرا من الحرس المدني والشرطة الوطنية يدل على حساسية الوضع على الحدود مع المغرب.
ويأتي الحادث في وقت لا تزال فيه الحكومة الإسبانية عاجزة عن إعادة العلاقات مع المغرب منذ الأزمة التي تسبب فيها استقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، للعلاج في أبريل الماضي، بحسب الوكالة.
وتشير الوكالة إلى أن الأزمة لاتزال مستمرة رغم تدخل الملك الإسباني فيليب السادس، ورغم ترديد رئيس الحكومة الإسبانية ووزير خارجيته أن "المغرب شريك استراتيجي لإسبانيا".
وتقول المحللة المغربية، شريفة لومير، حدث تسلل المهاجرين الأفارقة ليس بالحدث الجديد، لذلك فمن السابق لآوانه إصدار اتهامات للمغرب في هذا الشأن خاصة أنه لا يمكن الاستهانة بالدور الكبير الذي يبذله المغرب بهذا الخصوص وكذا في صدد التعاون بين المملكة المغربية وإسبانيا".
وتنقل "يوربا بريس" أن الأدلة القادمة من الجانب الآخر من المضيق لا تبدو متوافقة مع تقوله الحكومة الإسبانية عن العلاقات مع المغرب.
لكن المحللة شريفة لومير ترى أنه منذ الأزمة عرفت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية في أفق عودتها إلى ما كانت عليه في السابق".
وأضافت لومير "الإسراع في الخروج باتهامات خاصة من طرف الإعلام الإسباني من شأنه أن يعيد التوتر بين المغرب و إسبانيا".
بدوره، يقول أستاذ العلوم الدستورية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لرزق، إن تقارير الإعلام الإسباني تدخل في إطار " أجندة للضغط على المغرب". والهدف بحسب لرزق "حشد الاتحاد الأوروبي ضد المغرب".بحسب تعبيره.
وتقول الوكالة إن الرباط لم تخف رغبتها في تغيير إسبانيا لموقفها بشأن قضية الصحراء الغربية والاعتراف بسيادة الرباط عليها كما فعلت الولايات المتحدة العام الماضي في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
وتشير الوكالة إلى أن ما حدث، الأربعاء والخميس، أثار الدهشة في إسبانيا، بعد إقرار مدريد في وقت سابق بتعاون الرباط في مكافحة الهجرة غير الشرعية، إذ منعت للسلطات المغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية هجوما من أكثر 1000 مهاجر على السياج.
وتأتي هذه العملية بعد أقل من عام على أزمة تدفق استثنائي لنحو عشرة آلاف مهاجر معظمهم مغاربة، على مدينة سبتة بينهم كثير من القاصرين، مستغلين ما وصف بأنه تراخ في مراقبة الحدود من الجانب المغربي.
وجاء تدفق المهاجرين في سياق أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين بسبب استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية إبراهيم غالي للعلاج. وبررت مدريد هذه الاستضافة "بأسباب إنسانية"، في حين تؤكد الرباط أن غالي دخل إسبانيا آتيا من الجزائر "بوثائق مزورة وهوية منتحلة" وتطالب "بتحقيق شفاف".