الوقت_ بعد أن دعم الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، العدو الصهيونيّ الغاصب في نهجه الاحتلاليّ والعنصريّ بشكل لا متناهٍ وفي ملفات كثيرة، قال ترامب أن "رئيس وزراء العدو السابق، بنيامين نتنياهو، كان يمثل عقبة أمام ما تُسمى "خطة السلام"، على عكس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي كان يرغب في ذلك"، حيث إنّ اتفاقات الخيانة والعار التي قامت بها بعض الدول العربيّة مع العدو الصهيونيّ بإجبار من أميركا ترامب استغلت ما تزعم أنّها "عمليات سلام"، لتطبيق "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس عباس، البدء بإجراء مفاوضات "ترسيم الحدود" على حدود عام 1967 مع الإسرائيليين، وسيطرح تلك القضيّة على وزير الحرب في حكومة العدو، بيني غانتس.
بلسان عبريّ، وعلى وسائل الإعلام الصهيونيّة يعترف الإسرائيليون دائماً بعدم رغبتهم بالسلام مع الفلسطينيين، والدليل هو الواقع الذي يفرضه العدو في العاصمة الفلسطينيّة المحتلة القدس وحصار قطاع غزة وجرائمه الشنيعة، في مخالفة واضحة للشرعيّة الدوليّة، بل يمارس نشاطاته الاستيطانيّة بشكل أخطر وأوسع، يضاف إلى ذلك ما ذكره موقع "واللا" العبريّ نقلاً عن الصحفي الإسرائيليّ، باراك رافيد، الذي نشر كتاباً بعنوان "سلام ترامب: الاتفاقيات الإبراهيميّة والثورة في الشرق الأوسط"، كشف فيه أن الرئيس الأمريكيّ السابق هاجم بقوة رئيس الوزراء السابق نتنياهو، لكونه "لم يكن مستعدا للسلام"، بينما تفيد وسائل إعلام عربية نقلا عن مصادر مطلعة، أنّ الرئيس الفلسطيني سيطرح على وزير الحرب اجراء مفاوضات لترسيم الحدود رغم كل النفاق الصهيونيّ على مدى أعوام طويلة.
ورغم أنّ محمود عباس اعترف مراراً أنّ الكيان الصهيونيّ "دمر ما تبقى من عملية السلام"، إلا أنّه وفي الوقت نفسه سيلتقي غانتس الأسبوع المقبل في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، لإجراء مباحثات في قضايا مهمة، بعد أن اقترح على أمريكا ومصر والأردن وأطراف أخرى، أن يبدأ الجانبان الفلسطينيّ والصهيونيّ مفاوضات فورية لـ "ترسيم الحدود" التي ابتدعها الدعم العسكريّ والسياسيّ والاقتصاديّ للعدو المُستبد من الإدارات الأمريكيّة والغرب منذ نشأة الدولة المزعومة في 14 أيار 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين.
وفي ظل المعلومات التي تؤكّد أنّ الإسرائيليين ليسوا راغبين بإنها الاحتلال أو الوصول للسلام الذي يتحدث عن بعض، وبالأخص ما ذكره دونالد ترامب حول أنّ نتنياهو كان متحفظاً على القيام بأيّ محادثات في هذا الإطار، وفضل التريث وعدم التسرع في التعامل مع القضية، يُصر الرئيس الفلسطينيّ على أنّ إجراءات بناء الثقة ودعم السلطة ليست بديلاً بأيّ حال من الأحوال عن مفاوضات سياسيّة، وإنه سيضطر فعلاً إلى اتخاذ إجراءات، إذا لم تنخرط الحكومة الصهيونيّة في مثل هذه المفاوضات، وعادة ما يتفاعل عباس بحدة في مثل هذه المواقف، ولكنه يتراجع بسهولة عنها، وقد اعتدنا على ذلك، ولا بد أن تتخذ السلطة الفلسطينيّة موقفاً واقعيّاً وصارماً إزاء القضايا المصيريّة، لضمان حقوق الشعب الفلسطينيّ في زمن الخيانة العلنيّة.
"لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه، ولا مبرر لبقاء السلطة بهذه الطريقة"، عبارة صحيحة قالها عباس، لكن لا ينبغي أن تكون مبرراً للوقوع مجدداً بالفخ الأمريكيّ والإسرائيليّ الذي يهدف إلى إنهاء القضيّة الفلسطينيّة من خلال الاستمرار في "خطيئة التطبيع" وتوقيع اتفاقية العار مع العدو الصهيونيّ وبالتالي محاولة تغيير اتجاه التاريخ، وعى السلطة الفلسطينيّة أن تتذكر مبررات "اتفاق الاستسلام" التي ادعت لأشهر أنّ ذلك سيسهم في إيجاد حل للصراع الفلسطينيّ مع العدو الصهيونيّ لكن الهدف الأول والأخير لهم هو محاولة "تصفيّة قضية الشعب العربيّ والفلسطينيّ".
والمشكلة بالفعل، أنّ حكومة رام الله التي يتعامل معها العدو بإذلال، رغم أنّها فتحت كل أبواب التعاون مع تل أبيب واستخدمت جميع الأساليب الإجراميّة ضد شعبها، ما زالت تستجدي الكيان الباغي لأنّها تعتبر مقاومته أمراً خاطئاً، وتعلن دوماً استمرارها في استخدام منهج الخنوع الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة والاستحقار أمام الصهاينة، حيث إنّ عباس لا يمكن أن يجني من الشوك العنب، والدليل أين الفائدة من العلاقات الأمنيّة مع القيادات الصهيونيّة مقابل وقوفها في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة التطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد.
في الختام، من الضروري أن يقرأ محمود عباس نص إعلان الدولة الصهيونيّة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
أيضاً، يجب أن تقوم السلطة الفلسطينيّة بالتوقف عن هراء الاستسلام، فهل سمعتم عن محتل اندحر عن أرض اغتصبها بالتنديد والتنسيق والسلام؟، في الوقت الذي لا يكف فيه جنود الاحتلال المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وبما أنَّ التحرر من استعباد المحتل لا يكون إلا بالمقاومة، بالاستناد إلى قاعدة "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها"، لابد من دعم المقاومين وقطع العلاقات مع الأعداء بعد أن خذلت حكومة رام الله الشعب الفلسطينيّ وأعادت غرز خنجر الحقد الصهيونيّ والخيانة العربيّة في ظهر قضيّتهم من خلال تنسيقها الكبير مع الأجهزة الأمنيّة التابعة للعدو لمنع إطلاق يد المقاومة وعرقلتها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، ومنع توجيه البنادق باتجاه العصابات الصهيونيّة المعتدية، ثأراً لدماء شهداء فلسطين ونصرة لها.