الوقت- بعد مرور أكثر من أسبوع على بدء العمليات العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا، نشهد تجسيدًا جديدًا للمعايير المزدوجة للغرب في مواجهة الأزمات الدولية. وحتى أن العديد من المراقبين السياسيين قد استشهدوا بالتغطية الأوروبية والأمريكية للحرب الأخيرة في أوكرانيا كبداية لمرحلة جديدة في الحرب الإعلامية. وهذا في وقت كان الغربيون يتصرفون فيه بشكل مختلف في مواجهة الأزمات الدولية على مدى العقود الماضية، وخاصة في السنوات الأخيرة. ولمعالجة هذه القضية، يكفي النظر في المعيار المزدوج للغرب في التعامل مع الحرب في اليمن والحرب في أوكرانيا.
التمثيل المزدوج لوسائل الإعلام الغربية للحرب اليمنية والأوكرانية
على المستوى الأكثر أهمية، يمكن النظر إلى السلوك المزدوج للغربيين في نوع تمثيل الوسائط المزدوجة، أنه منذ بداية عملية بوتين العسكرية على أوكرانيا، تم توفير تغطية خاصة للأزمة الأوكرانية. وفي الأيام الأولى، أصمت صرخة وسائل الإعلام الغربية آذان العالم لتظهر للجميع أن هناك كارثة إنسانية كبيرة تحدث في هذا البلد. ولقد شنوا حربًا إعلامية موحدة ومنسقة ضد موسكو، من خلال إظهار روسيا على أنها المعتدية.
كذلك، تحاول وسائل الإعلام الغربية المختلفة تصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه شخص شرير وغامض وديكتاتور، والتأكيد على أنه استهدف المدنيين عسكريًا. وحتى أن العديد من وسائل الإعلام الغربية، من المواقع الرسمية إلى نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الرسمية، نشرت كميات هائلة من المعلومات المضللة ومقاطع الفيديو ومقاطع الفيديو المزيفة التي يُزعم حدوثها في أوكرانيا، لكن التحقيق كشف أن هذه الأحداث وقعت من ألعاب الكمبيوتر أو منذ سنوات في أجزاء أخرى من العالم.
والغريب في الامر أن هذه الضوضاء الاعلامية الغربية قامت بتجاهل الأزمة في اليمن على نطاق واسع منذ بداية الاحتجاجات الشعبية ضد الدكتاتور "علي عبد الله صالح" حتى اليوم (2022)، أو بعبارة أخرى يمكن القول أن وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية لا تريد أن تظهر الأزمة في هذا البلد. ولقد اشتد هذا الاتجاه حتى بعد دخول السعوديين الحرب اليمنية في آذار (مارس) 2015، وقلما قامت وسائل إعلام متنوعة بتشويه صورة المملكة العربية السعودية وقادتها من خلال تصوير الكوارث الإنسانية والجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن.
في الواقع، لقد حدثت أكبر أزمة إنسانية في العالم في اليمن في السنوات منذ 2015 وحتى الان، بعد بدء الهجمات الجوية والبرية من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لكن وسائل الإعلام الغربية التزمت الصمت إلى حد كبير بشأن تصويرها المخادع للأزمة. وعلى الرغم من أن منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ومؤسسات السلام المستقلة والخاصة في مختلف البلدان قد أبلغت عن الكارثة والأزمة الإنسانية في اليمن، إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية المختلفة مثل BBC و Fox News و Cyanan و The Guardian و Franz24 و ... لم يغطوا هذا الموضوع كثيراً، أو بعبارة أخرى، كرّسوا بضع دقائق لتغطية الأزمة اليمنية.
في الواقع، لا تولي وسائل الإعلام الغربية الكثير من الاهتمام لعمق الكارثة الإنسانية وجرائم النظام السعودي وحلفائه الآخرين في هذه الأزمة. وفي هذا الصدد، فإن الريالات السعودية لها أهمية كبيرة بالتأكيد في إقناع وإغراء وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية. بشكل عام، على عكس حرب أوكرانيا، في حالة عدوان الجبهة العربية على الشعب اليمني المظلوم، على عكس تصوير بوتين كشخص شرير، لا يوجد ذكر لتصوير محمد بن سلمان ومحمد بن زايد على أنهما مكروهين وشخصيات شريرة. في الأساس، لم يكن هناك رد فعل كبير من وسائل الإعلام على القتل اليومي للمواطنين اليمنيين المضطهدين، والتفجيرات الوحشية لتحالف العدوان في مناطق مختلفة من اليمن.
تنامي روح الفاشية والعنصرية في الغرب
إضافة إلى المعيار المزدوج للغرب في تمثيل وتغطية الحرب الأوكرانية واليمنية، وفي الأيام التي أعقبت بدء العملية الروسية العسكرية، يمكن رؤية روح العنصرية والفاشية بوضوح في التغطية الإعلامية الغربية وكذلك في رأي خبراء الإعلام الغربي. حيث يتم تمثيل عملية التقارير والتحليلات الاخبارية كما لو أن دماء الأوكرانيين أغلى من حياة اليمنيين. وعلى سبيل المثال، أكد محلل كندي لـ CBC NEWS في تصريح له: "بكل احترام، هذه ليست (أفغانستان) أفغانستان أو العراق حيث كانت هناك عقود من الصراع. هؤلاء (الأوكرانيون) هم أناس متحضرون "نسبيًا" ولم يعتادوا على الحرب وهذه الحرب ستنتهي سريعا. نحن في القرن الحادي والعشرين وفي مدينة أوروبية، ولكن هنا، كما في أفغانستان والعراق، تتعرض لهجوم بصواريخ كروز ". وفي مثال آخر، قال خبير في الـ"بي بي سي" في بيان عنصري: "أرى بأم عيني أن أوروبيين يقتلون بعيون زرقاء وشعر أشقر. الاطفال يموتون يوميا بصواريخ بوتين ".
السياسيون الغربيون يتفاعلون مع حرب أوكرانيا ويتجاهلون مآسي الحرب اليمنية
بالإضافة إلى الإعلام والمراقبين، فعلى مستوى السياسيين الرسميين والحكوميين، فقد شهدنا انهيار الحكومات الغربية في مواجهة أزمتي أوكرانيا واليمن. وعلى مدار الأسبوع الماضي، انتقد رؤساء الدول ومختلف أعضاء الوزارات الحكومية والمؤسسات السياسية الغربية مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشدة العمليات الخاصة لروسيا ولم يتخلوا عن أي إجراء ضد روسيا ولا سيما الضغط السياسي، والعقوبات، وتسليح الجيش الأوكراني، وقطع وصول البنوك الروسية، وتقديم المساعدة المالية إلى كييف ومحاولة تمرير قرار مناهض لروسيا في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وحتى على صعيد آخر، قاطع الغربيون الاتحاد الروسي والبيلاروسي من خلال استغلال هيمنتهم على المؤسسات الرياضية الدولية في مختلف الألعاب الرياضية. ويشار إلى أن كل هذه الإجراءات تهدف إلى إدانة الغزو الروسي وما يسمى بمواجهة عدوان موسكو، لكن هذا الوضع في وضع يغض فيه السياسيون الغربيون أعينهم منذ سنوات عن عدوان وجرائم السعوديين في اليمن.
إن الادانات النارية التي تلقتها روسيا من دول العالم بسبب حربها على اوكرانيا مازالت متواصلة مصحوبة بحزم من العقوبات، بذريعة انه ليس من حق روسيا الهجوم على اوكرانيا وتنفيذ عمليات عسكرية داخلها مكتفين بالكلام دون القيام باي خطوة في سبيل الدفاع عن حليفهم الاوكراني. رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأمام التضامن التي نالته اوكرانيا جراء الهجوم الروسي على اراضيها، استذكروا ونددوا بصمت الدول الغربية وامريكا والدول العربية عن ما يعانيه الشعب اليمني من حرب عبثية تقودها السعودية والامارات وما تقوم به مجازر بحق الاطفال والنساء وكبار السن ومن تدمير للبنى التحتية بالاضافة الى حصارها البلاد منذ سنوات حرمت اليمنيين من الطعام والشراب ومن ابسط متطالبات الحياة.
وكتبت "sohahznsrlh" في تغريدة لها "هذا العالم الظالم والمنافق يشرع ويساند الحرب على الشعب اليمني ولا يرف له جفن عند رؤية اجساد الاطفال ممزقة ومضرجة بالدماء لان العنصرية متجزرة في عروقه والدم العربي عنده لا يستحق الحزن والتعاطف #حرب_روسيا_أوكرانيا #حرب_اليمن_عبثية". بدوره قال "Ahmed Aliraqi" في تغريدة له "عالم منافق بين اوكرانيا واليمن في اوكرانيا غزو وفي اليمن تحرير في غزو اوكرانيا العالم يحتج وفي غزو اليمن يصم آذانه في اوكرانيا أطفالها يتعرضون للرعب رغم انهم لم يتعرضو لاطلاقه واحده واطفال اليمن يتعرضون للموت بالجمله امريكا والغرب والعرب يتباكون لأوكرانيا اما اليمن لايبكيها أحد". ونختم الموضوع مع تغريدة "ibrahim al-shami" التي قال فيها "روسيا وهي تشن هجوماً على أوكرانيا لا تقصف منزل المدنيين والمستشفيات والمدارس والأسواق وصالات الأعراس ودور المكفوفين ولا تستهدف الطرقات والجسور والموانئ ولا تحرق المصانع والمزارع ولا تمنع الغذاء والدواء والمشتقات النفطية من الوصول للمدنيين كما يفعل الحلف اللعين في عدوانه على اليمن".